المحتوى الرئيسى

لا تحملوا عربة التظاهرات اكثر من طاقتها بقلم:علي الكاش

03/20 21:52

لا تحملوا عربة التظاهرات اكثر من طاقتها علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي التظاهرات الأخيرة التي القت بظلالها على الشارع العراقي تحتاج لأكثر من محطة للتوقف عندها نعيد النظر في المحطة السابقة ونستحضر للمحطة القادمة! فقد كانت التظاهرات أشبه بعربة حملت فوق طاقتها فلا هي وصلت إلى مبتغاها ولا هي تنحت جنبا عن الطريق بإنتظار تكامل الوعي الجماهيري لتنطلق بقوة وسرعة لهدفها! ولاشك إن إجهاضها السريع يؤكد بإن الإستحضارات الشعبية كانت دون المستوى المطلوب في حين كانت إستحضارات الحكومة فوق المستوى المعقول. حيث كشفت قوة إستعددات المالكي للحفاظ على مركزه، وأفكاره الديمقراطية الهزيلة في معالجة ردود أفعال الشعب ضد سياسته الهوجاء. فقد أثبت المالكي من خلالها بأن لحمه مرً وليس من السهولة هضمه. عندما خاطب المالكي رؤساء عشائر الجنوب بأنه سوف لا يتنازل عن السلطة ومد يده الأخطبوطية لسلة أياد علاوي وأخذ ثماره بخفة النشالين. وإكد رفيق دربه الضال الملة خضير الخزاعي- المرشح كنائب للمالكي نظير خدماته الكبرى للخامنئي- بأن الشعب العراقي لو ثار كله لما حصل على مراده! كل هذا يعكس حقيقة واحدة: إن المالكي قد أعد كامل عدته لساعة الصفر وهو على أهبة الإستعداد للمنازلة والمواجهة. وأسلحة المالكي مختلفة الأنواع والأحجام والقوة، فمنها الثقيلة المتمثلة في القوات العسكرية والشرطة والأجهزة الأمنية، وتضم كذلك سلاح المرجعية الدينية ومدافعها الثقيلة الاربع في النجف. والأسلحة المتوسطة المتمثلة بالميليشيات المرتبطة بالأحزاب الحاكمة. وأخيرا الأسلحة الخفيفة المتمثلة بجوق الصحفيين والإعلاميين المأجورين الباحثين تحت طاولة المسئولين عن فتات الإمتيازات والإكراميات. لذلك شهدنا إستحضارات حربية وليست مدنية تفوق التصور لمواجهة المتظاهرين العزل. وكم كان بودنا لو هيأ المالكي هكذا إستحضارات لإسترجاع احدى آبار نفطنا المغتصبة من دول الجوار أو للدفاع عن سيادة العراق الملثومة. اليس من الغرائب ان لا يتعدى عدد المتظاهرين بضعة آلاف بمواجهة أكثر من ربع مليون من الجنود والشرطة والقوات الأمنية وأخرى مجهولة مرتبطة برئيس الوزراء فقط لا نعرف عددها، ومهامها، وكيف ومن يدفع رواتبهم؟ أما حديث المالكي عن المائة يوم لتحسين صورة حكومته المشوهة فهو واحد من أثنين أما ان المالكي مخبول لا يع ما يقول! أو انه رجل يؤمن بالسحر والمعجزات غير الإلهية. وإلا فإن الجواب على تخاريفه ذكره وزيره هادي العامري (قائد فيلق بدر الإرهابي) عندما همس في إذنه خلال جلسة برلمانية هذا الشهر" لا تغرقنا معك"! وكذلك في أجابه المتظاهرين بهتافهم" كذاب كذاب نوري المالكي". عشرا المهلة إنتهت وسيليها العشر الثالث ودواليك حتى تنتهي الفترة دون أن يتمكن المالكي من تحقيق أوهامه المريضة. فمن عجز عن حل مشكلة واحدة من المشاكل المتراكمة خلال السنوات الماضية لا يمكن خلال (100) من حلً أي منها لو ضاعف المهلة عشرات الأضعاف؟ كما أن الوزراء ونوابهم والمدراء العامين من الفاسدين والمزورين مازلوا في مناصبهم! فكيف يحقق المالكي تغيرات جذرية في ظل هذه الظروف؟ وأخيرا هل يرتجى أملا من كذاب؟ من البديهي أن يلتف المالكي قبل إنقضاء المدة على وعده المشئوم ويخرج من عنق الزجاجة بطريقه سهلة، فهو كما عودنا يستهين بعقول العراقيين ويسخر منهم. بعد أحداث تونس ومصر وليبيا والبحرين وغيرها من البلدان المرشحة لتطورات قادمة فأن مرتبة العراق كما تدل المؤشرات ستكون في ذيل تلك الدول! حتى الدول الهادئة نسبيا في الوقت الحاضر من الممكن أن تتصاعد فيها أبخرة الغضب الشعبي ويبدأ بركانها بالتفاعل الشعبي قبل العراق. والآلاف القليلة التي خرجت في التظاهرات السابقة خير مؤشر على عدم الجدية والرغبة في التغيير، اكثرية العراقيين مصرين في رهانهم على وصول الفرس العرجاء إلى نهاية السباق، وفق حسابات طائفية معروفة للجميع. المتظاهرون لا يرغبون بتغيير الحكم الفاسد وإنما إصلاحه! بمعنى إنه ليست لديهم مشكلة ببقاء النظام وغربانه السوداء فيما لو أصلح نفسه! وهل يصلح العطار ما أقسده الدهر؟ ثم كيف ومتى؟ وهل يرتجى ذلك من نظام فاسد من رأسه حتى أخمص قدميه؟ الموقف الإصلاحي من الحكومة هو ذات الموقف الذي اتخذه التيار الصدري إتجاه التظاهرات, ولكن هذا التيار مواقفه غريبة و غالبا ما تكون متهورة رغم المحاولات الفاشلة لترقيعها من قبل منظري التيار وهذا عهدنا بهم! فالتيار يرفض المشاركة في التظاهرات ويحرمها رغم إنها تنادي بنفس مطالبه! فلماذا هذه الازدواجية ؟ ولو أفترضنا جدلا إن النظام أصلح نفسه بنفسه! فكيف تتم معالجة أخطاء الماضي والأروح التي زهقت والثروات التي نهبت؟ هل نغض النظر عنها وفق مبدأ عفا لله عما سلف كما جرى في إعفاء المزورين من جرائمهم المخلة بالشرف؟ وهل هذا الموقف صحيح من الناحية الشرعية والدستورية والاخلاقية؟ العراقيون بكل صراحة غير مهيأين في الوقت الحاضر للتفاعل مع معاناتهم بصورة جدية أو لوضع حد لها، كما جرى في مصر وتونس وليبيا. فمآسي تلك الشعوب الشقيقة تكاد أن لا تقارن بمعاناة العراقيين ولكن الشعب العراقي لم يثور على الطغاة لأنهم صنيعته ومن إنتاج اصابعه البنفسجية, فهم من فرعنوا المالكي عليهم وإنتخبو جلاديهم. وهم غير راغبين بتغيير جلاديهم لغاية في قلب يعقوب! لاشك أن من ينتخب المجرمين واللصوص والمزورين والإرهابيين كزعماء له فإنه مشارك لهم في الجريمة. والإنتخاب قانون والقانون لا يحمي المغفلين. ربما السادية وتعذيب النفس ليست حالة فردية كما يقول علماء النفس وإنما ظاهرة إجتماعية! ولدينا نموذج عملي في مراسيم عاشوراء، رحم لله علامتنا على الوردي، فمثل هذا الإنتخابات كانت ستثير لعابه البحثي. عندما يتبجح المالكي ووزرائه النصابين وعدد من النواب النيام بأنهم جاءوا عبر صناديق الإقتراع، وأن الشعب إنتخبهم ولا يجوز الإنقلاب عليهم. فإنهم لم يجانبوا هذه الحقيقة. أما أن يبدي البعض ندمهم ويصبوا جام غضبهم على تلويث أصابعهم بالحبر قبل بضعة أشهر! فإنها تنهيدة غير معقولة وحسرة في غير مكانها وندم باهت لاتؤخذ منه العبرة. فالذي يندم على ما أقترفه من ذنب بحق شعبه يفترض أن يطالب بالتغيير وليس بالإصلاح! فبدلة الحكومة رثة وبالية لا يفيد معها الترقيع. الإنتخابات الماضية كانت جريمة بحق الديمقراطية وفق كل المقاييس، ومن يدعي إن للديمقراطية هامش خسارة فإنه يضحك على نفسه. أعطني مثال على شعب قدم اكثر من مليون شهيد ونهبت منه مئات المليارات وقدم اربعة مليون يتيم ومليون أرملة ومليوني مهجر في الخارج ومثلهم في الداخل علاوة على الأمراض الإجتماعية من فقر ومرض وجوع وفساد مالي وإداري وأخلاقي كثمن لديمقراطيته؟ لا توجد ديمقراطية ثمارها عفنة كديمقراطية العراق في كل دول العالم؟ نقولها بمرارة حادة بإنه حتى لو ألغيت الإنتخابات السابقة وأجريت إنتخابات جديدة كما يطالب النادمون فأن نفس الوجوه الحالية سوف تنتخب! لسبب معروف وهو التأثير القوي الذي تمارسه المرجعية ورجال الدين على المواطنين بنوازع طائفية فهو أشبه بالتنويم المغناطيسي. إضافة إلى إنتشار الجهل والأمية وقلة الوعي الجمعي. ولو تمحصنا قليلا في طبيعة المتظاهرين سنفرز ظاهرة مهمة: من هم الذين خرجوا في تلك التظاهرات؟ بالتأكيد إنهم ليسوا من التيار الصدري لأن زعيمه تمخض فكره الشاحب بمنح المالكي "الكذاب" -على حد تعبيره وليست الصفة مكرمة منا- مهلة مقرونة بإستفتاء مثير للسخرية لمدة إسبوع سماه" إسبوع صوت الشعب". من جملة ماورد في الإستفتاء الهزيل " ما هو رأيكم بالخدمات الحياتية"؟ برًبكم هل هذا لغز؟ وهل يحتاج فعلا إلى جواب؟ وسؤال أتفه من سابقه "هل ترغبون بتوجه طلبا للحكومة لتحسين الخدمات"؟ حسنا! وكيف سيكون الأمر لو لم يقدم الشعب طلبا؟ هل الأمر يتعلق بطلب وجبة غداء أم مصير وطن؟ يلاحظ إن الإستبيان ذو هدف خبيث غرضه تهدئة الشارع وإمتصاص نقمة الناس، من خلال مهلة زمنية تمكن الأحزاب الحاكمة من إعادة النظر في أوراقها دون أن تقدم أية منجزات تذكر للشعب. من الصعب فهم كيف يثق الصدر برجل وصفه بالكذاب؟ اللهم إلا إذا كان من نفس صنفه وهذا قاسم مشترك بين الزعيمين أثبتنته التجارب السابقة. والأنكى من هذا كله ما أعلنه النائب الصدري في جواد الحسناوي مؤكدا" ضعف أداء المالكي وكثرة إخفاقاته، حيث يوجد أكثر من (4000) فاسدا في الحكومة يحميهم المالكي نفسه, ويوجد في الأمانة العامة لمجلس الوزراء(3000) شخص يحملون شهاداتت مزورة وهم أيضا محميين من رئيس الوزراء". من المؤكد أن هؤلاء الأمعيين يشغلون مناصب مهمة من مستوى وزير إلى مدير عام وليسوا عمال وفلاحين بسطاء. المتظاهرون لم يكونوا أيضا من أنصار المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وذراعه العسكري فيلق بدر. سيما إن المجلس فقد بريقه وبدأ الصدأ يأكله من كل الجهات بسبب عدم تمكنه التحرر من الأغلال الإيرانية. وكان موقف زعماء المجلس واضحا إتجاه التظاهرات والنهي عن المشاركة فيها وفقا لتوجيهات مولاهم الخامنئي. وهي نفس التوجيهات التي التزم بها مقتدى الصدر، فمنبع التوجيهات طهران . المتظاهرون لم يكونوا من مؤيدي حزب الدعوة الإسلامية والأحزاب المتشظية منه، فالحزب هو الحاكم ولا يمكن ان يثور على نفسه. وكذلك الأمر بالنسبة لحزب الفضيلة وحزب الله وعصائب أهل الحق وغيرها. بل الأنكى منه ان عناصر من مصائب أهل الباطل شرعت بملاحقة منظمي التظاهرات والمشاركين فيها وإستباحت دمائهم, فقد وزعت بيانا في محافظة الديوانية وصفت فيه المتظاهرين بأنهم " أذناب الإحتلال" - هذه السمة من سمات العصائب كما هو معروف عنهم وقد اسبغوها على المتظاهرين ظلما- أما تهمة المتظاهرين- فهي كما ورد في البيان العصائبي" تحويل العراق إلى حانات ومراقص" رغم إننا لم نشهد يافطات وهتافات تطالب بفتح المراقص والأندية الليلية والحانات والتي لم نعد في حاجة لها في العراق الجديد بعد رواج زواج المتعة وتوفر المخدرات بأنواعها من جارتنا المسلمة. وهذا بعض مما جاء في بيانهم الرقيع" في الوقت الذي نراهن فيه على وعي ابناء مدينتنا الغيارى نحذر هؤلاء الأنجاس رؤوس الفساد والإلحاد من أية محاولة منهم لإستغلال المظاهرات وجعلها وسيلة ينفذ من خلالها المنحرفون والمروجين للرذيلة أمثالهم ونقول لكل هؤلاء لن نسكت عن أفعالكم المشينة وتخرصاتكم التي تحاولون من خلالها تنفيذ مخططاتكم المنحرفة والضالة وأننا أذ حرقنا الأرض تحت أقدام أسيادكم المحتلين سنقوم بحرقكم مع أفكاركم المريضة ولن يهدأ لنا بال ولن تقر لنا أعين إلا بتلقينكم الدرس الذي تستحقونه". نترك التعليق للقراء الأقاضل. المتظاهرون أيضا لم يكونوا من عبدة السيستاني فالحاخام الأعظم كان واضحا في موقفة المساند لحكومة الفساد والرذيلة التي أفتى بإنتخابها. اليس المالكي هو بذرة السيستاني التي زرعها وإنماها وأنضجها ويقطف حاليا ثمارها! فهل يمكن لعاقل أن يتصور تخلى السيستاني عن المالكي حتى لو فاض مستنقع فساد الحكومة على المرجعة نفسها؟ ألم يعترف المالكي بأن السيستاني أثنى على جهوده الشبحية التي لمسها المرجع في كهفه ولم يلمسها العراقيون في ضوء الشمس! لربما أثنى على جهوده لخدمة النظام الإيراني وتلك بربي جهود كبيرة وواضحة للجميع. إذن من هم الذن خرجوا في التظاهرات؟ إنهم بلا شك المثقفين والنخبة من الشيعة والسنة والمسيحيين وبقية الأقليات التى تغرد خارج سرب المراجع والشيوخ ورجال الدين. إنهم المتضررين من النظام والواعين لحقيقة المفسدين واللصوص الذين يحكمونهم! إنهم النخبة الطليعية الواعية والرائدة في المجتمع العراقي. ولكن حتى هؤلاء بحد ذاتهم لم يتمكن الكثير منهم مع الأسف الشديد الخروج من شرنقة الطائفية، وتغليب الحس الوطني على المذهبي لذلك كانت مطالبهم إصلاحية وليس ثورية. لكن للتظاهرات وجه آخر ربما لم يتنبه له البعض فقد وحدت إرادتي الحكومة والبرلمان رغم تباينهما من الناحية الظاهرية. فوقفا يدا واحد ضد الجماهير وهذا ما تجلى بوضوح في مسرحية إستضافة المالكي مؤخرا في مجلس النواب، فقد خرج المتظاهرون من المولد البرلماني بلا حمص. كما إنها وحدت الأحزب الشيعية الحاكمة لتقف في خندق واحد ضد الشعب رغم ان العلاقات بين المجلس الأعلى وأحزاب الدعوة والتيار الصدر وحزب الفضيلة وعصائب اهل الحق أعسر من أن تصفو بمثل هذه السرعة الغريبة. كما إنها وحدت مواقف المرجعية المتأرجحة لتبقى في موقفها المساند لحكومة الفساد والرذيلة بكل صلافة كاشفة عن معدنها الرديء. لربما يعذرنا البعض عن هذه الصراحة لكنها مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى فالموقف عصيب ولا يحتاج إلى المزيد من المراوغة والمجاملة. وإلا صعب علينا تحديد نقاط الفشل والخلل والإستفادة منها لاحقا لتصحيح وضعنا المضطرب. فليس من العيب أن نواجه أنفسنا ونعترف بأخطائنا مهما كانت شدتها ووقعها، لكن العيب كل العيب ان نخفيها أو نتستر عليها أو ننكرها، سيما عندما يتعلق الأمر بالوطن ومصيره المتأرجح بين كفتي عفريت. علي الكاش [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل