المحتوى الرئيسى

أوباما في "الأزمة الليبية".. خلط بين خطأ التفرّد وميّزة القيادة

03/19 15:21

واشنطن - بيير غانم قبل أن يتخذ مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1973، مرّ أكثر من أسبوع والثوار الليبييون يندحرون، والقوات الموالية للعقيد معمر القذافي تتقدّم. تكررت الدعوات لتحرّك أمريكي يحمي المدنيين والثورة الجديدة، وتكرر كلام المسؤولين الأمريكيين بأن الولايات المتحدة تعمل على مناقشة كل الخيارات. وفي لحظة ما، بدا وكأن كل شيء انقلب لصالح العقيد القذافي وباراك أوباما يقف متردداً، وفي "أسوأ" تصريح على الإطلاق قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون: "لا يمكن أن تتصرف الولايات المتحدة منفردة... ستكون هناك تداعيات غير محسوبة وربما تكون ضارة جداً برأيي. ولكن، مع الأسرة الدولية، هناك خيارات تحرك عديدة تتمّ مناقشتها". وهذا التصريح هو "الأسوأ" بنظر دعاة الزعامة الأمريكية، لأنه يربط القرار االخارجي الأمريكي بأطراف خارجية، وهذا الربط يتناقض مع مفهوم الزعامة، ويوم الثلاثاء، وجّه 38 مسؤولاً سابقاً وناشطون أمريكيون رسالة مفتوحة إلى الرئيس أوباما دعوه فيها إلى "فرض منطقة حظر جوّي فوق مدن وبلدات ليبية رئيسية، والاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي، والنظر في إمكانية الإغارة على أهداف تابعة للقذافي". وذكّرت الرسالة المفتوحة الرئيس الأمريكي بأن عليه أن "يقدّم قيادة أمريكية، وحذّرت من خطر التأخير والتردد". صحيح أن الغالبية الساحقة من هؤلاء الموقعين تنتمي إلى تيار جمهوري ويميني في واشنطن، ولكن ليسوا جميعاً كذلك، كما أن السناتور الديمقراطي جون كيري ألقى خطاباً قال فيه "إننا متأخرون جداً... ولم أقل يوماً يجب أن نتصرف لوحدنا". وأضاف "هل يجب أن نتصرف وهل هذا مهم لتكوين نظرة شعوب المنطقة إلينا؟ الجواب هو نعم ومهم جداً، ومهم لأنه سيؤثر على تقييم الآخرين لعملنا في مجالات أخرى". وبدت الإدارة الأمريكية في مواجهة مع معارضيها وبعض مؤيديها، وبدا المعارضون الليبيون في الولايات المتحدة وكأنهم يفقدون صبرهم مع إدارة أوباما ويسألون "لماذا لا يتصرف ويتخذ قراراً؟". ويقول المدافعون عن إدارة أوباما أن الولايات المتحدة اتخذت مواقف كثيرة من قبل وتمّ اتهامها بالتفرّد، ولا أحد ينسى تراجع شعبية الولايات المتحدة في العالم خلال ولاية الرئيس السابق جورج بوش. وربما يكون هذا صحيحاً إلى حدّ ما برأي المراقبين، فالرئيس الأمريكي السابق كان يتخذ قرارات ويتصل بزعماء العالم لإبلاغهم وليس لاستشارتهم، وكأن جهازه الدبلوماسي يبذل الوقت القليل لحشد التأييد الدولي، وربما تكون أكبر خطوة انفرادية هي الهجوم على العراق لخلع نظام الرئيس صدام حسين. الزعامة تختلف عن التفرّد لكن الزعامة تختلف عن التفرّد، ويظهر أوباما وكأنه يخلط بين الإسراع إلى مساعدة مدينة محاصرة وبين شنّ هجوم على دولة، فيما العالم يصرخ معارضاً. أما التردد لأكثر من أسبوع، فقد كلّف الثوار الليبيين خسارة عشرات القتلى ومدناً عدة من الزاوية إلى أجدابيا، وبدلاً من أن يكون نظام القذافي مهدداً في طرابلس الغرب صارت الثورة مهددة في بنغازي، وبدلاً من أن يتابع الليبيون اندفاعتهم وتكون هناك دولة واحدة في ظل حكومة واحدة، جاء قرار مجلس الأمن الدولي متأخراً، وربما يشرف على نظامين في ليبيا، واحد يعتبر الأمريكيين أعداء مثلما كان القذافي يقول منذ السبعينات، ونظام آخر في الشرق يشعر أن واشنطن خذلته بتأخرها. وصحيح أيضاً ما قاله السناتور كيري عن أن نظرة العالم العربي إلى أمريكا مهمة، فالولايات المتحدة لها دور في صنع السلام، ودعم القيم الديمقراطية، وتسريع الإصلاح السياسي والاجتماعي في العالم العربي، ومن المؤكد أن من يجلس في بيته لن يستمع إلى "دبلوماسية هيلاري كلنتون التبريرية"، فهي لا تنفع.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل