المحتوى الرئيسى

مصداقية الإعلام العربي رهينة بالحياد وليس بالانحياز بقلم:محمد شركي

03/18 21:06

مصداقية الإعلام العربي رهينة بالحياد وليس بالانحياز محمد شركي من المعلوم أن مصداقية الإعلام في العالم تقوم بالدرجة الأولى على مدى التزامه بالحياد والموضوعية في تغطية ما ينقل من أحداث وأخبار. ولقد فقد الإعلام الغربي مصداقيته حين صار وسيلة حربية تقوم إلى جانب الآلة الحربية التي يستعملها الغرب لغزو البلاد العربية والإسلامية . ومع شديد الأسف يحذو الإعلام العربي حذو الإعلام الغربي بحيث يتنكر للحياد والموضوعية ، ويسقط في الانحياز المكشوف الذي يفقده مصداقيته لأنه يتحول إلى طرف صراع عوض أن يظل على مسافة معلومة بين أطراف هذا الصراع . وللتمثيل لنموذج الإعلام العربي المتحيز نسوق بعض الأمثلة منها مثال قناة الجزيرة القطرية التي رافقت الثورات العربية لتغطيتها ولكنها لم تلتزم الحياد بل كان انحيازها واضحا لطرف على حساب الطرف الآخر . وكان من المفروض أن تنقل الجزيرة الأخبار والأحداث بموضوعية وتترك للرأي العام وللمشاهدين الحكم على ما تنقله دون تدخل مباشر أو غير مباشر في توجيه التلقي لأن المتلقين ليسوا قاصرين يقتضي التعامل معهم فرض الوصاية عليهم . فالرأي العام العربي مع الثورات الشعبية وضد الأنظمة المستبدة ، ولا يمكن لأي إعلام أن يزايد على هذا الرأي إلا أنه لا بد للإعلام أن يقف عند حدود المسافة التي يفرضها الحياد وتفرضها الموضوعية في نقل الحقائق بكل تجرد . فنقل وجهة نظر الأنظمة الفاسدة بكل أمانة يعني وضع الرأي العام أمام فساد هذه الأنظمة . وفي حالة انحياز الإعلام للثورات الشعبية قد يخدم ذلك الأنظمة الفاسدة التي قد تجعل من هذا الإعلام طرفا في الصراع ، وهو ما حصل مع قناة الجزيرة التي اتهمت بأنها وراء هذه الثورات من خلال طريقة تغطيتها للأحداث بشكل لا يمكن إنكار انحيازها الواضح . فلو أن هذه القناة نقلت الرأي والرأي النقيض لما استطاع أحد أن يطعن في حيادها أو في موضوعيتها. والنموذج الثاني للإعلام الفاقد المصداقية بسبب الانحياز مثال قناة العالم وقناة المنار اللتان كشفتا عن انحيازهما الواضح لشيعة البحرين . ولقد ظلت القناتان تركز على تحركات الشارع في البحرين خصوصا تحركات الشيعة بالرغم من طغيان أحداث ليبيا على الساحة التي لم تحظا غلا بالتغطية السطحية من طرف هاتين القناتين مما يعني أنهما معا طائفيتان بامتياز مما يفقدهما المصداقية الإعلامية . فكان من المفروض أن تنقلا الرأي والرأي المعاكس عوض التحيز الفاضح لطائفة الشيعة ، وكأن طوائف الشعب البحريني الأخرى لا وجود لها ولا علاقة لها بانتفاضة الشارع البحريني . ولقد تابعت تعليقات القناتين معا على تدخل القوات السعودية والإماراتية والقطرية في البحرين حيث اعتبرتا هذا التدخل احتلالا لأن الجهات المتدخلة تخالف إيديولوجيا وعقيدة القناتين . وخلاصة القول أن الإعلام العربي وقع في الخطأ الذي وقع فيه الإعلام الغربي حين صار وسيلة حربية يستعمل إلى جانب الآلة العسكرية . والإعلام العربي سواء نموذج الجزيرة أو نموذج قناة العالم وقناة المنار إنما هو وسيلة حربية أو شبيهة بالحربية تلعب دورا في الصراع القائم بين الأنظمة الفاسدة والثورات الشعبية . والتزام الإعلام الحياد والموضوعية لن يفقده قيمته بل بالعكس يرفع سقف مصداقيته لأنه ينقل الأحداث دون مونتاج ودون إيحاء ودون تأثير في خلق وجهات النظر والقناعات . وكلنا ضد الأنظمة الفاسدة ، وكلنا مع الثورات الشعبية ولكننا نختلف مع إعلامنا العربي المنحاز في قضية انحيازه . وإذا جاز للرأي العام الانحياز، وهو ضروري ومنطقي فإن الإعلام خاصة الذي يدعي الاستقلالية ليس من حقه الانحياز بل له الحق في انحياز واحد ووحيد وهو الانحياز للحقيقة . والحقيقة هي نقل الواقع بما فيه من تناقضات مع التزام الحياد بين هذه التناقضات بحيث لا يشم في نقل هذه التناقضات ما يمكن تفسيره انتصارا لتناقض على حساب آخر . وإلى أن يتحقق الإعلام المحايد والموضوعي فإننا سنتابع الإعلام المتوفر حاليا مع استعمال مصفاة تمنع تسرب الانحياز مع الحياد والموضوعية .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل