المحتوى الرئيسى

ديمقراطية الطريق الصحراوى

03/18 08:15

والله أنا فرحان بمصر جدا، صحيح حالها يضرب يقلب، لكن هذه سمات المراحل الانتقالية، خاصة بعد ثورة هائلة زلزلت أركان حكم متسلط منذ عقود طويلة، وصحيح أننا «مزودينها شوية»، لكن هذه سمات «محدثين النعمة»، ونحن بلا عتب حرمنا من نعمة الديمقراطية الحقيقية طويلا طويلا، ولما هلّت بشائرها كان من الطبيعى أن يحدث نوع من الإفراط فى استخدامها، لكننى أخشى أن يصل هذا الإفراط لدرجة «التفريط» أو الابتذال، ففى الأيام القليلة الماضية مثلا جاهرت أصوات بالافتئات على القوات المسلحة، واستخدم بعض الإخوة الأقباط تعبيرات وصلت إلى حد «اللى مش قد البدلة الميرى يقلعها»، وتكرر القول مساء الأربعاء الماضى على قناة «أو تى فى»، ما دعا مسؤولاً عسكرياً للرد بدماثة عبر التليفون مطالبا بالتعقل، ومؤكدا سعة صدر القوات المسلحة، ربما لهذا أقترح تكريم الرائد أحمد شومان والنقيب ماجد بولس، باعتبارهما نموذجا ناصعا للوحدة الوطنية، والإشارة والإشادة بدورهما فى ميدان التحرير الذى كان خير تمثيل لعلاقة الجيش بالشعب، وحمايته للثورة وللمجتمع كله من مخاطر الانزلاق نحو صراعات فئوية وطائفية وخلافه.. على كل حال، الأمر لا يتعلق بالدفاع عن مؤسسة أثبتت للجميع مدى وعيها الكبير بدورها، لكنه يتعلق بمدى وعى القوى السياسية فى التعامل مع جرعة الديمقراطية الزائدة التى تعاطتها فجأة، مما انعكس بوضوح فى انقسامها تجاه الموقف من التعديلات الدستورية، طبعا لا أستغرب ولا أستهجن أن تنقسم الآراء بين «نعم» و«لا»، لكننى أستغرب الذهاب فى الخلاف لآخره، فالتعديلات تتضمن ما يفيد إمكانية تعديل الدستور بالكامل بعد الانتهاء من بعض الإجراءات الشكلية التى تقتضيها المرحلة الانتقالية، إذن فالموافقة على التعديل تعنى رغبةً فى تقليص فترة إشراف الجيش على الحكم، وتسليم السلطة لمؤسسات مدنية منتخبة وفق أفضل شروط يتيحها واقع تشريعى وأمنى وسياسى جديد، كما تعنى أيضا الموافقة على صياغة دستور جديد، ومن جانبهم يطرح المعارضون أسبابا كثيرة، من بينها أيضا «الوقت»، حيث يرون أن رفض التعديلات والعمل على دستور جديد هو الذى يوفر الوقت، وتحدث بعضهم بشفافية عن الخوف من خوض انتخابات برلمانية مبكرة، متعللين بأن القوى الوحيدة الجاهزة لذلك هى عناصر الحزب الوطنى ومرشحو الإخوان، وتناسى هؤلاء أن وعى الشارع الذى أنجز الثورة هو الضمانة الحقيقية لتشكيل البرلمان الجديد، وإلا فما فائدة كل هذا، إذا لم تكن لدينا ثقة فى إرادة الشعب وقدرته على الاختيار؟،  تبقى الآراء الفقهية المتعلقة بتحسينات فى الصياغة، وهى آراء جيدة، من المهم أن نوفرها لحالة من النقاش المجتمعى اللائق حين نعيد صياغة الدستور بالكامل، وأتوقف أمام بعض أساليب الرفض، ومنها مثلا الإعلان الذى أنتجته وبثته بكثافة قناة (O.T.V)، وهذا شىء خطير وجديد، وحتى يتم الاتفاق عليه كأسلوب، سنعتبره إخلالاً بمبدأ تكافؤ الفرص، واستخداماً لإمكانات غير متوازنة فى تعميق الخلاف فى الرأى، خاصة أن متابعتى لآراء الفريقين أكدت لى أن الخلاف بين فريق «لا» وفريق «نعم»، ليس أكثر من الخلاف حول الذهاب إلى الإسكندرية عبر «الطريق الزراعى» أو «الطريق الصحراوى»، وهذا يعنى أن هدف الفريقين واحد بصرف النظر عن اختلاف الطريق، الذى يخضع فى العادة لاعتبارات لوجيستية.. يجب ألا تفسد لمصر قضية. علامة تعجب: معظم الرافضين ظلوا عقودا يطرحون اسم المستشار طارق البشرى على رأس قائمة الشرفاء غير المشكوك فى نزاهتهم ووطنيتهم، فإذا بهم يرفضون إسهام لجنته الموقرة فى أول نزول مباشر له إلى ميدان العمل السياسى! [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل