گلمة السر للثورة المضادة.. »بيقولوا«بقايا النظام تعمل بقوة عبر وسائل إعلام بعضها رسمي لنشر الشائعات وصولا للفوضي
كنت علي موعد مع مرشح حزب الوفد للرئاسة بعد دقائق من نشر الخبر.. اعتقدت للحظة أن مرشحا مهما سأنفرد به لأسمع منه وليسمع مني ربما تكون المرة الأخيرة التي يسمح لي بالحديث معه في حالة فوزه بكرسي الحكم.هممت ارحب بالداعية عمرو خالد.. أهلا أهلا بالرئيس القادم.. تجهم وجهه.. وثار بشدة وقال.. والله العظيم ما أعرف حاجة عن الموضوع.. تليفوني لم يتوقف عن السؤال.. وأنا اجابتي واحدة.. لست عضوا بحزب الوفد.. ولم اتحدث مع أحد في الموضوع ده.. وفي حال ترشحت لن يكون الوفد رغم احترامي له ولتاريخه.. قال عمرو خالد الخطر الحقيقي دلوقتي هو الشائعات.مكر شلة الملاك السابقين للوطن.. قادهم إلي معركة الجمل.. في استعراض لقوة البلطجة لوأد انتفاضة الشعب.. وحتي طريقة الانقضاض علي الثورة حملت نفس التعالي علي الشعب.. الذي صمد وقاوم وانتصر.. والآن نحن في الجولة الثانية.. يخوضها فلول النظام.. في صحف الأحزاب والصحافة القومية.. بقايا لم تصدق انها إلي زوال مع نظام توحدت معه في سياسة النهب المنظم لثروات الشعب.صحيفة قومية كبري.. ارسلت خبرا عاجلا إلي الهواتف المحمولة.. بعد أيام من نجاح الثورة يقول الخبر ان حريقا هائلا اشتعل في ميناء بناء السفن بمدينة الطور.. وان النيران اتت علي سفينتين.. اسرعت إلي التليفون دون تفكير إلي مراسلنا في جنوب سيناء.. وطلبت منه سرعت التوجه إلي هناك لتصوير ما حدث وارسال التفاصيل.. ولم افطن إلي ما يقوله زميلنا.. صرخت فيه لتنفيذ ما طلبت.. واخيرا فهمت سخريته مني.. وجاء رده ساخرا منتقما مني.. أولا مافيش ميناء بناء سفن في مدينة الطور.. ثانيا مدينة الطور عاصمة جنوب سيناء في قلب الصحراء.. وانتهت المكالمة.لا يوجد شخص في مصر هذه الأيام خصوصا ممن يكيدون للثورة.. لا يتحدث عن معلومات ومصادر خاصة به.. اختراع المعلومات وابتكار الأخبار أيضا وصل إلي وسائل الاعلام التي تتسابق في زمن الحرية إلي نقل أو ترديد الأخبار. في أحد أيام الثورة سألت صديق وصحفي باحد المواقع المهمة عن خبر مكتوب يقول ان اشتباكات تتم الآن في ميدان التحرير.. قال لي الخبر مؤكدا.. مراسلنا موجود في ميدان التحرير.. فسارعت بالاتصال بمراسل صديقي.. وسألته عما يدور في الميدان.. وجاءت المفاجأة.. انه الآن أمام دار القضاء العالي.. ولا يعرف ماذا يدور في الميدان.حالة الرعب التي انتابت الناس أيام الثورة والاستغاثات المبالغ فيها بعد الفراغ الأمني.. وحكاوي الخطف والاغتصاب والقتل والترويع.وكلنا سقطنا في بحر من الخوف.. دون أن نتنبه إلي التجربة التونسية.. من أبجديات الحفاظ علي الأنظمة الديكتاتورية في حالة انهيار العصا الغليظة.. هو سيناريو متكرر الفوضي ونشر الخوف.. فتعلو المصلحة الخاصة ويخاف كل مواطن علي أسرته الصغيرة ويترك الوطن لهم مرة أخري. وحتي ينجح هذا السيناريو تتولي أجهزة النظام الديكتاتوري أو ما تبقي منها نشر الشائعات والأخبار الكاذبة التي تنشر الخوف والفتنة.وكاد سيناريو الترويع ينجح.. حتي شعر كثير من المواطنين بأجواء الفوضي.. وبدء سباق محموم لاختراق القانون والبناء علي أملاك الدولة الغائبة.. وكان لابد من وقفة لحسم الموضوع. وبعد ساعات من بدء تنفيذ حملة ازالات واسعة كان بينها سور لأحد الأديرة علي أراضي الدولة.. خرجت أخبار من تلك التي بث الفرقة بين الشعب، الدبابات تهدم الدير.. وتواترت الأنباء وتواصل عمل بقايا النظام السابق لشحن الأقباط..واضطر المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإصدار بيان رقم ٣١ ينفي ويوضح ما حدث وانه يحترم قدسية أماكن العبادة.وحتي بعد صدور البيان تواصلت المزايدات علي الوطن.. خرجت أخبار أخري تستهدف وحدة الشعب وتناقلتها مواقع اخبارية وصحف عن احتراق كنيسة مارجرجس في مدينة رفح.. وهو الخبر الذي يستهدف بالطبع اشعال نار الفتنة.. التي يبدو ان دعاة الثورة المضادة قد نجحوا فيها إلي حد ما وسقط ٤١ قتيلا في ليلة حالكة السواد.ولمرة أخري خرج مصدر عسكري ينفي في محاولة لإجهاض الثورة المضادة التي من المؤكد أن الجيش لن يسمح لها بالنجاح.. وقال المصدر أنه لم تحدث حرائق في تلك الكنائس.. وناشد أبناء مصر عدم الالتفات إلي الشائعات.. مطالبا وسائل الاعلام بتقصي الحقائق قبل النشر.. وهو مطلب يعد أساس عمل الإعلام.. لكن هناك من يعمل - حتي الآن- لحساب بقايا النظام الخانق الذي رحل.ماكينة انتاج الأخبار الكاذبة التي تعمل بوقود اذيال النظام الذي عاش علي احتقار الشعب. ولإحراج المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. ومحاولة المساس بصورته الشريفة منذ اللحظات الأولي للثورة.. رواية أخري علي لسان كاتب كبير.. قال ان الرئيس يدير الأمور كما كان تماما من مقره في شرم الشيخ.. بالتليفون وهو الخبر الذي آثار الكثيرين.. لأنه يعني أن دماء الشهداء ذهبت سدي وتنال من الاحترام للقوات المسلحة التي تعهدت الحفاظ علي مكاسب الثورة.. بل وحماية الثورة ذاتها.. سمعنا كلنا أخبارا عن الهجوم علي المدارس.. واختطاف الأطفال.. وتلقينا اتصالات كثيرة من المعادي تحديدا تتحدث عن اختطاف تلميذتين بالثانوي العام.. وهرعنا إلي المكان وبمجرد وصولنا.. وجدنا الأسرة مكتملة العدد وأن التلميذتين كانتا في زيارة لأقاربهن.وبقراءة سريعة للأخبار الكاذبة التي يفرزها بقايا النظام نجد أنها تستهدف الشعب أولا.. وعندما خرج الجيش ليكذب كل هذه الفتن.. عاود دعاة الفوضي إلي استهداف الجيش نفسه.. فخرجت أحاديث تتناول تفاصيل انقلاب عسكري كان يقوده قائد الحرس الجمهوري.. والهدف طبعا واضح.. وهنا خرج الجيش بنفي قاطع.. لرواية من أخطر ما افرزه رجال النظام السابق..وكان لابد من شائعة أخري ترسخ في الأذهان رواية الانقلاب.. وهي ان القوات المسلحة أعلنت التعبئة العامة.. وكأن الجيش يجمع الشباب من علي المقاهي.. وليس لديه إدارة ضخمة للتجنيد وقاعدة بيانات هائلة كافية لتنفيذ عمليات الاستدعاء بالطرق المعتادة..الوقيعة بين الجيش والشعب مازالت هدفا واضحا.. حتي بعدما تم التحفظ علي أموال الرئيس السابق وأسرته.. فخرجت تحليلات وأخبار أقرب إلي الوهم عن دعم الجيش للرئيس السابق.. رغم ان الجيش انحاز منذ اللحظة الأولي إلي الثورة ولم يحاول- حتي المحاولة- اجهاضها.. بلال فضل قال إنه في اجتماع المجلس الأعلي بالكتاب والمفكرين.. كان البعض متحرجا من الحديث عن ثروة الرئيس السابق متأثرين بما أشيع عن انحياز مزعوم للرئيس السابق ولكن الاجتماع شهد حديثا بالتفصيل ومن أكثر من شخص من الحضور، لكن الغريب أن المجلس العسكري وجد نفسه مضطرا في لحظة ما لنفي ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية للدولة خبرا عن تقديم الرئيس السابق لإقرار الذمة المالية للمجلس الأعلي.. ويري بلال أن استمرار الشعب في مساندة الجيش ضرورة من أجل العودة للانتاج والعمل والتنمية.ولم يكن الجيش ووحدة الشعب الأهداف الوحيدة لأنصار النظام السابق.. لكن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء نالته أخبار مدسوسة تدعم فكرة الفوضي. قائمة طويلة تقترب من مائتي خبر كاذب تم نشرها في وسائل اعلام كبيرة.. وآلاف من الشائعات خرجت في الأيام الماضية تستهدف ما تم انجازه حتي الآن.. للانتقام من الشعب الذي خرج للاطاحة بنظام كان يمارس الاحتقار العلني لمواطنيه.
Comments