المحتوى الرئيسى

دور الثورات في تطهير الذوات بقلم : د عمر حمد

03/17 23:17

بسم الله الرحمن الرحيم العنوان : دور الثورات في تطهير الذوات. التاريخ :الخميس 17-3-2011م بقلم : د عمر حمد. تعيش مجتمعاتنا العربية حالياً حالة من الثورات على الذوات ، حالة من التمرد على كل قيم الماضي المرير الأليم ، وأشكاله المختلفة ، وألوانه البراقة ، ورموزه المتهالكة ، وأفكاره البالية الهدامة ، حالة من النهوض والتقدم بعد حقبة من الركود والتخلف. ولكي نعي ونستوعب ما حقيقة هذا التغير الجلل ، وهذه الثورات التي أحيت الأمل في الأمة بعد طول سنوات ، بل ما هي هذه الروح الجديدة التي سرت فيها ، بعد عضال المرض وانعدام الحركة والشلل أو قل إنعدام الاتزان وفقدان الذات. إن ما تعيشه الشعوب العربية الحرة اليوم – رغم تأخر بعضها عن النهوض - هو ثورة بكل المقاييس على ذواتها وما حوته من أوهام الضعف والجبن والخور ، أوهام الخوف من التفكير الحر والانعتاق من قيد الحاكم وبطش السلطان، أوهام الخوف من الاحلام والامنيات. لقد عاشت شعوبنا سنين طوال تخشى من أن تحلم في مستقبل باهر واعد ، تنعم فيه بالحرية والعدالة ، وترى فيه نور الحق وألوانه الباهية، لا عتمة الباطل وأشكاله البالية. نعم لقد تمردت على ذواتها الضعيفة ، وسجونها الواهية ، ورموزها الطاغية ، ولكن هل ستنهض بقوة لتواكب ركب التقدم والتحضر ، أم ستنشغل في تصليح وترقيع جدران الماضي المتصدع الهرم ، أم ستهدم صروح الظلم والطغيان ، هل ستبني صرحاً للحاضر والمستقبل الزاهر ؟. ان طبيعة البراكين ونيرانها وثورانها تحتم حدوثها بعد سنين طوال من الركود والهدوء ، كما وان طبيعة العواصف تأتي دون انذار أو استئذان من أحد ، ولكنها حتماً ستحدث يوماً ما ، وبكل تأكيد وقت وقوعها ستحرق الاخضر واليابس وستعصف بكل الرؤوس والعروش. قد يعتقد البعض انها دعوة من الكاتب للتمرد والثورة على كل شيء ، لحرق كل الالوان ، ولاغراق كل السفن ، ولهدم كل المبان والاهرام وما تمثله من معان وقيم ، ولكنها ليست كذلك باي حال من الاحوال. فدعوتي هي ثورة على الظلم وأشكاله وعروشه ، وهي انعتاق وتحرر من الذل والعبودية ورموزها ، فهي دعوة عمل ونهضة ، وحركة للعزة والكرامة ، وهي ترسيخ لقيم العدالة والانصاف التي يسعى لها كل كائن حي على وجه هذه البسيطة. فهل ستحدث هذه الثورات التغيير الحقيقي داخل الانسان منا والذي تبينه الاية الكريمة " إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم ". ولكننا لا بد ان نستحضر ونعي دائماً أن الذي يغير ويبدل هو الله عز وجل فهو صاحب الامر والشأن كله ، ولكن المنوط بهم التغيير في أمور دنياهم وحياتهم هم البشر والناس والثلة التي تأخذ على عاتقها التغيير . لذلك ان سعى الناس لتغيير واقعهم وعملوا لذلك بكل جهد ووقت ، وضحوا من أجل ذلك بالغالي والنفيس جاءت السنن الكونية والمعونة الالهية لتحدث التغيير. سنة التغيير والتداول ماضية ولكن لابد لها من رجال صادقين يحملون على عاتقهم تحمل أعباء التغيير وضريبة ذلك. قد يعتقد البعض انه سيكون بمنأى عن هذه الثورات والتمرد على الذات من حزب أو جماعة او دولة أو حتى في البيت الواحد ، ولكن ذلك التمرد قد يحدث في أي مكان في زماننا هذا ، يوم ان تحول العالم الى قرية صغيرة ، يوم ان تعرض لنا الشاشات الاعلامية ما يحدث ويدور بكل أرجاء العالم خلال لحظات وبالصورة المباشرة الحية. لذلك دعوتي أيضاً الى كل الواهمين بانهم قد دخلوا جنة الله بفضل حزبهم أو دولتهم أو فكرتهم وانهم سيكونون بمنأى عن أي تغيير أو تبديل أو ثورة ، ان اعتقدوا ذلك وجزموا به فهم واهمون مخطئون فعليهم أن يغيروا ما بأنفسهم ويبدلوا في نظرتهم للامور وتعاملهم مع ذواتهم ورؤاهم ، ثم ليغيروا في نظرتهم الاستعلائية لهذه الشعوب. لقد أثبتت هذه الشعوب العظيمة انها قادرة على أخذ زمام المبادرة لاحداث التغيير ونفض غبار الانقياد والتبعية ، فهي تستحق الحياة الكريمة العزيزة ، وقادرة لتحقيق طموحاتها وأهدافها وآمالها وان طالت السنين وعظمت التضحيات. وعلى قادة هذه الشعوب ان يتعظوا ويعتبروا من سنن من كان قبلهم ، فعمر الشعوب اطول من عمر حاكميها أو قل جلاديها ومستبديها ان شئت ، فليصححوا ما اعوج من خطى ، وليبنوا جسور العدل والعدالة والانصاف ، وليهدموا بيوت الظلم والطغيان ، وليحقوا الحق ويبنوا صروحه وأعمدته ، والا فليترقبوا عاصفة او ثورة أو بركان ، كل حسب الوقت والزمان. اما هذه الشعوب الحرة الابية فلا أعتقد أنها باي حال من الاحوال ستقبل على نفسها بان تعود مرة اخرى لاي شكل من أشكال الاستعباد والقهر . أملي أن يحاسب كل منا نفسه ، وأن نثور أيضاً على ذواتنا ونطهرها ، ونطهرأفكارنا وعاداتنا البالية من كل القيم القبيحة التي كنا نتشدق بها ، فنغير أشكال القبح وممارسات الفساد التي كنا نقوم بها ونمارسها بليل أو نهار ، بحماية الحاكم ومعيته ، أم ببطش سيف السلطان ، أم في خلسة الليل ، وقهر القوة والطغيان . ان أحوج ما نحتاجه اليوم هو وقفة مع الذات ، وثورة على كل شكل من أشكال جبروتها وفسادها وقسوتها وطغيانها ، بل يجب اعادتها الى منهل الحق ونبعه الصافي الرقراق ، الى قيم العدالة والسماء ، الى أخلاق الرجال وشيم الابطال والاحرار ، نحن في هذه الحقبة الهامة والحساسة من تاريخنا المجيد قادرون باذن الله تعالى على أن نصنع المجد وننهض بحاضرنا ، ونستشرف مستقبلنا الزاهر الواعد الباهر ، ان تمسكنا باخلاق الحرية والعدالة وقانون رب الارض والسماء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل