المحتوى الرئيسى

> أطفيح وما جري فيها

03/17 21:03

أقر وأعترف أنني لاأطيق أن يمس شخص ما بظلم بسبب دينه أو أرائه السياسية أو معتقداته الشخصية طالما أن ما يطمره داخل نفسه من عقيدة أو دين أو رأي لا يؤذي الآخرين بالقول أو الفعل ... أقر وأعترف أنني أتعاطف بصفة عامة مع الأقباط في مصر ومرجع هذا التعاطف ليس من قبيل الشفقة أو المنن ولكن من قبيل شعوري أن أقباط مصر هم بالفعل جزء لا يتجزأ من المجتمع المصري ويمثلون في مجملهم بعداً رائعاً من أبعاد التعددية الدينية والثقافية التي تعد ذخيرة من ذخائر أي مجتمع - فيا بئس المجتمعات الأحادية- وعندما ترامي الي سمعي تلك الأحداث المؤسفة التي حدث للأقباط في منطقة أطفيح بإحدي محافظات مصر من هجوم جائر علي الكنيسة أصابني الهم مما قد يؤول إليه الحال في مصر في ظل التطورات الأخيرة التي تمخضت عنها ثورة الشعب في الخامس والعشرين من يناير والتي أزاحت عنا كثيراً من الهموم والغيوم وأراحت البلاد والعباد وياليت الأمر توقف علي الهجوم علي كنيسة- كما هو معتاد - بل تعدي جبروت هؤلاء البلطجية الي طرد المواطنين المصريين من بيوتهم وإبعادهم عن القرية بدعوي أنها قرية إسلامية خالصة ولا حول ولا قوة إلا بالله المفارقة أن بداية الأحداث لم تبدأ بروح طائفية كما انتهت بل بدأت بخلاف اجتماعي قد يقع بين أبناء الدين الواحد ولكن لأن النفوس مشحونة برواسب وتراكمات لم يجر التصدي لها بحسم علي أي من المستويات التربوية والاجتماعية والسياسية والثقافية فما أسهل أن يتحول هذا الخلاف العابر إلي حدث غابر يأخذ معه فرحة المصريين بثورتهم الجليلة وكأن المجتمع المصري يأبي علي نفسه استكمال فرحته. إذا كنا الآن في مرحلة ترتيب الأوراق وتنظيم البيت من الداخل -وتنظيفه- فلا يجب علي الضمير العام المصري متمثلا في مثقفيه وإعلامه ومناهج تعليمة أقول لايجب علي هذا الضمير العام أن يتجاهل تلك القضية التي طالما تعاملنا معها بسطحية وسذاجة منقطعة النظير. المجتمع المصري تغير ولكن هذا التغير ليس كاملاً وهذا شيء طبيعي ومن طبيعة الأشياء فلا يمكن لثقافة مجتمع أن تتغير بين عشية وضحاها والمأمول في مرحلة المخاض التي يعيشها مجتمعنا في تلك الأيام أن يتم فتح جميع الملفات الحساسة والتي بدأ فتحها بالفعل شريطة ألا يتم تجاهل أي قضية كَبُرَ شأنها أم صغر فما بالنا والقضية هي قضية جزء أصيل من مكونات المجتمع المصري الذي يجري عليه ما يجري علي سائر مواطنيه من أفراح وأتراح من حق الأقباط أن يغضبوا لما حدث لهم ومن حق القساوسة أن يجأروا بالشكوي وأن يعلنوا ضجرهم مما حدث وإن لم يفعلوا فقد قصروا في حق دينهم ولكن عليهم أن يتيقنوا جيدا أن الكثير جدا من المصريين المسلمين يشعرون بآلامهم وضيقهم ويقدرون غيرتهم علي دينهم - وتخوفهم - من القادم وهو الشعور الذي يخجل كثير من الأقباط أن يعلنوه . أقباطنا ... لا تحزنوا إنا معكم فلستم وحدكم فهو وطن واحد يبحر بنا جميعا وعلي الرغم من أن المقولة السابقة أصبحت تقال كثيرا وبألفاظ مختلفة إلا أنه وعلي ما يبدو أن هذه البديهية الإنسانية والاجتماعية والسياسية غائبة عن أذهان الكثيرين وما أكثر غياب البديهيات في حياتنا المثقلة . ليس من مصلحة المجتمع المصري في هذه الآونه-ولا في أي وقت كان- أن يوجد احتكاك طائفي بين مسلميه وأقباطه بل علي العكس أن الشعب المصري في تلك اللحظة الفارقة عليه أن يعي جيداً حجم المسئولية الملقاة علي عاتقه أما نفسه الحاضرة أولا وأما الأجيال القادمة ثانيا وثالثا والي آخر العد.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل