المحتوى الرئيسى

> نحو نظام أمني جديد

03/17 21:03

أول الأوليات حاليا في مصر هو استعادة النظام الأمني حيث إن تغيير النظام السابق كان مفروضا علي الجميع حيث كانت له واجهة غير مستحبة بل مغضوب عليها من الجماهير والكل يعلم مدي تغلغل الشرطة في مجري الحياة اليومية للمواطنين، بل وحدثت تصادمات كثيرة بين الشرطة والشعب في مختلف المواقع الجغرافية والوظيفية حتي وصلت إلي رجال القضاء وربما يتذكر البعض ما تناولته تحت عنوان الطيب والشرس والقبيح وفيه من رجال الأمن من يتعامل بشكل محترم مع الجمهور ومن بينهم شرطة الجوازات والسياحة والدفاع المدني ومنهم من يمكن السماح لهم بأن يكون شرسا بحكم مواجهته لرجال العصابات والمخدرات والقتل والتهريب. أما ذلك القسم المنوط به مكافحة الشغب ويرتدي اللون الأسود ويستخدم العنف ضد المتظاهرين فهو الوجه القبيح لرجال الأمن، هذا ما حدث في 25 يناير عندما زادت معدلات المواجهة في ميدان التحرير وبالتالي ارتفع سقف الغضب والمطالب والإصرار علي الإطاحة برأس النظام وتقويض أركانه، ومن بينها إلغاء جهاز أمن الدولة لما أحاط به من سمعة سيئة خلال الأعوام السابقة تفوق بكثير ما فعلته أجهزة الشرطة في أنحاء البلاد. يبدأ الفساد بكلمة يا باشا لكل من يعمل في جهاز الشرطة حتي لو كان عامل البوفيه، ثم الرشوة العلنية والمخفية لشرطي المرور وتنفيذ الأحكام والتراخيص ومنها الإتاوات علي جميع الباعة والمحال والأسواق ، هذا عدا طابع الشرطة علي كل التعاملات بين الجمهور وبين القائمين علي خدمة الشعب، وفي الواقع كانت البؤر المحترقة في الصعيد أو في سيناء ما هي إلا مواجهات للثأر المتبادل بين هذا وذاك، أضف لكل ما سبق نظرة الاستعلاء والاستقواء التي تسيطر علي سلوك أعضاء الشرطة خاصة من صغار الرتبة والعمر. ما زال الغضب من جهاز مباحث أمن الدولة حتي تم تجميده ثم حله بعد حرق وإتلاف المستندات والأدلة المرتبطة بالفساد السياسي والمالي والأخلاقي للعديدين من صفوة المجتمع السياسي في مصر بل وبعض المواطنين كذلك، وكانت تعاملات الجهاز تتراوح بين مجتمعات العمال في المصانع وبين طلبة الجامعة بل واجتماعات النوادي والنقابات والمحاضرات العامة وكافة الأنشطة الفنية والثقافية والاجتماعية في مصر، كان جهاز أمن الدولة مسيطرا علي كل المؤسسات والأجهزة في مصر بشكل غير مسبوق، بل وكان يتدخل في اختيارات كافة المناصب والتعيينات وفي حركة الحياة في كل المواقع. وهناك مئات الآلاف من القصص المريبة حول هذا الموضوع ،ولديه ملفات تخص كل ما يتعلق بأفراد المجتمع ولا يتم السفر لأي مؤتمر في الخارج أو ينعقد في الداخل دون حضور مندوبين من السادة الضباط كي يكونوا علي بينة مما يقال، كما يتم المنح والمنع للنشر العلمي من خلال تقارير الأمن. هنا تحضرني تجربة دولة الهند فيما يتعلق بجهاز الشرطة ولقد اقتنعت بها وتتلخص في أن تدريب ضباط الشرطة يتم من خلال إلحاق من يرغب من خريجي الجامعات بمختلف الدرجات العلمية والتخصصات في خدمة الشرطة بعد تلقيه تدريبات عسكرية متخصصة خلال عام كامل ينقسم إلي فترتين نظرية وميدانية ويلتحق كل منهم بما يتناسب مع قدراته العقلية والجسمانية في أقسامها المختلفة مع مراعاة البعد الجغرافي لكل منهم برتبة الملازم. من مميزات هذه التجربة أن ضباط الشرطة جميعا لديهم مؤهل عال ولديهم عمر مناسب لبدء الحياة المهنية كما أن لديهم خبرة سابقة في الاحتكاك بالجماهير خلال حياتهم الطلابية، ولكل منهم الحق في استكمال دراساته العليا في التخصص الذي يرغبه مع مراعاة أن يكون مفيدا لجهاز الشرطة الذي يعمل به. كما يتم تدريبهم علي الحيادية والشفافية في مجتمع يموج بمختلف الديانات والأعراق ولكن تحكمه الحرية والديمقراطية، ولقد أتيح لي خلال دراستي للدكتوراه في الهند أن أعايش هذا الواقع في مختلف المناسبات سواء الدينية أو العلمية أو السياسية بل وخلال بعض الأزمات أيضا، وأقصي ما يمكن استخدامه لتفريق المظاهرات هناك نوع من العصي من الخيزران المحلي يمكن منح بعض الضربات الموجعة ولكن بلا طلقات مطاطية أو طلقات حية؟! هذا الاقتراح قد يراه المسئولون مفيدا لتحسين صورة الشرطة ورفع كفاءتها ويتم وضع كادر خاص بتلك الهيئة به من الحوافز والضوابط ما يجعله في موضع المسئولية والرضا الجماهيري. كاتب واستاذ جامعي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل