المحتوى الرئيسى

حتي ولو كتبناه بماء الذهب‮ !!‬ ‮ ‬

03/16 23:06

في دولة الفرد الواحد لا قيمة للنص،‮ ‬فلا اللغة المنمقة للدستور تمنع فساد الحاكم‮ ‬،‮ ‬ولا الصياغة المحكمة توقف استبداده،‮ ‬ولا العبارات القانونية العريضة تشبع بطون الجوعي،‮ ‬ولا المحسنات البديعية تستر أحوال الفقراء‮ ‬،‮ ‬ولا المسميات البراقة تقيم العدل بين الناس أو تحفظ حقوقهم أو تشجع التنمية فيما بينهم،‮ ‬حتي وإن كتبنا الدستور بماء الذهب‮!! ‬فليس كل ما يتعين علينا هو الانشغال بوضع دستور جديد بقدر ما يكون إنشغالنا وحرصنا علي ممارسة الحقوق والحريات الأساسية للفرد والجماعة وإعلاء شأن القانون واستحضار روح المجتمع التي عثرنا عليها بعد عقود من التيه والضياع بل واستعادة إرادتنا التي سلبتها أجهزة أمن دولة الفساد التي قاسمتنا كل شيء في كل مكان في الجامعة،‮ ‬في المصنع في الوزارة‮. ‬في الإدارة،‮ ‬في الإعلام،‮ ‬في المسجد،‮ ‬في الكنيسة‮ ..... "‬ففي دولة الشخص لاقيمة للنص‮"..  ‬والشعب المصري شعب دستوري،‮ ‬كافح طويلا من أجل الدستور،‮ ‬ولهذا فإن الدساتير المصرية عريقة وقديمة،‮ ‬يعود تاريخها إلي إصدار محمد علي لما سمي‮ " ‬باللائحة الأساسية للمجلس العالي في‮ ‬1825‮ " ‬لتتوالي بعدها صدور الوثائق الدستورية التي حددت معالم النظام المصري مرورا بدستور‮ ‬1923‮ ‬الأشهر في تاريخ الحياة السياسية في مصر وانتهاء بدستور سبتمبر‮ ‬1971‮ ‬الذي عطلته الثورة الشعبية في‮ ‬25‮ ‬يناير بعد أن ترهل بفعل عبث‮ "‬ترزية‮" ‬النظام السابق وذوي النفوس الضعيفة من المنتفعين به‮ .. ‬وجميع دول العالم لديها دساتير،‮ ‬ابتداء من أصغر دولة كالفاتيكان الي أكبرها كروسيا،‮ ‬حتي وإن إختلفت أنواعها بين دساتير‮ "‬مدونة‮" ‬أي الموثقة قواعدها أو‮"‬غير المدونة‮" ‬كالقواعد العرفية التي تتحول إلي قوانين وبين دساتير‮ "‬مرنة‮" ‬كالدستور الإنجليزي أو دساتير‮ "‬جامدة‮" ‬كالدستور الأمريكي والاسترالي‮ ..‬المهم أن هناك عددا هائلا من الجمهوريات الرئاسية التي لديها دساتير لامعة وبراقة،‮ ‬ولكن اكتوت شعوبها بنار إستبداد حكامها وفساد زعمائها وحواريهم والمحيطين بهم ونهبهم لثروات شعوبهم وتهميش إراداتهم،‮ ‬كما فعل نظام مبارك الذي جثم علي قلوبنا ثلاثين عاما،‮ ‬يقرر أولا ثم يتم تعديل الدستور ثانيا بناء علي إرادته الشخصية وتوجيهاته الفوقية وأجندة أفراد عائلته،‮ ‬حتي أصبح دستورنا ثوبا رثا لا لون له ولا نسيج،‮ ‬وانتفت عن كثير من فقراته صفة الدستورية،‮ ‬والسبب تحول نظام الحكم في‮ ‬غياب ممارسة وتفعيل النص إلي نظام يتمحور حول الشخص الواحد يقرر فيتغير النص‮..‬إن ما يقيم العدل بين الحاكم والمحكوم ويحقق العدالة الاجتماعية ليست نصوص الدستور بل ممارسة الحقوق الأساسية والحريات المتعلقة‮ ‬بالانسان التي كفلها هذا الدستور‮.‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل