المحتوى الرئيسى

الكتابة بحروف مسروقة.. بواسطة: إيمان باي أوغلو البخاري

03/16 19:18

الكتابة بحروف مسروقة للكاتبة هيام المفلح شدني هذا العنوان فهناك عناوين تشدنا دون أن نعلم السبب أو ما قد يحتويه الكتاب بين درفتيه، كل حسب حاجته أو حالته النفسية، ولهذا أرى الكاتب ذكياً إن استطاع انتقاء عنواناً لكتابه انتقاءً حسناً ديناميكياً؛ ولا أريد الإطالة في هذا المجال حتى لا أبتعد عن هدفي، ولنعد إلى الموضوع "الكتابة بحروف مسروقة" حيث تفضح الكاتبة ألف ياء امرأة متشذرة وعبر مقاطع مرقمة، تفصح من خلالها عن رؤية انتقادية واعية هدفها تسليط الضوء على الوجع الأنثوي الذي يبدأ منذ ولادتها ويلازمها طيلة العمر... أحببت أن أسلط الضوء على بعض أوجاع الأنثى فقسمتها إلى مجموعة مشاهد.. فتركتُ التخيل لكم.. والسرد لي: المشهد الأول: الولادة: حين ولدتني أمي... أخبرتها الوجوه المقطبة حولها أنها ولدت شيئاً غير مرغوب فيه... وحين وعيتُ ما حولي... اكتشفت أنني مجرد شيء مختلف... المشهد الثاني: ثنائية الذكر والأنثى: عندما أصرخ أنا لأجل رغبة أحتاجها... لا تتحقق! وعندما يصرخ أخي لأجل رغبة اشتهاها... تهرع كل الدنيا لتحقيقها! من يومها... خلعت رداء الصراخ... ثم طويته... ووضعته في خزانة أمي... المشهد الثالث: الأفضلية: بيني وبينه... تعاركنا... تجادلنا... - أنا أختك الكبرى - لكنك بنت... وأنا الولد... المشهد الرابع: الشهادة: أصبح لقلبي جناحان... حلق بعيداً! بين يدي تتراقص ورقة بيضاء مطرزة بسهر الليالي وإرهاق السنين... مصت أمي شفتيها متحسرة... ليت هذا النجاح لأخيك... اختلطت الحروف... وذابت... سالت عن الورقة دمعات سوداء... وقلبي الذي حلق بعيداً... انقضَّت عليه العنقاء... نتفت ريشه... وأعادته مدمياً... إلى قفصي الصدري... المشهد الخامس: التلميع: تأتي وفود نسائية.. تحملق في تضاريسي.. تقيس طولي وعرضي.. تحفظ وقع خطواتي.. تشم رائحتي.. تعدد أنفاسي.. وتتيه في ثنايا شعري.. ثم ترحل! المشهد السادس: الحب: حلمت أنه قال لي: يداً بيد.. سنبني حبيبتي صرح حياتنا القادمة.. وحلمت أنني قلت له: أنت لحظة ميلادي! ولكن.. كيف أقول لك؟ وكل الأشياء من حولي تحاصرني.. تمحو معالم خارطتي.. وتغير مشارف حدودي.. وتعلن.. أن جهاتي الأربع: شرقية شرقية شرقية شرقية المشهد السابع: المصادرة فقد لأنها خلقت أنثى: أود رؤيته... حتى لو لم يطلب هو رؤيتي.. - يا للعار.. اسكتي يا بنت.. لن تريه إلا في ليلة الزفاف! والحريق الذي يستعر في صدري.. وأحلام العمر.. وشلالات العواطف.. وأسراري الصغيرة.. أأحمل كل ذلك معي إلى تلك الليلة، لأعطيه لرجل بلا ملامح! - كلنا تزوجنا هكذا.. أغمضي عينيك.. وكفى! الظلام في عينيّ المغلقتين، حالك السواد، لا يضيئه قمر، ولا تتراقص فيه نجوم... عصف سؤال مشتعل في حنايا القلب.. ترى.. هل سأضطر إلى إبقاء عينيّ مغمضتين...مدى الحياة؟! المشهد الثامن: من مكابدات الأنثى:(الحمل): ابتلعت عناقيد دمعي.. حبة.. حبة.. غربل صدري برصاصات كلماته القاتلة.. وفتت أنوثتي في رحى انذاراته.. - إذا لم تحملي هذا الشهر.. سأتزوج! وإلى نهاية الشهر.. بقيت ساجدة متوسلة بين يدي الإله.. ومطأطئة بين يدي زوجي.. تنزف روحي دماً لا مرئياً، كلما عاد من زيارة أمه، منتفخاً، مثقلاً: بالمزيد من رصاصاته الحمراء... حتى ثبتت الرؤيا! المشهد التاسع: ومن مكابدات الأنثى: (العمل): للأوراق نقدية رائحة منعشة إذا كانت من أول راتب نقبضه من عملنا! تسابق العقل في إعداد فواتيره المستحقة، وغير المستحقة.. ومنافذ الإنفاق الأثيرة فتحت أشداقها في انتظار طعم لقمتي الأولى. - أعطيني راتبك.. أنا سأنفق عليك وعلى البيت. تتساوى المذلة حين أمد يدي له لأخذ مصروفي الشخصي من راتبه، أو من راتبي. لذلك... قدمت استقالتي! المشهد العاشر: الاستهتار بأنوثتها: غابة الألوان انبسطت أمام ناظري.. بحثت بينها عن ثوب ألبسه.. هذا ضاق عليَّ.. وهذا لونه زاهٍ .. يوحي بالتفاؤل.. وأنا لست كذلك.. وهذا يعطيني مظهراً شاباً.. وقلبي هرم عجوز.. وهذا يخلع عليَّ مسحة وقار مهمة.. وفي داخلي لا شيء.. وهذا.. اشتراه زوجي.. يليق بأم، وربة بيت، وحبيسة منزل، وزوجة تحت الطلب.. لبسته.. فأدار زوجي وجهه باتجاه التلفاز... المشهد الحادي عشر: عدم اعتراف الرجل بإنسانيتها وتهميشها: فترد ساخرة على صقيع مشاعره وبلادة إحساسه القطب المتجمد يقيم في منزلي.. آكل معه.. وأشرب معه.. وحين أود التحدث معه.. تلسعني برودة قممه الصامتة.. فأنكفئ على نفسي، راجية، أن تحل عليَّ بركة الصمت، ونعمة التجمد! المشهد الثاني عشر: الولادة هي من بعض المباهج للأنثى خاصة إن كان ولداً: زقزق.. ولدي في صحراء بيتي.. شهادات التقدير، وأوسمة الرضا، وبطاقات الحب، تقاطرت عليَّ تهنئني على هذا الإنجاز الرائع.. أحاطوني برعاية ذوبت جزءاً من إحساسي بالهامشية.. قوائم الطعام حافلة.. بما يفيد الولد.. والنصائح عامرة.. بما ينفع الولد.. والمال يبذل بسخاء..لما فيه مصلحة الولد.. تمنيت أن ألد... كل يوم.. ولداً.. لأدخل دائرة الضوء التي ينيرها مقدمهم، عساي أحظى بشيء من بريق نجوميتهم.. كوني أمهم.. التي حملتهم! المشهد الثالث عشر: نفاذ الصبر: فالمعادلة ناقصة وغير عادلة حتى بين الأم وولدها: لدى أولادي خادمتان.. إحداهما بأجر.. والثانية بالمجان! نداءاتهم الجافة الآمرة لا تنتهي.. حاولت أن أنسج، بيني وبينهم، شبكة من العواطف والحوارات التي أحلم بها... لكن فراخ الرخ أبت إلاّ أن تكون نسخاً طبق الأصل عن بصمات مخالب والدها! المشهد الرابع عشر: هاجس الشؤم والنحس مقترن بقدوم الأنثى: حين ولدت ابنتي.. أخبرتني الوجوه المقطبة حولي أنني ولدت شيئاً غير مرغوب فيه.. وحين تعي ابنتي ما حولها.. آمل... أن لا تكتشف أنها مجرد شيء مختلف! فرفقاً بالقوارير أيها الرجال... بواسطة: إيمان باي أوغلو البخاري

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل