مستقبلياتنعم للسياسة.. لا للتحزب »٤«
ليس عيبا ان يمارس الطلاب دورهم في العمل السياسي داخل الجامعة.. ولكن العيب ان يدخل التحزب ليفسد الحياة والمجتمع الجامعي.. ولعل من ابرز المطالب الطلابية علي مدي سنوات طويلة، الغاء الحرس الجامعي، ولم يفكر احد في البديل المناسب، لحفظ النظام وحماية المنشآت.. هل في انشاء ادارة مدنية بزي خاص، يتم تدريبهم وتأهيلهم لهذه المهمة الشاقة..ان يترك الامر سداح مداح بلا رابط ومن مطالبهم ايضا اعادة اتحاد طلاب الجمهورية الذي ظل قائما لأكثر من ثلاثين عاما.. وبالغائه حرم الطلاب من التمثيل العالمي، والعودة الي لائحة ٦٧٩١ التي تم استبدالها بلائحة منذ عام ٩٧٩١ بعد احداث ٨١ و٩١ يناير ٧٧٩١، التي اطلق عليها الرئيس الراحل محمد انور السادات انتفاضة الحرامية.. وفي ظل هذه اللائحة الجديدة تحولت الاتحادات لمجرد تنظيمات يديرها رؤساء الجامعات في غيبة التمثيل الحقيقي للطلاب، وجميعها جاءت بتزييف ارادتهم واحكام السيطرة عليهم بفضل مباحث أمن الدولة وكان ولايزال لها السطوة والسيطرة علي كل صغيرة وكبيرة بدءا من تعيين المعيد، وانتهاء باختيار العمداء، ورؤساء الجامعات ونوابهم.. من ثم فان القواعد الطلابية كان من اهم مطالبها لائحة جديدة تعطي الطلاب الفرصة لممارسة حقيقية، واطلاق حق الترشيح واعطائهم فرصة التعبير عن آرائهم في مشكلات حياتهم الجامعية والعلمية والتعليمية، وفي مشكلات المجتمع الكبير الذي هو حاضرهم، ومستقبلهم من خلال صحفهم الجامعية، التي تصبح صدي لأفكارهم بحيث تصدر بعيدا عن رقابة الامن، وبعيدا عن تعنت ووصاية رواد الاتحاد، من اعضاء هيئة التدريس، والتأكيد علي حقهم في تنظيم الندوات الثقافية بدعوة المفكرين من خارج الجامعة، بدلا من قصرها علي اعضاء هيئة التدريس، وبذلك يتحقق للطلاب الوقوف علي الاتجاهات الفكرية في الشارع السياسي، فتنشط الحركة الثقافية في البلاد وتسترد الجامعة ريادتها التي ضاعت تحت الكبت الفكري والسياسي، بدلا من الركود الفكري الذي ران علي حياتها لسنوات طويلة فتعود الجامعة مرة اخري الي موقع الصدارة الذي تخلت عنه نتيجة القهر.. وان تأتي اللائحة الجديدة للاتحادات محققة لآمالهم في حرية التصرف في الامور المالية بعيدا عن اجهزة الشباب التي تعوق نشاطهم، وما يترتب علي ذلك من قيام بعض موظفي هذه الاجهزة بتشويه صورة الطلاب باظهارهم في صورة المضيعين للمال العام بانفاقه علي الرحلات الترفيهية وحجبه عن الانشطة التي تفيد جميع الطلاب، ومن ابرز عيوب لائحة ٩٧٩١ ان بها نصوصا تعطي للعمداء الحق في الغاء اي قرار يصدره اعضاء الاتحاد، وفي ذلك اعتداء علي حقوقهم المشروعة.ومن الضروري ان نتقبل نقد الابناء وعتابهم وهو عتاب يجب ان نتقبله بصدر رحب ولانضيق به، وخلاف الرأي لا يفسد ما بين الاباء والابناء من وشائج وتواد وتعاطف، فهم نصف الحاضر، وهم الغد المشرق لامتنا باذن الله، والجامعات باعتبارها منابر الفكر، وصانعة التقدم.. تعرف جيدا، شأنها شأن الجامعات في الامم المتحضرة المتطورة تعرف ان رسالتها ليست القيام بدور الملقن وحشو العقول، ان رسالتها انبل وأعمق من كل هذا، رسالتها اعداد الكوادر الفنية التي احسن تأهيلها واعدادها بكل جديد في عالم المعرفة والتقنيات الحديثة.. الي جانب ترسيخ قيم الحرية والحق والعدل في نفوس الاجيال واحترام حق الاخر في الاختلاف.. والجامعة التي تعرف رسالتها التربوية، والعلمية والفكرية تشجع قيام الابناء بأنشطتهم علي تنوعها من خلال تنظيماتهم النقابية.. وتزداد سعادة عندما تري الابناء يقبلون علي هذه الانشطة ولا يزعجها ولايخيفها ان تقع بعض الاخطاء خلال الممارسة الديمقراطية، فذلك امر يمكن تصحيحه وتصويبه، قد نختلف مع الابناء في بعض النقاط، وهذا امر وارد، فلو شاء الله سبحانه وتعالي لجعلنا امة واحدة.. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. اذن فان خلاف البشر لاينبغي ان يصل الي حد فرض الوصاية الدائمة او كبت الرأي الآخر، فالابناء يكبرون، وقديما قال الشاعر: وينشأ ناشيء الفتيان مينا، علي ما كان عوده ابوه، فاذا تربي الابناء علي القيم السليمة والقدوة الحسنة.. كان ذلك كسبا عظيما لتعميق الديمقراطية.. وتأحيل الديمقراطية واحترام آدمية الانسان، اما اذا تربوا علي القهر والتسلط، وان طريق النجاح هو النفاق والتملق فالخسارة فادحة واذا لم يعطوا الطلاب اليوم فرصة المناقشة والحوار في مرحلة التكوين والاعداد لتولي مسئولية العمل الوطني بعد التخرج.. فأين يجدون هذه الفرصة.ان شباب هذا الجيل، والاجيال القادمة خير من شباب أي جيل سبق. وان عصرهم خير من كل عصر سلف، وان لهم من آفاق الفكر، ما هو ارحب من كل آفاق السلف، وان لهم من غزارة العلم وتدفق المعلومات وكثرة المعارف ما يبشر بمستقبل زاهر.. اذا وعينا الدرس جيدا.
Comments