عالمناتسونامي الأحزاب
أول الغيث قطرة, فها هي أمنية كانت صعبة المنال حتي شهرين ماضيين تتحقق, فالقوي السياسية ستكون حرة في تشكيل الاحزاب بمجرد الإخطار, وليس عبر قناة لجنة الأحزاب, التي كانت خصما وحكما معا, ومباركة جهاز امن الدولة. مصر ستكون علي موعد مع موجات مد عالية ـ تسونامي ـ سوف يغمرها ليس بالمياه, وإنما بأحزاب وحركات سياسية مصبوغة بمختلف الوان الطيف, منها من سيكون علمانيا, وبعضها الآخر دينيا, وسيختلط فيها الجد بالهزل. وما سوف نشهده ونختبره لن يخرج عن دائرة العادي والطبيعي بالمراحل التالية للثورات, فالساحة السياسية كانت بحيرة راكدة تغطيها المياه الآسنة, خلال السنوات الـ30 المنصرمة, مما أفقدنا الرغبة في متابعة مجرياتها ومفرداتها, فبالاسم وحسب كان نظامنا السياسي مرتكزا علي التعددية, لكنه في واقعه المعيش كان نظاما للحزب الواحد, ولا يدخر وسعا لتكسير عظام منافسيه ومنتقديه. بناء عليه يجب عدم الانزعاج أو الخوف من الطوفان الحزبي الذي سيغرق الجسد المصري, بل يتوجب الترحيب به, والبدء في فرز وتقويم ما يتمخض عنه أولا بأول, لنحدد الغث والسمين من بينه, بما فيها الاحزاب المنتظر ان تشكلها الجماعات الإسلامية, مثل الجهاد والاخوان المسلمين وغيرهما, وربما القبطية. ولنعط الجميع فرصته, وان ينبع حكمنا عليهم مما سيطرحونه من برامج وتصورات لمستقبل هذا البلد. والقول الفصل سيكون بيد الناخب المصري الذي سيصبح المسئول عن مفتاح الحل والعقد, فمن يجيد ويقنعه بالعمل لمصلحة الوطن وليس لمصلحة شخصية سيكتب له البقاء والنماء وسيرحب به. وأكاد أجزم بان الوقت وصندوق الاقتراع سيتكفلان بفرم وإغراق الأحزاب غير الجادة والهزيلة وغير المثمرة, ولذلك سيكون من سوء التقدير فرض الوصاية منذ البدء بوضع علامات صفراء وحمراء علي تشكيل هذا الفصيل او ذاك لأحزاب. فمصر في وضعها الآني أشبه بشخص أبكم عاش30 عاما من حياته دون أن يتفوه بكلمة واحدة, الي ان حدثت المعجزة واسترد حنجرته, فالتصرف الطبيعي الذي سيقبله منه الكل هو أن يتكلم طوال الوقت, لتعويض مافاته, بعدها سيهدأ وسيتعلم تلقائيا اختيار توقيت التحدث والصمت, فاتركوا الأبواب مفتوحة لنسائم الديمقراطية. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي
Comments