المحتوى الرئيسى

> آفاق الديمقراطية

03/15 21:23

من المتفق عليه أنه لايوجد نظام سياسي واجتماعي يخلو من العيوب، لكن الديمقراطية هي الأفضل مقارنة بغيرها من الأنظمة، ففي ظلها يحظي الإنسان بحريته وحقوقه، وينجو من القهر والبطش، وتتهيأ له الظروف المواتية للصعود والتحقق، بما يتناسب مع كفاءته ومواهبه. الديمقراطية هي الأفضل، لكنها لاتخلو من العلل التي تحتاج إلي التقويم والإصلاح، فالتغاضي عن التفاوت الاجتماعي بين الطبقات يصنع الاحتقان والتوتر، والحرية الاقتصادية تصطدم بما تتسبب فيه الفوارق الطبقية الطاغية من تداعيات سلبية ومشاكل تهدد السلام الاجتماعي. من ناحية أخري فإن الإسراف في استثمار مناخ الحرية قد يكون مدخلا للفوضي والدمار، والمعادلة الصعبة هي السعي إلي تحقيق التوازن بين حرية الفرد وحريات الآخرين. الاختيار الديمقراطي بعد 25 يناير 2011 لا يقبل الجدال، والآثار الجانبية لفترة التحول لا يمكن أن تدوم، لكن انحسارها رهين بالانتباه إلي محورين لا ينبغي اهمالهما: العدالة الاجتماعية في نطاق الالتزام بالاقتصاد الحر، وتقنين الحرية بما يحول دون التطاول والسقوط في هاوية الفوضي. الاستقرار الاجتماعي يتطلب التوزيع العادل للثروة، وفق معايير وقواعد تتسم بأكبر قدر من الشفافية والصراحة معا، والإعلاء من شأن الحرية غير المقيدة يحتاج إلي تفعيل القانون، واحترام قدسية الحياة الشخصية، والتمييز بين الحق في النقد المباح وجرائم القذف والتشهير. ستون عاما من الحكم التسلطي الفردي لا يمكن أن تتبخر آثارها في أيام أو شهور، ولا شك أن الفرحة الطاغية بالحرية قد تصاحبها سلوكيات ضارة وتجاوزات منفلتة، مبررة بقدر ما هي مرفوضة، والأولوية الأهم الآن أن يعاد تشكيل المجتمع وقيمه المعرفية بخطي واثقة، تبدأ من مقررات ومناهج التعليم، حيث ضرورة التخلص من فلسفة التلقين والانتصار للحفظ الميكانيكي، وصولا إلي العقل المبتكر الحر الذي يفهم ولا يذعن، ويحاور ويجادل دون ترديد يحاكي فعل الببغاوات! بالموازاة مع ثورة التعليم، تحتاج مصر إلي نظام إعلامي جديد مسئول محترم ملتزم، مسلح بالمهنية والأداء الاحترافي الجيد، ويخلو من الأدعياء عديمي الموهبة، الذين تسللوا إلي مراكزهم المؤثرة متكئين علي الوساطة والفساد، ثم يزعمون الآن أنهم في طلعية المناضلين والأبطال!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل