المحتوى الرئيسى

قصة اليمني الوحيد الذي يتفق عليه أنصار النظام والمطالبون برحيل الرئيس صالح

03/15 19:19

صنعاء- عبدالعزيز الهياجم فيما ينقسم اليمنيون بين من يرى ضرورة تغيير النظام ورحيل الرئيس ومن يؤيد الرئيس صالح وينادي بالإصلاح في ظل وجود النظام، يبقى هناك شخص واحد يحظى بإجماع كل اليمنيين ويتغنى به الكل بلا استثناء، المعارضون والمؤيدون. هو "فنان اليمن الأول" أيوب طارش العبسي، صاحب النشيد الوطني ولحن السلام الجمهوري، والذي يعتبر من أشهر فناني الأغنية الوطنية، وتطغى أغانية هذه الأيام على ساحات التظاهرات ووسائل أعلام السلطة والمعارضة. فالمؤيدون يستمدون من أغانيه روح معاني التمسك بالوحدة والثورة والامن والاستقرار والتنمية كتعبير عن انجازات النظام، بينما والمعارضون يستلهمون حماسة المشاعر الثورية ونداءات التمرد على الظلم والفقر والتضحية من اجل غد أفضل. وتعد أغاني طارش الوطنية جزء أساسي من العقيدة العسكرية للجيش اليمني حيث تشكل توجيها معنويا لمنتسبي القوات المسلحة والامن الذين يستيقظون على وقعها، لارتباطها ببرنامجهم اليومي وطاقة حماسية خلاقة لطقوسهم التأهيلية والتدريبية . كما أن طلاب المدارس في مختلف ارجاء اليمن يبدأون صباحهم بترديد اغنيته التي اصبحت النشيد الوطني للبلد. ومثلما ظلت اغانيه تتصدر الاعلام المرئي والمسموع للحكومة وخاصة في المناسبات والاعياد الوطنية، كانت هذه الأغاني الوطنية الحماسية سلاحا قويا استعمله الشباب المنادون برحيل الرئيس صالح حيث أن الاذاعات ومكبرات الصوت التي اقيمت في ساحات الاعتصامات والتظاهرات يشكل طارش مادتها الخصبة والمحفزة لحشد مئات الآلاف الذين يرفعون شعار "ارحل". وواكبت ذلك القنوات الفضئية التي تتبع احزاب المعارضة اليمنية. فتظاهرات المطالبين برحيل النظام تردد معه " اهتفوا للشعب إن الشعب جيش لا يذل.. وقفوا للشعب إن شعب شهم لا يضل.. عاش الشعب.. عاش الشعب". أما المتظاهرين تأييدا للنظام فيقولون خلفه "ليس منا أبدا من فرقا.. ليس منا أبدا من مزقا.. ليس منا ابدا من يسكب النار في ازهارنا كي تحرقا". الاعلامي فؤاد العلوي الذي هو ضمن المنتمين لشباب التغيير المطالبين برحيل صالح يلاحظ هذا الإجماع حينما يتجول بين فعاليات الاحتجاجات التي ينفذها أنصار الرئيس صالح ومعارضيه، "حيث أصبحت أغاني طارش الوطنية وجبة يومية وملتقى لا يختلف حول سماعها أحد، وصار صوت هذا الفنان الأعلى في كل ميادين الاحتجاجات المعارضة والمؤيدة على حد سواء، وحتى في قنوات التلفزة الحكومية والمعارضة"، بحسب ما يقول لـ"العربية.نت". صوت تجمع الإصلاح ليس هذا فحسب بل إن الفنان أيوب طارش أصبح الصوت الصداح في قناة سهيل الفضائية التي يديرها التجمع اليمني للإصلاح الحزب المعروف عنه توجهه الإسلامي، والذي يبنى بعض أعضاؤه رأيا فقهيا محرما للغناء والموسيقى. وفي ساحة التغيير بجامعة صنعاء التي يخيم فيها معارضو الرئيس، لا فرق بين ذوي الإتجاه الإسلامي وذوي الإتجاه اليساري من إشتراكيين وناصريين فالكل يرقص على أغاني أيوب طارش العبسي الثورية والوطنية، والكل يصفق لها ويطرب لسماعها. ويرى الكاتب والصحفي نبيل نعمان العبسي، الذي ينتمي الى مسقط رأس الفنان ايوب طارش أن الاخير "لا يختلف عليه اثنان ويجمع حوله الكل لكونه يعبر في اغانيه واناشيده عن الوطن والارض والانسان وهو ما جعل اليمنيون يلتفون حوله منذ بدأ مشواره الفني". ويضيف "الفنان ايوب طارش لم يغني يوما لزعيم أو قائد بل كان الوطن محورا لفنه وتمسك بهذا المبدأ طوال مشواره الفني مما جعله في كافة المراحل والمنعطفات محل اجماع وتقدير وحب الجميع وأوضح ما يكون ذلك في أيام الشدائد والانقسامات حيث نجد أن ايوب طارش بلحنه الجميل وصوته العذب وكلمته الوطنية يستقطب كافة الاطراف ويلهم الجميع لأن حضور الوطن القوي والمخلص في فنه شكل ملاذا للجميع والاجيال المختلفة". وطارش الذي ينتمي الى محافظة تعز الشمالية انتقل وهو صغير الى عدن مع والده أيام الاحتلال البريطاني وذلك مطلع ستينيات القرن الماضي وهناك التحق بالتعليم ثم بدأ سرا ممارسة ههوايته في الغناء والعزف على العود ثم عاد الى شمال اليمن ليشكل مع الشاعر والمناضل الراحل عبدالله عبدالوهاب نعمان مدرسة غنائية جديدة وخصوصا في الاغاني الوطنية التي الهمت المناضلين والهبت حماسة الشعب اليمني. "رددي ايتها الدنيا نشيدي" بدأت قصة "رددي ايتها الدنيا نشيدي" التي يرددها كل اليمنيون, عندما ذهب طارش الى عدن ليسجل تلك الاغنية عام 1981. فسمعها رئيس اليمن الجنوبي الاسبق علي ناصر محمد فأعجب بها وطلب من أن يجعل منها لحنا ونشيدا وطنيا. وبالفعل، أصبحت النشيد الوطني لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كان يحكمها الحزب الاشتراكي وتعد ضمن منظومة الانظمة الماركسية الحليفة للاتحاد السوفييتي. وعندما كانت تتسارع وتيرة اللقاءات والاتفاقيات بين قيادتي الشطرين الشمالي والجنوبي خصوصا في عام 1989 عندما كان يتهاوى المعسكر الاشتراكي مع تطبيق بيروسترويكا غورباتشوف, كان هناك اجماع من الشماليين والجنوبيين على أن "أغنية رددي ايتها الدنيا نشيدي " هي الانسب لتكون النشيد الوطني للدولة اليمنية الموحدة. غير أنه حصل خلاف سياسي شهير على كلمة "أممياً" حيث جاء في مقطع منها "عشت ايماني وحبي أمميا.. ومصيري فوق دربي عربيا.. وسيبقى نبض قلبي يمنيا". فالمسؤولون الشماليون الذين كانوا ضمن نظام أقرب لتصنيف حليف للغرب إعتبروا أن كلمة "أمميا" ترتبط بشعار المنظومة الاشتراكية السوفيتية وبالتالي فإن الابقاء على الكلمة يرمزالى هيمنة المشروع الاشتراكي على الدولة اليمنية الموحدة ..فكان الاعتراض على الكلمة ليتوصل الجانبان الى تغييرها بكلمة "سرمديا ".. وهو ما اثار ضجة وجدل بين النخب المثقفة والفكرية حتى تم اعادة الكلمة مجددا بقرار جمهوري قبل ثلاثة اعوام.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل