المحتوى الرئيسى

ماذا لو رشح الوفد عمرو موسى لرئاسة الجمهورية؟محمود راشد :

03/15 17:52

الثورة المصرية معقدة للغاية ولكن الوضع على الساحة شديد الخطورة نظراً للتيارات الدينية التي فرضت قوتها، وللمرة الأولى نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية تقرر قلب الطاولة على الجميع وإظهار تأييدها العلني لجماعة الإخوان المسلمين عملاً على تكوين شرق أوسطي جديد يرتدي عباءة الدين فيسهل التربص به وفقاً لنفس "الأسطوانة" التي يتغنى بها الجميع "الحرية".المؤثرون الآن على الساحة هم الجيش والإخوان والأقباط والشعب والأحزاب "القديم منها والجديد" ويبدو أن الجماعة الإسلامية انضمت إلى الملعب لنجد جميع الطوائف والتيارات في حالة انشقاق فلم تتحقق أهم عناصر الثورة وهي "الوحدة" لأن الشعب نفسه غير مؤهل للديمقراطية من الأساس ولم يعتد على أي شفافية بينه وبين النظام الحاكم.الخطر الحقيقي هو وصول تيار ديني إلى السلطة ولا يعني ذلك الابتعاد عن الدين أو إقامة دولة علمانية ولكن "دولة وسطية" لا تكون التيارات الدينية المتشددة هي اللاعب الأساسي على ساحتها فتتحول مصر تدريجياً إلى أفغانستان جديدة أو إيران جديدة، وهي خطوة من شأنها أن تحول الشرق الأوسط كله إلى "اتحاد سوفيتي إسلامي" إن جاز التعبير فيسهل تفكيكه والقضاء عليه لصالح الكيان الصهيوني.تبدو الأمور معقدة قليلاً لأن هناك شعباً لا يصدق أن الثورة ربما لم تكن له ولا يقبل أي تقليل من شأنها ولا يحاول حتى مجرد التفكير في أن جهات بعينها استفادت من الأحداث، بالرغم من أن ذلك لا يقلل من شأن الثورة في أي شيء ولكنه يدعو إلى اتحاد الجميع من أجل مصلحة وطن يتربص به العديد ولا يرفق أبه أحد.هناك إخوان مسلمون يسعون بكل قوة إلى السلطة وأصبح موقفهم قوياً في الشارع وهناك أقباط لديهم توجس من ذلك وهناك شعب للأسف ربما أن معظمه "معاهم معاهم عليهم عليهم"، فهناك خياران إما أن تُترك الساحة هكذا وإما أن يكون هناك حل آخر لصرف الشارع عن التيارات الدينية المتشددة وجره إلى التيار الوسطي الذي اعتادوا عليه وللأسف غاب دوره منذ "سقوط" الأزهر قبل عدة عقود.النظام الحديدي الذي حكم مصر لم يَثُر عليه سوى نظام حديدي مثله لديه خطة وفكر ومنهج والأهم من ذلك "سلاح" أسقط الشرطة في 6 ساعات وأطلق المساجين وكان على وشك الاستيلاء على الحكم بالقوة، هل هذا نظام يمكن إتباعه وهل يجب عليّ أن أقبل ديكتاتوراً جديداً، في حين أن الجيش تفهم مطالبي جيداً وجار تنفيذها فعلينا جميعا أن نفهم ونتعامل مع الأمور بعقلانية بدون أن نعرض كيان الدولة للخطر.هناك رأيان بشأن التعديلات الدستورية التي وصفها البعض بأنها "ترقيع" للدستور وربما البعض الآخر وصف دستور بلاده بالفتاة المنحلة ووصف الشعب بالزوج "الديوس" في إعلان شهير لا يعبر سوى عن محاولة لإفراغ الشارع من قضايا أساسية وجره إلى أمور فرعية، هناك رأي يقول نعم أؤيد بشدة وآخر يقول لا وبشدة أيضاً بالرغم من أن الطرفين يناديان بـ "الديمقراطية" ولا يستمع أحد منهما إلى الآخر.من يقول نعم خائف من المستقبل ويرى أن الحل هو التعقل والاتزان وهذا منطقي تماماً، ومن يقول لا يرى أن الثورة لم تحقق مطالبها، والمشكلة أن كلا الرأيين صحيحان ولكن هناك سؤال مهم - ما هو البديل عن التعديلات الدستورية الحالية؟إذا تمت الآن صياغة دستور جديد فعليه أن يرضي كافة المصريين لأن المعترض سيتوجه فوراً إلى ميدان التحرير حتى وإن كان قليل العدد، وهل تعتقد أن هناك دستوراً يمكن أن يقبله الجميع؟، فهناك من يرى أن المادة 2 يجب إلغاؤها أو تعديلها وهناك جانب يرى ضرورة أن تتحول مصر إلى دولة برلمانية يحكمها مجلس الشعب "الذي سيكتظ بالإخوان المسلمين" ومن ثم ستلهث خلفه الجماعة الإسلامية لتحصل على نصيبها فيخاف الأقباط ولا ترضى القوى السياسية الأخرى بنصيبها الهزيل خاصة أن تواجدها في الشارع شبه معدوم ومن ثم تسير مصر في طريق مظلم.الحل هو أن يتكاتف الجميع وبما أن ذلك أصبح مستحيلاً في ظل قوى سياسية لا تريد أن تهدأ وواقع يبدو أنه غير مبشر بالخير، فربما أن هذا الوقت يتطلب التهدئة عبر دستور مؤقت يدير شئون البلاد ويرضي الإخوان ولا يفتح الباب أمام صراع سياسي في الوقت الحالي لأن الجميع سيطلب بسبب الحماس الكبير والانفلات الأمني أما غداً فستكون مصر قد عبرت حالة الفوضى وعدم الاستقرار تحت قيادة رئيس جديد للبلاد ويعود الجيش إلى القيام بواجبه المقدس.أعتقد أن الوقت الآن ملائم تماماً لتصعيد "حزب سياسي ما" إلى القمة ليتفق عليه الشعب ويصبح لاعباً أساسياً في مواجهة التيارات الدينية "المتشددة".الأحزاب التي تم الإعلان عن إنشائها أو جار العمل على ذلك ستحتاج إلى وقت طويل جداً لإثبات قوتها في الشارع، بالإضافة إلى أن معظمها أحزاب شبابية بناءً على أنها "ثورة شباب" ومن الصعب أن تجد قبولاً في الشارع في مواجهة قوى كبيرة منظمة وبالغة التأثير، فضلاً عن أنه من الصعب أن ينضم إليها رجال بارزون في عالم السياسة يتقبلهم الناس ويثقون بقدراتهم وحرصهم على مصر.تصعيد حزب سياسي يتمتع بتاريخ واسم كبير قد يكون حلاً للأزمة، ولدينا على الساحة عدة أحزاب من هذه العينة فماذا لو تم استغلال أحدها ليرشح شخصية كبيرة مثل السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية لرئاسة مصر، ومن الطبيعي أنه سيكون الفائز في الانتخابات وسيجلس على عرش البلاد لأنه مقبول لدى الجميع، ولن تتمكن التيارات الإسلامية من الوقوف ضده وسيرحب به الأقباط أيضاً.لدينا أحزاب الوفد والتجمع والناصري وهي الأقوى على ساحة المعارضة والأوفر حظاً من الشهرة لدى الجماهير فماذا لو رشح أحدهم عمرو موسى للرئاسة؟اختيار التجمع أو الناصري يغضب الإخوان وربما يجر البلاد إلى منعطف خطير، أما الوفد فهو غير بعيد عن الواقع السياسي المصري، كما أن لديه أرضية كبيرة في الشارع بحكم التاريخ ولذلك فهو قابل للتصعيد ومن الممكن أن تدعمه الجماهير بقوة.السياسة بشكل عام هي لعبة كر وفر، وفي مصر ربما تكون اللعبة بين قط هو السلطة التي تخاف على مصر من الإنجرار وراء مخطط أمريكي إسرائيلي مشترك قد يضع الدولة على حافة الهاوية، وبين فأر طامع في السلطة ويستغل كل شيء من أجل الوصول إليها.بالتأكيد فإن الرجل سيكتسح الانتخابات ليس لأنه تابع للوفد ولكن لأن الرجل هو الأصلح وصاحب أكبر قاعدة جماهيرية في مصر، وبعد ذلك سيكون الوفد هو حزب الرئيس أي الحزب الحاكم وإذا ما أثبت أنه مختلف تماماً عن الحزب الوطني وأنه قادر على العمل السياسي الشريف والنزيه في دولة مدنية فإن الشعب سيتحمس له ولن يقف ضده وتدريجياً سيصبح هو صاحب السلطة وصاحب الجماهير في مواجهة التيار الديني "المتشدد" الذي سيفقد قدراته ثم يختفي.إنها حقيقة الأمور، يوماً ما كان الوفد هو البطل في مواجهة احتلال بريطاني ثم أصبحت السلطة عسكرية لحماية البلاد في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبالرغم من دور الإخوان المسلمين الرائع في بداية ظهور الجماعة تحت قيادة الإمام حسن البنا، فإن الأمور تغيرت لتصبح صراعاً على السلطة بين عسكر وملتحين، والخاسر الأكبر في المعركة هو مصر.تدريجياً، تحولت السلطة في مصر إلى مدنية ولكن المدنيين خانوا الأمانة فسيطروا على الحكم فأصبح ديكتاتورياً مهد له أن حكم الفرد كان ضرورة في عصر عبدالناصر، فأصبح الرئيس الراحل محمد أنور السادات يرى أن أنصار ناصر يمثلون خطراً وأن التيار الإسلامي هو الحل ليحدث حالة من التوازن فما أن حدث التوازن حتى قتلوه.مبارك وجد أن أتباع ناصر والإسلاميين خطر فلا يمكن المجازفة بتصعيد أحدهما لوقف سيطرة الآخر، وربما هذا ما جعل فترة حكمه مكتملة الديكتاتورية وفاجرة إلى أبعد الحدود خاصةً بعدما استغل "المرتزقة" الأحوال فنشروا الفساد براً وبحراً وفي الخفاء كانت هناك جماعة دينية تعلم تماماً متى تظهر على الساحة ومتى وكيف تستخدم القوة، فحانت لها الفرصة قبل تسليم الأب مقاليد الحكم إلى ابنه فتحركوا واستغلوا شعباً بأكمله وكانوا قاب قوسين أو أدنى من كرسي الرئيس وما زالوا.التاريخ يعيد نفسه والسؤال المطروح هو كيف يمكن إيقاف تقدم الإخوان نحو السلطة؟ والحل هو تصعيد تيار مواجه، قد يكون الوفد هو الأصلح وأعتقد أن الشعب المصري كله سيؤيد هذا الاقتراح لأننا جميعاً نخاف على مصر.عمرو موسى لا يختلف عليه اثنان سواء مسلما أو مسيحيا، وهناك فارق كبير جداً بين المسلم والتيارات الإسلامية، وبين الأقباط والكنيسة، هناك فارق بين الدين وبين السياسة.في النهاية، أذكركم بظهور عبود الزمر على شاشات الفضائيات بعد خروجه من المعتقل وأذكركم أيضاً بأن هذا الرجل يمثل فكراً ما تم بناؤه على أساس الدين، وأذكركم أيضاً بأنكم توجستم خيفةً منه وهذا هو الوجه القبيح لـ "تسييس الدين".ربما كان الإفراج عن الزمر وظهوره المكثف على الشاشات وراءه توجيه رسالة ما إلى الجماهير مفادها أن "التيارات الدينية المصرية المتشددة لا تصلح لحكم مصر" فهل ستنتخب الإخوان المسلمين؟أعتقد أيضاً أن حكومة الفريق أحمد شفيق كانت مدعومة بقوة من الجيش لأنه أحد أبناء المؤسسة العسكرية، وتمت إقالتها وإسناد المهمة إلى عصام شرف لسببين الأول هو إنهاء حالة الاحتقان لدى الجماهير والثاني هو أن شرف مقبول من الشارع وإذا قال إن هناك أيادي تلعب في الخفاء فسيصدقه الناس وهذه هي الحقيقة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل