المحتوى الرئيسى

مصر كانت رايحة فين‮ .. ‬ودلوقت فين

03/15 00:50

‭- ‬ربما لا يعرف كثيرون أن القرب من فساد النظام السابق بدأ بالضرب تحت الحزام ومع ذلك لم يتحرك رموز النظام وكأنهم فقدوا إحساسهم‮ .. ‬كانت سياستهم تطنيش أقلام الشرفاء‮ .. ‬وكلما كنا نكتب نقدا‮ .. ‬أو نتناول فسادا‮ ‬،‮ ‬لا تتحرك الحكومة وكأنما كانت تطالبنا بان نضرب رؤوسنا في الحيط حتي وصل بأقلام الشرفاء بأن تكون ضرباتهم للنظام علي المكشوف فجاءت مقالاتهم مثل ملفات المدفعية الثقيلة ومع ذلك كان النظام يتصدي لها وهو يدفن رأسه كنوع من انواع الكبرياء والتضليل‮ ..‬‮- ‬أذكر أن زميلنا الكاتب الصحفي الكبير مجدي الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم‮ .. ‬قد طرح سؤالا في عام‮ ‬2008‮ .. ‬السؤال مفزع‮ .. ‬والمفروض أن يحاسب مجدي عليه‮ .. ‬ولكن لأنه يعرف انه لن يجرؤ احد علي محاسبته فقد طرح سؤاله وكأنه يعرف ان هذا السؤال هو السؤال الذي علي لسان كل مواطن مصري‮ ..‬السؤال‮ .. ‬من يعزل الرئيس مبارك ؟‮- ‬وسبحان الله‮ .. ‬السؤال عام‮ ‬2008‮ ‬وكان وقتها يبحث عن اجابة تشاء قدرة الخالق بأن تكون الاجابة عليه في يوم‮ ‬25‮ ‬يناير‮ ‬2011‮ .. ‬صحيح ان الاجابه جاءت بعد عامين من تاريخ السؤال‮ .. ‬لكن المهم وجدت من يجيب علي سؤال مجدي الجلاد‮ .. ‬فقد كنا نسأل مصر وقتها‮ .. ‬مصر رايحة علي فين‮ .. ‬نحن الان في حلم‮ .. ‬لم نصدق أننا تحررنا من الكابوس‮ .. ‬من نظام كان علي أنفاسنا ثلاثين عاماً‮ ‬بلا تغيير‮ .. ‬رموز توحشت أفسدوا الحياة السياسية‮ .. ‬ونهبوا ثروات البلد‮ .. ‬ودمروا اقتصادنا‮ .. ‬وأغرقونا بالديون وفي عصرهم تحولت الأرانب الي مليارات وعندما كنا نتكلم كانوا يرهبوننا بحملات التخويف والتشهير فكانوا ينهشون سيرة كل كاتب أو صحفي شريف رفع قلمه في وجههم‮ .. ‬وكم من الكتاب الشرفاء تعرضوا لشرشحة أقلام المنافقين لمجرد أنهم تبنوا أوجاع الشارع المصري وكانوا صادقين فتخرج عليهم أقلام بلطجية النظام الذين حصنوهم بعضوية الشوري وهات يا تشريح في صحف النظام‮ ..‬‮- ‬أنا شخصياً‮ ‬كلما كنت أكتب مقالاً‮ ‬في صحيفة المصري اليوم وقد كانت هي نافذتي الحرة التي كنت أطل منها حيث كنت لا أستطيع أن أكتب في صحيفة‮ " ‬الأخبار‮" ‬اليومية مثل هذه المقالات وكلما كنت أتناول أسلوب الحكومة في‮ " ‬تطنيشها‮ " ‬للأقلام‮ .. ‬كنت أجد في صندوق بريدي الاليكتروني مئات الرسائل بأقلام شبان لا أعرفهم‮ .. ‬يروون لي أوجاعهم وهم يعلنون تضامنهم فيما كنت أكتبه‮ .. ‬وترتفع درجة الغليان عند الشباب عندما كنت أكتب عن عصابة‮   " ‬جمال‮ " ‬من رجال الاعمال‮ .. ‬وأصرخ ولم يسمعني أحد‮ .. ‬فكنت أشعر من خلال تعليقاتهم بثورة في داخلهم وكأنهم يقولون بين السطور‮ : ‬إن‮ ‬غدا لقريب‮ .. ‬‮- ‬ولا ينكر جاحد أن الصحف المستقلة لعبت دورا مهما في حياة الثوار‮ .. ‬فهي التي ساهمت في النضج السياسي لمختلف الأعمار‮ .. ‬عندما كانت تشحن صدورهم بأوجاع الناس‮ .. ‬وهي تكشف لهم عن رموز الفساد‮ .. ‬‮- ‬إن هذه الأحداث هي أوسمة علي صدور أصحاب الأقلام التي عارضت النظام‮ .. ‬ولم يسلموا من تلفيق القضايا لهم ولم تخضعهم الاحكام التي طالتهم‮ .. ‬بل كانوا صامدين‮ .. ‬لم تتغير مبادئهم‮ .. ‬ولم تتلون أقلامهم‮ .. ‬فمثلا الكاتب الصحفي عادل حمودة قبل الثورة الشبابية‮ .. ‬تعرض للبذاءات والاهانات من الاقلام التي كان يستأجرها النظام‮ .. ‬لمجرد أن مقالاته لم تعجبهم‮ .. ‬وأذكر مقالا له عن إضرابات الموظفين‮ .. ‬عندما قال‮ " .. ‬اكتب لكم عن الحكومة المستريحة في بلادنا‮ .. ‬لم أشأ أن اسميها الحكومة الكسيحة‮ .. ‬أو الحكومة المتقاعدة‮ .. ‬أو الحكومة المصابة بلين العظام‮ .. ‬التي نشف الزيت في مفاصلها‮ .. ‬وتصلبت عضلات الحركة في قدميها‮ .. ‬إنها الحكومة التي دخلت في‮ ‬غيبوبة متصورة أنها محمية بالقوة الأمنية دون أن تدرك أن هذه القوة نفسها تمردت‮  ‬علي قادتها فيما يعرف بأحداث الأمن المركزي‮ .. ‬‮- ‬وأذكر استغاثة للفقيه الدستوري الدكتور يحيي الجمل جاء في مقال نشر له أول سبتمبر‮ ‬2008‮ ‬في جريدة المصري اليوم تحت عنوان‮ " ‬سيدي الرئيس‮ .." ‬قال فيه‮ :‬‮" ‬سيدي الرئيس‮" .. ‬ألا تري أننا وصلنا معك الي أمور‮ ‬غريبة ومصير مفجع فيما لو أراد الله للقدر أن ينزل فجأة‮ .. ‬وأنت ياسيدي في مرحلة من العمر يتذكر الانسان قول الله لرسوله‮ " ‬إنك ميت وإنهم ميتون‮ .." ‬ألا تري ياسيدي رغم كل مايقوله كتبة السلطان‮ ‬،‮ ‬أن أحوال مصر تردت الي هوة سخيفة‮.. ‬‮- ‬ثم قال للرئيس‮ : ‬إن ابنك جمال لايتمتع بأي قدر ولو ضئيلا من القبول الشعبي بل إن الشعب المصري عن بكرة أبيه‮ - ‬فيما عدا مجموعة المنتفعين‮ - ‬يراه شابا مغرورا‮ .. ‬ثم دعا الرئيس في نهاية المقال أن يتوكل علي الله‮ .. ‬‮ .. ‬وهو لايعلم أن الله سوف يستجيب لدعوته ويتنحي عن منصبه كرئيس للبلاد‮ .. ‬لم ينفعه ابنه ولا كتبة السلطان‮ .. ‬وهنا أقول‮ : ‬إن النظام دفع ثمن تطنيشه للأقلام‮ .. ‬وكأنه لم يكن يعرف أن الوطن باق وهم الزائلون‮.. ‬‮.. ‬فعلاً‮ ‬مصر كانت رايحة في داهية‮ .. ‬أما الآن فالله معنا حيث ينتظرنا مستقبل مشرق بأبنائنا الطيبين بالعمل وليس بالتظاهر‮ .. ‬بالحب وليس بالكراهية أو تصفية الحسابات‮ .. ‬المهم أمن واستقرار هذا البلد أمانة في رقابنا‮.‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل