المحتوى الرئيسى

> خروج الأقباط بالكنيسة للوطن وليس خروجا عن الوطن

03/14 21:04

يقول «الإمام الغزالي» قد يكون في الجحيم نافذة علي الجنة» هذا ما شعرت به طوال متابعتي عن كثب للأحداث القبطية الاخيرة تلك التي حدثت في قرية صول بأطفيح، وكيف تحرك علماء المسلمين علي مختلف الاتجاهات للتأكيد علي أن قيم الاسلام الفضلي لا تجيز بل وتحرم حرق أو هدم التعرض لدور العبادة لغير المسلمين، ولا تجيز الصلاة في أماكن مغتصبة من أصحابها، أذكر في ذلك فضيلة الإمام الأكبر الشيخ «أحمد الطيب » وأصحاب الفضيلة مع حفظ الألقاب : الشيخ محمد حسان، الداعية الدكتور صفوت حجازي، الداعية عمرو خالد، الداعية الشاب معز مسعود، الدكتور عبد المعطي بيومي، وسائر علماء الازهر الافاضل. كما لا يفوتني ان اذكر مواقف جميع القوي الوطنية والثورية وفي مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين التي اصدرت بيانا يشجب ما حدث. كذلك مواقف شباب الثورة، والموقف الريادي المعهود للفنان خالد يوسف، كل ذلك إن دل علي شيء فإنه يدل علي ان روح التحرير التي تحمل بين طياتها التعددية وقبول الاخر وشعار «يد واحدة» يجعلنا وان استشعرنا القلق تجاه خروج البعض عن النص «احداث المقطم والسيدة عائشة» فان تلك الروح الايجابية التي أحاطت بالنيران الطائفية واطفأتها تؤكد انه لا عودة لخطوط 24 يناير 2011 . وسبق ذلك ان كنت في رحلة للصعيد بصحبة الاب «وليم سيدهم اليسوعي» للمشاركة في عدة ندوات في المنيا بدعوة كريمة من نيافة المطران الانبا «ابراهيم اسحق» والكاهن «اندراوس فرج» مسئول التكوين ودعوة اخري من نيافة المطران «كيرلس وليم» مطران أسيوط والكاهن «توماس وليم» وعلي مدي يومي 2 و 3 مارس، قمنا بعمل ندوات كنيسة «ملكة السلام» بأبي قرقاص بالمنيا كما قام الاب وليم سيدهم بعمل ندوة بكنيسة «العذراء» بالبياضية، واخري يوم 4 مارس بكنيسة «يسوع الملك» بكاتدرائية الاقباط الكاثوليك بالمنيا، وعلي الجانب الاخر شرفت بالاشتراك في ندوة في ذات اليوم مع الزميل الكاتب الصحفي «عادل الضوي» بجمعية «الجزويت والفرير» بالمنيا نظمها قطاع التكوين بدعوة كريمة من الاستاذ «مجدي عشم» والاستاذة «سهير نجيب» حضرها لفيف من الشباب المسلم والمسيحي وانتهت جولتي بصحبة الاب «وليم سيدهم» بلقاء مع كهنة وراهبات ومسئولي الجمعيات القبطية بأسيوط. كل هذه الجولات سبقت احداث اطفيح الشهيرة بأيام ولكنها كانت علي علاقة وطيدة بتلك الاحداث لان كل تساؤلات ومخاوف المواطنين المصريين الاقباط وفريق من اشقائهم في الوطن من المواطنين المصريين المسلمين ارتبطت بالتالي: 1- ما ابعد المسافة بين الصعيد وميدان التحرير حيث ان الصعيد مازال يرزح تحت قيادة كل عناصر الثورة المضادة من المحافظين وحتي المخبرين مروراً بكل القوي التقليدية والعشائرية والدينية التي عاشت طوال الثلاثين عاما الماضية في كنف جهاز مباحث امن الدولة والنظام القديم سياسياً واجتماعيا واقتصاديا 2- ان مخاوف المواطنين المصريين الاقباط وهواجسهم مازالت ترتبط «بفزاعة الاخوان المسلمين» وتحركات الحركة السلفية والجماعات الاسلامية. 3- ورغم وجود الشرطة بالصعيد الا انهم يتواطأون مع المجرمين والخارجين علي القانون من اجل اخضاع اهل الصعيد وجعلهم يتباكون علي نظام الرئيس السابق «حسني مبارك» بل ان هناك قري بعينها مثل قرية «البدرمان» بملوي يسيطر عليها احد عتاة المجرمين والمعروفين بالاسم لدي الاجهزة المختصة حيث يقوم بترويع اهالي القرية وابتزازهم وتعذيبهم ونهبهم علي مرأي ومسمع من الجيمع. وما كدت أعود للقاهرة لكي اتحاور واناشد شباب الثوار وقادة الرأي والفكر حول ضرورة عمل وفود لزيارة الصعيد المنسي حتي فوجئنا جميعا بما حدث في اطفيح ليؤكد مخاوف الاقباط من جهة ويؤكد ايضا ما سبق وان نشرته عبر استضافتي مرتين بصحيفة «الشروق» الغراء في عمودي «الاستاذة والاصدقاء» الكتاب «عماد الدين حسين ووائل قنديل في فبراير الماضي، في ان الصعيد يحتاج من جديد الي ملك مثل «مينا» ليوحد القطرين علي مبادئ الثورة وميدان التحرير. ولذلك كله فإن ما سبق وان ذكرته من تفاصيل كان مهما لأنه كشف الغطاء عن نقطتين أساسيتين: النقطة الاولي السلبية: هي ان ما حدث في اطفيح يمكن ان يحدث بسهولة في اكثر من 1000 قرية من قري الصعيد. النقطة الثانية الايجابية: وهي أن صحوة الثوار وأصحاب الفضيلة من التيارات الاسلامية هي البداية الحقيقية لبدء عمل ثوري لإزالة مخاوف المواطنين المصريين الاقباط من جهة والتحرك نحو أول الصعيد المنسي. ومنذ أحداث العمرانية ديسمبر 2010 وصولاً لأحداث كنيسة «الشهيدين» بصول باطفيح، مرورا بأحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية سبق المواطنين المصريين الاقباط أشقاءهم في الوطن بالانطلاق ثوريا نحو تحقيق أهدافهم، في العمرانية تصدي المتظاهرون للأمن، وخرجوا للاحتجاج أمام محافظة الجيزة، وبعد تفجيرات الاسكندرية خرجوا جنباً إلي جنب مع أشقائهم المسلمين في الوطن في بروفة حقيقية 25 يناير حيث طالبوا باسقاط العادلي ومبارك، حينما اندلعت الثورة كان الشباب القبطي قد أنهي تمريناته لينتقل من خبرة الطائفية إلي الخبرة الوطنية فحموا أشقاءهم المسلمين أثناء الصلاة في ميدان التحرير وامتزجت دماؤهم معاً في الاربعاء الدامي، وارتفعت صلواتهم إلي عنان السماء جنبا إلي جنب مع كل أبناء الوطن، وبعد حادث كنيسة الشهيدين بقرية صول اعتصم آلاف الاقباط والمسلمين معًا أمام مقر الاذاعة والتليفزيون بماسبيرو في إشارة واضحة إلي أن المواطنين المصريين الأقباط قد خرجوا بالكنيسة للوطن، ولم يعد المواطن القبطي هو المواطن الخانع الذي يخضع لخطاب ديني مسيحي يحثهم علي الخنوع مثل « مملكتي ليست من هذا العالم»، وشاهدنا آلاف الاقباط يشكلون رأيا عامًا ضاغطا استجاب له المركز العسكري لطلباتهم الاربعة وهي : إعادة بناء الكنيسة علي نفس المكان، الإفراج عن الأب متاؤوس، محاسبة المسئولين عن حرق الكنيسة، عودة المهجرين، كذلك أمام الضغوط جاء إليهم رئيس الوزراء عصام شرف، باختصار لقد تغير الاقباط ولم يعودوا اسري الخطاب القديم والقيادات القديمة والحلول العرفية، لقد انتقلوا من لاهوت الخنوع إلي لاهوت التحرير إلي لاهوت المواطنة . لكن الطريق طويل ونحن بحاجة لمظاهرة مليونية ضد الطائفية، نحتاج لزحف ثوري إلي قرية صول وإلي كل قري التعصب لبث الطمأنينة في قلوب الأقباط الذين مازال البعض منهم يعيشون أسري للحرس القديم السياسي والديني والذي مازال يروج الشائعات التي تخيف الاقباط وتجعلهم يترحمون علي زمن كانوا فيه رعايا للحرس القديم الديني والسياسي والأمني. لقد ولي هذا العهد وخرج الاقباط بالكنيسة للوطن وما أعظم الهدف.

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل