المحتوى الرئيسى

> من بغداد إلي بنغازي

03/14 21:00

بقلم: تشارلز كراوثامرأصوات قادمة من جميع أنحاء العالم من أوروبا إلي أمريكا إلي ليبيا تنادي بالتدخل الأمريكي من أجل المساعدة علي إسقاط معمر القذافي. ولكن وبسبب إسقاطها صدام حسين فقد أدينت الولايات المتحدة من جهات متعددة بسبب العدوان والغطرسة والإمبريالية. أي انقلاب أخلاقي غريب هذا، وذلك إذا ما نظرنا إلي أن شر صدام كان مكبرا عما لدي القذافي. إن القذافي قاتل مزاجي بينما كان صدام حسين قاتلا ممنهجا. إن القذافي لم يكن مستقرا ومجنونا ولم يكن قادرا علي مجاراة حزب البعث الذي كان يعمل بنظام قومي شامل من الإرهاب والتعذيب والقتل الجماعي، واستخدام الغاز في قري بأكملها من أجل خلق ما أطلق عليه كنان ماكيا "جمهورية الرعب". علاوة علي ذلك، فإن الوحشية الممنهجة جعلت من صدام غير قابل للحراك بطريقة مغايرة لما عليه القذافي. بالكاد مجموعة من الليبيين المسلحين سيطروا علي نصف البلاد لوحدهم. ولكن في العراق، لم يكن هناك أي فرصة من أجل وضع نهاية للنظام دون استخدام القوة (استغرق الأمر 3 أسابيع) من قبل الولايات المتحدة. بغض النظر عن المعايير المزدوجة المنافقة. والآن فإن الثورات تجتاح الشرق الأوسط والجميع يتحول الآن إلي أجندة جورج بوش المتعلقة بالحرية، ليس العراق فقط هو من انزلق في غياهب الذاكرة. إن هناك ما أطلق عليه مرة بتفاخر بسياسة " الواقعية" التي تحلت بها إدارة أوباما للسنة الأولي والثانية، وما يطلق عليه أيضا "القوة الذكية" التي واجهت مثالية بوش الضبابية. لقد بدأ الأمر مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في أول زيارة لها إلي آسيا، عندما قللت من مقدار المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان في الصين. كما أن الإدارة قامت بتقليص كمية المساعدات المتعلقة بالديمقراطية في مصر بنسبة 50%. إضافة إلي تخفيض التمويل المقدم للمجتمع المدني - وهي نقود تحتاجها المنظمات التي تساعد في تقدم الديمقراطية المصرية- بنسبة 70%. لقد بلغت هذه الواقعية أوج ازدهارها عندما تأخر أوباما في قول أي شيء يدعم فيه الثورة الخضراء في إيران عام 2009 وعلي النقيض، فقد أوضح أوباما بأن المفاوضات النووية مع نظام فقد مصداقيته ونظام قاتل (وهي محادثات يعلم الصغير قبل الكبير أنها لن تجدي نفعا) سوف تتقدم علي الثوريين الديمقراطيين في الشارع ، إلي الدرجة التي نادي المتظاهرون فيها في طهران "أوباما أوباما، إما أن تكون ضدنا أومعانا". والآن فإن هذه الثورات قد انتشرت من تونس إلي عٌمان، والإدارة الأمريكية تسارع من أجل مسايرة الوضع الجديد ، مرددين العقيدة الأساسية لمذهب بوش الذي يقول إن العرب ليسوا استثناء للحاجة العالمية للكرامة والحرية. إن العراق بالطبع، بحاجة إلي تدخل عسكري أمريكي دائم من أجل مقاومة القوي الاستبدادية التي تحاول الرجوع بالعراق الجديد. ولكن أليس هذا ما طلب منا عمله من خلال خلق منطقة حظر جوي فوق ليبيا؟ في ظروف حرب أهلية جارية، فإن أخذ أوامر فيما يتعلق بالمجال الجوي الليبي يحتاج إلي تدخل عسكري دائم. والآن، يمكن الجدل بأن ثمن الدم والمال الذي دفعته الولايات المتحدة من أجل خلق عراق ديمقراطي كان باهظا جدا. ولكن بغض النظر عن أي طرف تتخذه فيما يتعلق بهذا السؤال، فإن ما لا يمكن إخطاؤه هوأنه بالنسبة للشرق أوسطيين فإن العراق اليوم هوالديمقراطية العربية الوحيدة الفاعلة، بوجود انتخابات تعددية وصحافة حرة. إن ديمقراطية العراق هشة وغير كاملة- قامت قوات الأمن بقمع المتظاهرين المطالبين بخدمات أفضل- ولكن هل كان من الممكن أن تتقدم مصر سياسيا، لنقل في عام كما هوالحال في العراق اليوم، لكنا اعتقدنا أنه نجاح عظيم. بالنسبة لليبيين، فإن أثر العراق أكثر قوة. بغض النظر عن حجم الدم المراق الذي يواجهونه، فإنهم تخلصوا من مواجهة الإبادة الجماعية. لقد شعر القذافي بالخوف مما فعلناه مع صدام وأبنائه حيث ساوم علي التخلص من أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها. بالنسبة للثوار في بنغازي، فإنها مسألة ليست بالبسيطة. لكننا سمعنا وبشكل مستمر عن الكيفية التي سمم بها العقل العربي ضد أمريكا. حقا؟ أين هي معاداة الولايات المتحدة في أي من هذه الثورات؟ في الواقع، يقول الباحث في شئون الشرق الأوسط دانييل بيبس إن الولايات المتحدة "قد غابت عن الشعارات بشكل جلي". إنهما الرئيسان اليمني والقذافي الذهاني اللذان يتكلمان عن المؤامرات الأمريكية من أجل الاستعمار والاستعباد. إن المتظاهرين في كل من مصر وإيران وليبيا كانوا يوجهون أنظارهم للولايات المتحدة من أجل المساعدة.إنهم لا ينادون بشعارات مضادة للحرب- هل تذكرون "لا دماء من أجل النفط"؟ الذي نادي به اليسار الأمريكي. لماذا يحدث هذا؟ إن أمريكا تغادر العراق دون أن تأخذ معها النفط، كما أنها لم تنشئ قواعد دائمة، ولم تترك خلفها نظاما من الدمي ولكن ديمقراطية فاعلة. هذا الأمر حدث بعد أن ظهرت أصابع العراقيين الأرجوانية التي مارست الانتخابات الحرة علي الشاشات في كل مكان حيث كرست مثالا لكل المنطقة. إن الفيس بوك والتويتر كانا وسيطين لهذا الامتداد العربي نحوالكرامة والحرية. ولكن عقيدة بوش هي من وضع النظرية. ترجمة- داليا طه نقلاًعن واشنطن بوست

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل