المحتوى الرئيسى

أولوية الحوار الإيجابي

03/14 02:17

علي مدار الأسابيع الماضية،‮ ‬التقيت مع عدد كبير من الشباب داخل جدران الجامعة وخارجها‮.. ‬وفي كل اللقاءات كان القاسم المشترك لدي هؤلاء الشباب هو الحماسة الشديدة في عرض المطالب والرغبة الأشد منها في التحقيق الفوري لها،‮ ‬وهما خصيصتان إن لم تنجح ثورة ‮٥٢ ‬يناير إلا في خلقهما وفي إكسابهما للشباب لكفاها إنجازا‮.‬غير أن هناك بعض الأطر التي يجب وضع هذه الخصائص فيها حتي لا تفقد قوتها وتصبح ثورة بلا شطآن أو‮ »‬نهر بلا ضفاف‮« ‬وهنا بعض العناصر المكملة التي يجب إضافتها لهذه الخصائص،‮ ‬وإلا حدثت بعض‮ »‬الأعراض الجانبية‮«‬،‮ ‬أو بعض‮ » ‬النتائج السلبية‮« ‬لهذه الحالة الثورية الرائعة التي يمر بها مجتمعنا‮.‬وفي خضم الثورات والأحداث الكبري،‮ ‬قد لا يكون من المفيد أن تحاول أن تشرح الأبعاد الجزئية للقضايا،‮ ‬ولا أن تغمس نفسك في تفاصيلها الدقيقة التي قد تبعدك عن الصورة الكلية أو عن الإطار العام،‮ ‬ولكن المفيد أن تحاول الوصول إلي خطوط عريضة توضح الموقف العام وتحدد الاتجاه المستقبلي لما يمكن عمله أو تحقيقه،‮ ‬وهو ما نحتاجه في هذه الأيام،‮ ‬خاصة في طريقة تعامل الشباب من ناحية والأجيال الأكبر من ناحية أخري،‮ ‬مع الواقع الحياتي الحالي،‮ ‬ومع المتغيرات التي تؤثر فيه أو عليه‮.‬ولعل أهم هذه الأطر التي يجب الوقوف‮  ‬عندها لدي جيل الشباب والأجيال السابقة عليه هي تعميق مفهوم‮ »‬الحوار الإيجابي‮« ‬بديلا عن مفهوم‮ »‬حوار الطرشان‮«.. ‬فعندما يصر كل جيل علي رؤيته الخاصة دون استماع لوجهة النظر الأخري،‮ ‬وعندما تصبح لغة الحوار تعتمد علي التخوين والتهوين والإنكار والاقصاء،‮ ‬وعندما يصبح مبدأ بوش هو السائد‮ »‬من ليس معنا فهو ضدنا‮« ‬وعندما تصبح الجسور بين أطراف الحوار قائمة علي الشك والريبة‮.. ‬لاشك أن الحوار في هذه الحالة يفقد شرعيته،‮ ‬يفقد قيمته،‮ ‬إضافة إلي أنه لن يصل بنا إلي شئ‮.‬‮»‬الحوار الايجابي‮« ‬يقوم،‮ ‬في جوهره،‮ ‬علي أطراف يريد كل طرف أن يستمع إلي وجهة نظر الطرف الآخر،‮ ‬ويريد كل طرف أن يستفيد من الطرف الآخر‮.. ‬في الحوار الايجابي يري كل طرف أنه مستفيد من حالة الحوار،‮ ‬وأن الغاية النهائية هي‮ »‬تحقيق المصلحة العليا‮«.. ‬في الحوار الايجابي يتم التفرقة بين الجوانب الفنية التي لا يجوز أن يتحدث فيها‮ ‬غير المتخصصين،‮ ‬وبين الجوانب‮ ‬غير الفنية التي هي مشاع بين الجميع‮.. ‬في الحوار الايجابي لا يكون هناك مجال لتغليب المصالح الفئوية أو الخاصة وتكون المصلحة العامة والعليا هي الهدف والغاية‮.‬وأكاد أزعم،‮ ‬أنه لابد من بدء هذا النوع من‮ »‬الحوار الايجابي‮« ‬علي الفور،‮ ‬دون إملاءات من طرف علي طرف آخر،‮ ‬ودون تهديد من طرف لطرف آخر‮.. ‬فبعد الثورة،‮ ‬وما دعت إليه من مبادئ وما حققته من إنجازات،‮ ‬لم يعد مقبولا لغة الإملاءات أو التهديد من أي طرف من أطراف الحوار المجتمعي،‮ ‬لم يعد مقبولا أن نعود إلي‮ »‬سيرتنا الأولي‮« ‬التي طالما عانينا من سلبياتها‮: ‬حالة الاستسلام لطرف واحد،‮ ‬والاستماع لطرف واحد،‮ ‬والخضوع لوجهة نظر واحدة،‮ ‬لم يعد مقبولا أن‮ »‬نستورد‮« ‬ما كنا‮ »‬نصدره‮«‬،‮ ‬وأن نحلل‮ »‬لأنفسنا ما كنا‮ »‬نحرمه‮« ‬علي الآخرين،‮ ‬إذ ستكون النتيجة النهائية بعد فترة قصيرة هي نفس الأرضية التي ثار المجتمع عليها‮.‬إنني أكاد أري نفس ملامح الحوار التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل الثورة يتم تطبيقها بعد الثورة،‮ ‬مع اختلاف واحد فقط هو شكل أطراف الحوار وموقعهم من السلطة‮.. ‬لقد تم تغيير الأشخاص الذين يجلسون علي الطاولة ولم يتم تغيير الأساليب التي يتم الحوار بها‮.‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل