آخر عمودخـيـــانة سارگـــوزي
عاد القذافي من رحلته التاريخية لباريس سعيداً بما قاله وما سمعه من تصريحات أدلي بها وتعليقات تصدرت الصحف ونشرات الأخبار التليفزيونية، قبل بدء الزيارة وخلالها وبعد عودته. ليس مهماً بالنسبة للقذافي أن التعليقات كانت ضد شخصه، واستنكاراً لزيارته، وتنديداً بالحفاوة التي لقيها »الإرهابي الليبي« من الرئيس الفرنسي شخصياً. المهم فقط.. إنه أي الأخ العقيد حظي بالأضواء الإعلامية الفرنسية بصفة خاصة والأوروبية بصفة عامة.لم يترك »ساركوزي« مناسبة إلاّ انتهزها لتبرير الدعوة التي وجهها للقذافي لزيارة باريس، واضطراره للتغاضي عن أقواله الصادمة وتصرفاته المهينة، ما دام المقابل صفقات واتفاقيات بعشرات المليارات تم التوقيع عليها مع الحكومة الليبية وفازت بها المصانع والشركات الفرنسية التي تعاني الكثير من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية.تصوّر القذافي أنه ضمن »فرنسا الساركوزية« كحليفة وصديقة لها ثقلها في القارة الأوروبية، ما دام كل المطلوب منه أن يدفع بين الحين والحين حفنة مليارات يواصل بها إنقاذ الاقتصاد الفرنسي من عثراته وأزماته من جهة و دعم ومساندة صديقه الحميم الفرنسي من جهة أخري في التصدي للانهيار المتواصل لشعبيته مما يهدد بسقوطه في الانتخابات الرئاسية القادمة.وكان يمكن أن تزداد الحميمية بين القذافي وساركوزي، وتتضاعف صفقات الرخاء الاقتصادي بين باريس وطرابلس كما خطط القذافي لولا انتفاضة الشعب الليبي ضد الظلم والقهر والاستبداد، والوحشية التي مارسها نظام القذافي لقمع المتظاهرين الغاضبين المطالبين بإسقاطه. لقد صدمت كل الشعوب وكل الحكومات بما جري، ويجري حتي اللحظة في الجماهيرية. وسارع المجتمع الدولي بالتنديد بالقذافي و وحشيته، والتصفيق والتهليل لشجاعة الشعب الليبي! الرئيس الفرنسي ساركوزي كان أول من أعلن تأييده للشعب الليبي، وأول من طالب صديقه الحميم القذافي بالتنحي عن الحكم. الطريف أن تلك المبادرة من جانب ساركوزي لم تلق كما كان يتوقع تأييداً من الفرنسيين ومن قواهم السياسية والحزبية. وقرأنا لمن سخر منها، وأرجعها إلي محاولة فاشلة من ساركوزي للتغطية علي موقفه »المتخاذل« كما وصفوه من الثورات الشعبية في تونس و مصر واليمن والبحرين حيث تعاملت الإدارة الفرنسية معها كما يتعامل المراقب المحايد الذي لا يريد أن يخسر الطرفين: الشعوب الثائرة، والأنظمة الحاكمة!القذافي كان له تفسير مختلف لموقف ساركوزي. فقد أرجعه إلي خيانة صديق لصديقه الذي لم يبخل عليه بشيء . ولم يكتف القذافي بالتفسير الذي اهتدي إليه، وإنما ألقي خطاباً بالصوت والصورة هدد فيه صديقه السابق بأن لديه من وثائق وأدلة ضده أي ضد ساركوزي ومجرد الكشف عن بعضها سيعجل بإسقاطه فوراً!.. وأواصل غداً.
Comments