المحتوى الرئيسى

> تحديات الأمن القومي المصري

03/13 21:21

مع تسارع الأحداث منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير والدخول في مرحلة انتقالية تسعي لإرساء أسس نظام جديد ينبع من الشعب ويلبي مطالبه وطموحاته، ظهرت مجموعة من التحديات الخطيرة التي تتصل بمستقبل البلاد وأمنها القومي، الأمر الذي يهدد كيان الدولة ككل وليس نظام الحكم القائم فيها، وعلي الرغم من تشعب هذا الملف وامتداده ليشمل العديد من الملفات الفرعية قد يكون من المفيد تركيز الضوء علي بعض النقاط الرئيسية التي يلزم علي الشعب بكافة شرائحه إدراكها: 1. بالرغم من تعدد التعريفات لمفهوم الأمن القومي يذهب الاتجاه العام إلي القول بأنه يتمثل في الإجراءات التي توفر الاستقرار داخليا، وحماية المصالح خارجيا مع استمرار التنمية الشاملة التي تهدف إلي تحقيق الأمن والرفاهية والرخاء للشعب، وبالنظر إلي الأوضاع السائدة في البلاد في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير تبرز حقيقة واحدة تتمثل في تعرض الأمن القومي بأبعاده المختلفة للخطر سواء علي الصعيد الداخلي أو الخارجي. 2. علي الرغم من الحرص علي إظهار وحدة الجبهة الداخلية وتماسكها في سعيها لتغيير النظام وهو ما تجلي، من بين أشياء أخري، في الدعوة إلي تنظيم المظاهرات المليونية آنذاك يومي الجمعة والأحد من كل أسبوع، وإقامة الشعائر الدينية الإسلامية والمسيحية في أماكن تجمع المتظاهرين، سرعان ما ظهرت مؤشرات علي توترات بين المكون المسلم والمسيحي في إطار عملية قد تؤدي إلي تفكيك النسيج الوطني الداخلي وتغذية الانقسامات علي أسس دينية، سواء من خلال أحداث الاعتداء علي دور العبادة، أو المواجهات التي تعقب ذلك، أو التظاهرات والتظاهرات المضادة من قبل عناصر تنتمي إلي كل من الديانتين، ولعل النظرة المتعمقة لتاريخ التفاعلات في الفترة الماضية تظهر وجود حالة من التوتر الكامن عبرت عن نفسها بأشكال متعددة دون أن يتمكن النظام السابق من أن يعالج جذورها، وأصبح لزاما علي الثورة الوليدة أن تتعاطي مع هذا الملف الشائك في وقت يتم توظيفه من قبل البعض للقضاء علي الثورة ذاتها أو علي الأقل لإرباكها في لحظة تسعي فيها إلي تجميع قواها للنهوض بالمجتمع وتجنب الانهيار وهنا تبرز أهمية وعي المواطن صانع الثورة وتحمله لمسئولياته في الحفاظ عليها. 3. إن استمرار حالة الانفلات الأمني في الشارع المصري في وقت يتولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة سلطة إدارة شئون البلاد وتنتشر بعض وحداته فيها قد يؤدي علي المدي القصير إلي تآكل الثقة القائمة بين الشعب والجيش، خاصة مع استمرار حالة الشك المتبادل بين أجهزة الأمن الداخلي وقطاعات الشعب من جانب، وسعي بعض العناصر إلي تغذية ذلك رغبة في استثمار الفراغ الأمني لتحقيق أهداف ومصالح تتجاوز النشاط الإجرامي من جانب آخر، وفي هذا المجال تبرز مسئولية المجلس الأعلي للقوات المسلحة وأهمية فرض الأمن بكافة السبل. 4. يواجه الأمن القومي في بعده الاقتصادي تحديا مصيريا نتيجة لبطء عجلة الإنتاج وتزايد معدلات التضخم وتآكل المخزون الاستراتيجي من السلع في وقت شحت فيه موارد الدولة من جراء تأثر مصادر رئيسية للدخل من قبيل السياحة بحالة عدم الاستقرار، وتوالت فيه المطالب الفئوية لزيادة الأجور وتصحيح الاختلال بما يعنيه ذلك من وضع الثورة أمام معادلة يصعب تحقيقها في الظروف الراهنة مما يتطلب مجددا وعي المواطن بالمخاطر التي قد يسفر عنها التضخم المتزايد في المطالب وتفضيله للمصلحة العامة علي الخاصة في هذا المرحلة الحاسمة. 5. أضحت مصر في قلب منطقة جغرافية غير مستقرة في كافة الاتجاهات بما يحمله ذلك من تحدي تأمين أراضي الدولة ضد كافة أشكال المخاطر التي قد تتهددها سواء عبر موجات من اللاجئين أو محاولات الاختراق الأمني من قبل عناصر خارجية تسعي إلي استثمار الوضع الراهن إما لتغذية الفتنة أو لإعاقة قدرة الدولة علي تخطي المرحلة الحالية ووضع أسس النظام الجديد، الأمر الذي يفرض إعادة التماسك للجبهة الداخلية انطلاقا من وعي جماعي بوحدة المصير. 6. تبلور خطر الأمن المائي والغذائي كنتيجة طبيعية لتلكؤ النظام السابق في تبني استراتيجية شاملة للتعاطي مع ملف مياه النيل، مما أدي إلي تفاقم المشكلة والتطورات الأخيرة في هذا الملف التي من شانها أن تضع النظام الجديد أمام تحد مصيري لم يكن في الحسبان وقد يفتقر إلي الأدوات والإطار الزمني المناسب للتعامل معه، وفي هذا الخصوص يلزم علي الحكومة الانتقالية أن تتحمل مسئولياتها بأسرع وقت ممكن لوضع وتطبيق إستراتيجية طموحة لمواجهة هذا الملف منذ الآن دون الانتظار لحسم الجدل الدائر حول الانتخابات والتعديلات الدستورية علي الساحة الداخلية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل