المحتوى الرئيسى

ما حدث فى الثلاثاء الحزين

03/13 08:17

كان الثلاثاء الماضى هو «يوم المرأة العالمى» وحدث أن دعت منظمات نسائية وناشطات فى مجال حقوق المرأة إلى مسيرة مليونية لنساء مصر. لم يكن الهدف من المسيرة فئويا، بل كان تذكير القائمين على الشأن السياسى المصرى فى هذه اللحظة المفصلية بوجود النساء اللاتى غبن بالكامل عن اللجنة المسؤولة عن تعديل الدستور، رغم وجود قاضيات وأستاذات فى القانون يملأن الساحة، وعندما تحركت المسيرة ظهراً رفعت النساء ورفع الرجال المشاركين فيها شعارات تطالب بدستور جديد يلغى كل أشكال التمييز. عندما علمتُ بخبر المسيرة تساءلتُ إن كان هذا هو الوقت المناسب، فبالرغم من إيمانى بقضية النساء وحقهن فى المزيد من العدل (فى مصر وفى العالم أجمع)، فإننى أعتقد أن إعادة إحياء الحياة السياسية فى مصر على أسس سليمة سيعيد لكل المهمشين حقوقهم، وبالتالى فكرت أن «الآن» ربما ليس بالوقت المناسب، لكننى من ناحية أخرى احترمت موقف المسيرة وهدفها النبيل. وما حدث فى الثلاثاء الماضى كان شيئا حزينا بالفعل، فقد ووجهت المسيرة بقدر كبير من العنف. بدأ الأمر برفض من الرجال المتواجدين فى ميدان التحرير لما حوته اللافتات وأخذوا يرددون بمنتهى الحماس «باطل.. باطل». إلى هنا والأمر لم يتعد الخلاف فى وجهات النظر. لكن اختلاف الرأى تطور أولا إلى تحرشات لفظية أصابت المشاركات فى المسيرة بسهام الكلمات البذيئة التى تمس الشرف.  فمنهم من قال لصحفية تغطى الحدث «أنت مباحة»، ومنهم من استخدم قاموسا عامرا بالشتائم القذرة، ولم يلبث العنف اللفظى أن اتخذ الشكل الأبشع، التحرش الجنسى. شكل الرجال المشاركون فى المسيرة كردونا حول النساء، لكن مع ازدياد حدة العنف اضطر معظم المشاركات والمشاركين للرحيل ومن بقى منهم تلقى وعده من الرجال الغاضبين، فقد تمت مهاجمة صديقة لى جسديا وتقطيع يافطتها وسبها. أصيبت المشاركات فى المسيرة بصدمة كبيرة فقد تصورن فى إطار مشاركة النساء فى الثورة ومناخ الاحترام الرائع فى ميدان التحرير وغياب التحرش أن الآن هو الوقت المناسب لإعلان حاجتهن إلى تشريعات عادلة وتمثيل حقيقى فى صياغة سياسات مصر. لكن ما حدث كشف عن خلل فى البنية الثقافية للمجتمع، تم تكريسه على مدار الـ35 عاماً الماضية، وهو خلل لن تتم معالجته بمسيرات وإنما بنهضة حقيقية وشاملة لابد أن يشهدها المجتمع المصرى فى الفترة القادمة. تشمل هذه النهضة المأمولة الشق المادى: المستوى الاقتصادى للمواطن، والشق المعنوى: تأكيد إحساسه بالكرامة فى وطنه وتدعيم إحساسه بفرديته، والشق القيمى: تدعيم منظومة للقيم تدعو للحوار واحترام وجهة نظر الآخر والابتعاد عن جميع أشكال العنف. لدى المصريين أمل كبير فى حكومة د. عصام شرف. أعرف أن للحكومة أولويات تتعلق بالمعيشة اليومية للمواطنين: الأمان ولقمة العيش، ورغم أنها لبنات أساسية فى بناء الوطن الذى نستحقه فإنها تبقى مجرد وسائل نحو الهدف الأسمى: تهيئة المناخ لموجة تنويرية تمحو آثار سنين الجدب الفكرى الذى عشناه، وتؤسس لمجتمع حرية وكرامة لكل المصريين. كلمة أخيرة: تلقيت من الصديقة د. وفاء حسب الله اقتراحا لعيد الأم القادم مفاده أن نودع القيمة المادية التى سنشترى بها هدية لأمهاتنا فى حساب يفتحه مجلس الوزراء الجديد. الهدية جماعية والأم هى مصر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل