المحتوى الرئيسى

«وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا»

03/13 08:17

سودانى الجنسية، مصرىّ الهوى، شرب من ماء النيل فتحول الماء إلى دماء ودموع. تخرّج فى الجامعات المصرية فصار ناطقا بفؤاد مصر. اسمه (عبدالله) وندلله بـ(أبوحافظ). يعمل معى فى نفس المستشفى ويعرف كل شىء عن مصر. يعجبنى فى آرائه سداد الحكمة والنفاذ إلى عمق الأشياء، لذلك سألته عن رأيه فيما يحدث فى مصر، التزم الصمت بضع ثوان، واختلجت ملامحه وكأن الكلام يتدافع على لسانه، ثم قال بلهجته السودانية المُحببة للنفس: «الخلاصة أن موقف المجلس العسكرى غامض». ابتسمت فى إعجاب لهذا التلخيص غير المُخل. نعم، وبكل صدق هناك مواقف غير مفهومة. لا نجادل، إنه انحاز للثورة. لا ننكر أنه عصم دماء المصريين، لا نمارى فى أدبهم ولطفهم ودماثتهم، لا نزايد على شرفهم ووطنيتهم، لكن- رغم ذلك- هناك بعض المواقف الغامضة. لماذا لم يتخذوا الإجراء البديهى بالتحفّظ على كل رموز العهد القديم وقطع الاتصالات عنهم، حتى تُستوفى التحقيقات وتتضح البراءة من الإدانة؟ أليس ذلك الموقف غامضا! لماذا لم تتم مساءلة صفوت الشريف وفتحى سرور وزكريا عزمى عما اقترفوه فى الفترة الماضية؟ أليس مذهلا أن زكريا عزمى لم يزل حتى هذه اللحظة يمارس مهام منصبه؟ هل من المعقول أن نترك صفوت الشريف الذى سمّم الحياة السياسية، ثم نشتكى بعدها من الثورة المضادة؟ لماذا تأخر التحقيق مع عائلة مبارك؟ لماذا لم تتغير القيادات الصحفية التى كانت تطبل وتنافق؟ لماذا لم يتم التحفظ على مستندات أمن الدولة قبل إحراقها؟ لماذا احتفظوا بأبوالغيط وشفيق وعائشة عبدالهادى حتى أخرجتهم المظاهرات المليونية؟ لماذا التباطؤ فى عودة الشرطة؟ لماذا تركوا معركة الجمل دون تدخل أربع عشرة ساعة كاملة؟ ولماذا لا يبطشون بالبلطجية ويفرضون الحسم العسكرى؟ ولماذا لم يصدر قرار فورى بوضع حد أقصى للأجور لمنع سفاهة الأجور المليونية وتطييبا للخاطر؟ أليست كلها مواقف غامضة؟ لماذا لم يستجيبوا لأعضاء هيئة التدريس والطلاب فى اختيار القيادات الجامعية بالانتخاب؟ لماذا الإصرار على التعديلات الدستورية بدلاً من صياغة دستور جديد؟ لماذا الإسراع بإجراء انتخابات برلمانية بدلاً من إعطاء فرصة معقولة لإنشاء أحزاب جديدة ووقت للحوار السياسى؟ لماذا لا يصدر قرار بحل الحزب الوطنى؟ لماذا لا نستبق المطالب المشروعة للثورة الشعبية- وكلها معروفة ومشهورة- بدلاً من انتظار المظاهرات؟ أليست كلها مواقف غامضة؟ يا أعضاء المجلس العسكرى المُوقّر، يا حصن مصر ودرعها، وفخرها وعزها، هذه أسئلة مشروعة لم تحيّر المصريين فقط وإنما حيّرت الجميع. ربما تكون لديكم أسباب منطقية لا علم لنا بها، بحكم غياب المعلومات عنا، أخبرونا بها كى تطمئن قلوبنا. إذا كان حواريّو عيسى عليه السلام قد سألوه مائدة من السماء من أجل اليقين (قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا) فنحن أولى منهم بطلب اليقين. [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل