خواطرالقانون.. هو الحَكَم؟
مضي أربعون يوما علي اختفاء رجال الأمن من الشوارع كانت من اصعب الفترات في حياتنا. كم ارجو وفي اطار الاستقبال الشعبي الحافل لعودتهم ان تكون المعاناة من غيابهم قد انتهت الي غير رجعة. هذا الواقع الذي عشناه امتزج بالشعور بالخطر علي كيان الدولة المصرية بسبب تفشي الفوضي التي هددت كل شيء. علينا جميعا ان نفهم وندرك ان رجال الشرطة هم الاباء والابناء والاخوة والاحفاد الذين ينتمون لتراب هذا البلد وان المهمة الاصيلة لهذا الجهاز .. هي حماية أمن الوطن والمواطن قبل اي شيء اخر.ان جهاز الشرطة مثل اي جهاز في اي دولة المفروض ان اغلبيته من الشرفاء والقلة فيه قد تكون في قيادته أو من افراده من الفاسدين أو المنحرفين. ولان طبيعة مهامه تتسم بالعسكرية المنضبطة فان تأثيرات القرارات الصادرة عن الزمرة التي انحرفت باهدافه قد تمس وبحكم الخضوع للاوامر.. قطاع الشرفاء من ابناء الجهاز وهو الامر الذي يدعم حيثيات براءتهم من اي سلوك ألحق الضرر بفئات أو افراد في المجتمع. لابد ان نضع في الاعتبار ايضا ما كان يترتب علي وسائل واساليب اعداد رجل الشرطة والتي من المفروض ان تكون متماشية مع المناخ العام الذي كان يسود نظام الدولة. من هنا ونتيجة للمتغيرات التي صاحبت ثورة ٥٢ يناير وبالعودة للرصيد الكبير من الكبت الذي ضخمه وزادت منه مظاهر الانفلات التي سادت الشارع.. اهتزت الثقة في العلاقة بين فئات من المواطنين وبين رجال الشرطة. زاد من تفاقم هذا الوضع تصاعد الخروجات وتوجيه الاهانات التي جاءت معظمها من الذين كانت لهم معاملات مع الشرطة علي أي شكل من الأشكال. هذه الحالة السلوكية كانت وراء هذا الاختفاء الاجباري للشرطة والذي يتسم في بعض جوانبه بالريبة.لا أحد يمكن ان ينكر الرابطة القائمة علي المشاركة والحياة المشتركة في الوطن بين الشعب وابنائه من رجال الشرطة والتي يؤكدها اعتراف الجميع باستثناء المجرمين والبلطجية بالحاجة الملحة إلي التواجد الشرطي في حياة المواطنين خاصة بعد ان سادت الفوضي وحالة الانفلات الامني.. الحياة العامة.. انطلاقا من هذا الواقع ارتفعت الاصوات تطالب بالعودة السريعة لرجال الشرطة للقيام بدورهم الوطني في حماية الأمن العام للوطن والمواطن. الفوضي والاحداث والتطورات والسلبيات والمعاناة التي تولدت نتيجة سيطرة المجرمين والبلطجية علي مقدرات الشارع المصري .. كانت الدافع وراء هذه الدعوة الشعبية . لقد جاءت في اعقاب الاعلان عن اتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمة لاعادة هيكلة جهاز الشرطة للقيام بمهامه في خدمة الشعب. انها ولا جدال خالصة لصالح هذا الوطن وضمان لاستمراريته كدولة لها كيانها ومتطلباتها.. اصبح واضحا وجليا ان لا حياة ولا اقتصاد ولا موارد لهذه الدولة بدون شرطة وامن وبالتالي لا استجابة لاحتياجات جموع المواطنين الحياتية علي اختلاف فئاتهم إلا بوجودهم.قد يتساءل البعض عن الاسس التي سوف تكون عليها قاعدة التعامل حتي لا يتكرر اندلاع الفتنة بين الشرطة وطوائف الشعب مرة اخري؟؟ في اعتقادي ان القانون نصا وروحا يجب ان يكون الحكم في هذا التعامل خاصة ان كل القوانين المفروض انها مُسخّرة لصالح المجتمع امنه واستقراره ورفاهيته.. ان الالتزام بهذه القوانين في المعاملات مع مراعاة الضمير وارضاء الله والانحياز للعدالة والبعد عن الظلم هي الوسيلة الوحيدة لاقامة علاقات سوية تستهدف الصالح العام للمجتمع الكامل. ان حماية هذا المجتمع من اي تجاوزات تضر بأمنه واستقراره من جانب من يتعمدون الخروج علي القانون والعدوان علي حقوق الوطن وابنائه وترويعهم.. يجب ان تكون مهمة جهاز الشرطة الذي هو جزء اصيل من المجتمع الذي تتأثر سلامته بحالة الأمن والاستقرار الذي يجب ان تسوده.ان التزام رجال الشرطة بتطبيق القوانين التي تبني الدولة الامنة المستقرة يجب أن يكون جزء محوري من بناء شخصية رجل الشرطة بعيدا عن اي فكر أو انحرافات . في مقابل هذا فإن رجل الشرطة والتقدير لدوره العظيم لابد وان يحظي بكل الاحترام ويلقي كل تعاون.في هذا الاطار فان قلبي وقلوب كل المصريين مع اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية في هذه المرحلة التي يتحمل فيها هذه المسئولية الوطنية الثقيلة.بعد هذا التحليل الذي ارجو ان اكون قد وفقت فيه فان الرد علي الجدل الدائر حول قضية عودة الشرطة الي اداء واجبها تجاه الوطن والمجتمع.. يتركز في ان القانون هو الحكم.. في هذا الاطار فإن الامر يعد مهيأ تماما لسرعة هذه العودة التي يتفق عليها جموع الشرفاء في هذا البلد.
Comments