المحتوى الرئيسى

> مصر بين الأمس واليوم وغداً

03/12 22:24

استقبلت مصر بالأمس القريب، عن بكرة أبيها مئات الآلاف من شبابها الواعد الذين خرجوا في صباح الخامس والعشرين من يناير 2011، يعبرون بأسلوب حضاري عن مطالبهم التي يشعرون أنهم في احتياج شديد إلي تحقيقها. خرجوا في العديد من المدن المصرية، وعلي وجه الخصوص في مدينة القاهرة، حيث توجهوا صوب ميدان التحرير حاملين اللافتات التي تعبر عن مطالبهم، وهم يرددون " سلمية.. سلمية". حملت مطالبهم الدعوة إلي مزيد من الحرية والديمقراطية، وتوفير فرص عمل للشباب. ويبدو أن هذه المطالب لم ترق للبعض من صناع القرار داخل مؤسسة الدولة في هذا الوقت، حيث اعتبروا " وطبقا لرؤيتهم" أن مثل هذه التظاهرة قد تمثل خطرا علي مستقبلهم السياسي والاقتصادي، فأوعزوا وبسوء نية إلي قيادات الشرطة بالتعامل بكل حزم مع هؤلاء الشباب العزل، فحدث ما حدث، وتحولت مطالبهم الشبابية، إلي مطالب شعبية تطالب بإسقاط النظام الذي أسقط المئات من القتلي والجرحي. وقد كان.. سقط النظام.. وسقطت معه دولة الفساد التي ما كان يحلم أشد المتشائمين أنها قد وصلت إلي هذا الحد من الانحدار المالي والأخلاقي. هذا كان بالأمس القريب، أما اليوم فنحن نعيش فيما يعرف "بالثورة المضادة" التي تعني محاولة العودة إلي ما قبل الثورة. والتي يؤكد الكثيرين أن من يقوم ويخطط لها عدد من أتباع النظام السابق، المستفيدين منه وأعوانه. ليس بالضرورة لعودة النظام بكامله، بل فقط لاستمرار النظام بشكل آخر أكثر تطورا، أو عودة بشكل جديد أو ومختلف، وبالطبع لا حاجة للقول هنا إن السيناريو القادم ليس من قبيل التخيل المطلق، بل هي أجزاء وشواهد تكشف الصورة كاملة التي لا يستطيع أحد تأكيدها، ولكن أفضل ما نفعله للتأكد هو أن نقرأه وبعدها يكون الحكم. فما يحدث اليوم علي أرض الواقع من أعمال بلطجة نتيجة حالة الانفلات الأمني التي بدأت مع اندلاع الثورة أملا في إخمادها، وأيضا تلك الهوجة غير المحسوبة من أصحاب الوقفات الاحتجاجية الفئوية ضد كل شيء، وأخيرا عودة أعمال العنف الطائفية التي شهدت ولأول مرة في تاريخ مصر قيام مجموعة من الشباب بهدم كنيسة، ورفض إعادة بنائها من جديد، ضاربين عرض الحائط بجميع القرارات التي صدرت بهذا الخصوص. أضف إلي ذلك المليارات التي نخسرها يوميا نتيجة المظاهرات والاعتصامات التي لا يخلو منها يوم واحد. لقد علمنا التاريخ أن تلك الثورة المضادة قد تنجح أحيانا في إعادة بعض من أذناب النظام الذي سقط، مثلما حدث في حالة الثورة الفرنسية (1789 - 1793) باعتبارها المثال الكلاسيكي عن الثورة و الثورة المضادة. و أيضا ما حدث من ثورة مضادة علي ثورة مصدق في إيران عام 1951 والتي نجحت إلي حد إعادة شاه إيران مرة أخري، وجعلت الشاه يقول لـ" روزفلت" (ممثل المخابرات الأمريكية في ذلك الوقت): إنني مدين بعرشي إلي الله ثم إلي شعبي ثم إليك وكان صائبا في الجزء الأخير فقط! هذه الثورة المضادة كانت لها محاولات أيضا في تاريخ مصر كما حدث خلال العدوان الثلاثي علي مصر في عام 1956، عندما اجتمع عدد من الباشاوات من أتباع النظام الملكي، ليحاولوا الاتصال بالسفارة البريطانية في أثناء الحرب ويعرضوا أنفسهم للحكم كبديل عن عهد عبد الناصر، ووصلت الاتصالات إلي حد بدء هؤلاء الباشاوات في تشكيل حكومة من شدة ثقتهم في انتصار بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وسحقهم للقوات المصرية والمقاومة الشعبية في بورسعيد، لكن ذلك لم يحدث وانقلب السحر علي الساحر، وحتي في حالة ثورة "الياسمين" في تونس.. شاهدنا أتباع نظام بن علي وهم يشيعون الفوضي بعد هروبه في الأيام التي تلت السقوط لمدة شهر قبل أن تتكشف الحقيقة ويتضح أن بعض قيادات الحرس الرئاسي هم المسئولون عن هذا. أرجو أن نعي الدروس المستفادة مما حدث، وأن نضع صوب أعيننا مستقبل هذا الوطن، حتي نستيقظ غدا علي مستقبل أفضل.. لأجيال تحلم بغد مشرق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل