المحتوى الرئيسى

 في حرب الإعلام: الجيش يكسب النظام القديم

03/11 23:51

مبروك وكل شهر وأنتم بخير، مر شهر على تخلي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم للجيش، ومنذ قبل هذا الموعد والجيش يصدر بياناته عن طريق التليفزيون، ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل اقتحم وسيلة الاتصال العصرية، وهي المواقع الاجتماعية وعلى رأسها FaceBook. ومع اختلاف آراء الشارع حول مؤيد للرئيس ومعارض، اختلفت ردود أفعال "المواطنين" حول الخطابات الرئاسية الثلاثة الأخيرة، ولكن الجميع ظل ينتظرها على الرغم من خوفهم مما سيقال فيها، ولكن خطب الجيش التي تبدأ بـ "الشعب المصري العظيم"، كانت تنال الاستحسان دوما، مع اختلاف الوجوه التي تلقيها. منذ بداية الثورة الشعبية المصرية في 25 يناير 2011، وأعاب الجميع على ردود الحكومة المتأخرة، وعندما كان يتحدث الرئيس السابق محمد حسني مبارك كان يستفز قطاع كبير من الشعب والفئة المتظاهرة. وعلى العكس، جاءت بيانات القوات المسلحة بما يطمئن الشعب وبلغة سهلة وواضحة بعيدة عن أي تعقيدات حكومية وتلبي رغباته، ومن الممكن أن يكون هذا الشعور انتابنا لأننا نتمسك بقشة الجيش التي ستنجينا من النظام البادي، مستندين في ذلك على تاريخه الأبيض معنا. مرت الثورة بمراحل مختلفة، وفي كل مرحلة كانت تتغير طريقة الخطاب، ولكن الثوار أبقوا على ثورتهم بسلمية حتى نهاية، ولكنهم فوجئوا بمخططات حربية في مواجتهم من النظام الذي ينادي بإسقاطه، ولم يكتفوا بكل هذه الأساليب العنيفة بل تمادت الحرب للإعلام المحلي المضلل الذي استخدم كل الاستمالات العاطفية للتلاعب بمشاعر الجمهور من خلال: - ترهيب والتخويف من البلطجية التي تسببت في حالة ذعر في البلاد والسبب في خروجهم هم المتظاهرون الذين أشاعوا الفوضى وانتشار رجال الشرطة في البلاد، وحرقوا الأقسام والسجون، وحظر التجول. - التكرار والتأثير التراكمي: بدوام الإشارة لوجود الإخوان في الميدان، ولكل منا خلفية تراكمية مختلفة عن أهداف الجماعة المحظورة وأفعالهم. - رأي الأغلبية: من خلال عرض مظاهرات تأييد للرئيس، ويتخللها عدد كبير من المشاهير الفنيين والرياضيين المحبوبين لدى فئة من الجماهير، والتركيز عليهم دون نظائرهم في المظاهرات الأخرى. - التهديد: وبدأت هذه الاستمالة الظهور في البداية من خلال ترديد شائعات أن إسرائيل متربصة بنا وتنتظر إشارة الهجوم، وبعد نزول الجيش للمدن والمحافظات، استخدمت بشكل مختلف، من خلال ترديد أن هناك بالفعل بوارج أمريكية وصلت قناة السويس بهدف حماية الأمن وإسرائيل حشدت جنودها في سيناء. وبرز التهديد في استخدام أسلوب "الحقن تحت الجلد" مع الإخوان المسلمين، والمقصود منه هو بث رسالة معينة دون التطرق إليها بشكل مباشر، وهو ما سيكون حالكم إن حكم الإخوان البلاد؟!، ولكن الجماعة تفهمت ذلك وخرجت لتنفي أي نية لها في الترشح في الانتخابات الرئاسية. - التخويف: من خلال طرح سؤال "وما بعد مبارك" هل ستستمر الفوضى كما هي أم ستزيد، ومن خلال التشكيك في مصداقية المعارضين وأنهم يحملون "أجندات خارجية" وتعلموا على يد أجهزة استخبارات أمريكية إسرائيلية، والتشكيك في هوية محمد البرادعي ووائل غنيم. وتجلت الاستمالات العاطفية في الخطاب الثاني لسيادة الرئيس السابق في 1 فبراير، الذي أعلن فيه أنه لم يكن ينوي الترشح في انتخابات الرئاسة القادمة وأنه يريد الموت في البلاد، وذكر فيه الشعب بأنه صاحب أول ضربة جوية، وهذا الخطاب أثر في عدد كبير من المعارضين. أما الخطاب الثالث 10 فبراير: ففقد الرئيس السابق جزءا من تعاطف الجماهير معه بسبب سوء كتابته، والتي نسبتها الجرائد بعد ذلك لجمال مبارك، فالرئيس تذكر في هذا الخطاب تعزية أهالي شهداء الثورة!!، كما وضعه لمعلومة تفويضه للنائب عمر سليمان في وسط الخطاب وسبقها بمعلومات كانت سبق إعلانها، مما أثار ضيق أغلب المستمعين. ومن الممكن أن يكون سبب ضيق عدد كبير من المستمعين هو تأهيلهم النفسي لسماع خطاب التنحي كما أذيع في المحطات الإخبارية قبل الخطاب بساعات، وكذلك خروج البيان الأول للقوات المسلحة وانعقاد المجلس الأعلى دون الرئيس، ومع بداية الرئيس في الكلام فوجئوا بكلمات تدل على استمراريته في الحكم مثل "سأظل، سأشكل، سأدعم". وبالنسبة للخطاب الأول للرئيس، فلم يكن به ما يفيد سوى عدم اعترافه بوجود ثورة على حق، وكل الإشارات إلى أنهم قلة مندسة، ولم يتم به الجزم على معاقبة الشرطة التي تركت أماكنها ولا البلطجة التي حدثت في نفس يوم الخطاب وهو "جمعة الغضب"."الجيش والشعب...إيد واحدة" ربما هذا الشعار يلخص لماذا يهتم الشعب بخطابات الجيش أكثر، واعتبارها من مهدئاته، فمع نزول الجيش للميدان، اعتقد المتظاهرين أنه انقلب على الحكم وأنه أصبح موالي لهم، وبالطبع هذا ما لم يحدث، ولكن منذ هذا الوقت وبيانات الجيش تخاطب الشعب بكلمة "الشعب المصري العظيم"، و"حافظوا على ثورتكم"، وهذا ما يطمئن الثوار. ولم يكتف الجيش بذلك، ففي بداية إدارة الجيش للأزمة وتوليه مهمة إصدار بيانات لتهدئة المصريين وإخبارهم بمواعيد الحظر، خرج على شاشة التليفزيون اللواء صاحب الابتسامة والوجه البشوش، ولتسود روح الألفة، في ثاني بيان خلع قبعته العسكرية ليخلع معها حاجز بينه وبين الجمهور، بالإضافة لنداء الشعب بـ"أيها الشعب العظيم". وعندما بدأ الجيش يلتمس طريق حل الازمة بتقلده زمام إدارة البلاد، تم استبدال ذو الوجه البشوش باللواء إسماعيل عتمان، صاحب الملامح الحازمة، وهذا إشارة ضمنية تحمل جزءا من التخويف ولإظهار وجه آخر للجيش وهو الحزم في اتخاذ القرارات وتنفيذها. وسيرا على مقولة "لما أحب أكلم شعب مصر ... أكلم مين؟!" اختارت القوات المسلحة توجيه رسالتها لشباب الموقع الاجتماعي الشهير FaceBook، وبهذه الخطوة، كسبت عدد كبير من ثقة الشباب وحبهم، وفي ثلاثة أسابيع أصدروا 26 بيانا على الموقع، ومن ضمنهم بيانات لم تخرج للتليفزيون في نفس اللحظة، مثل بيان استقالة أحمد شفيق من منصبه. فاختيار الجمهور المستهدف هو أحد أهم عوامل العملية الاقتصادية، وكذلك الوسيلة، والجيش كان أوعى من النظام السابق في توصيل رسالته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل