المحتوى الرئيسى

العقل العربى ؛ امراضه وعلاجه - مدن الغباء ام مدن العار بقلم:فؤاد سلطان

03/11 20:17

ليس من زائد القول أن نذكر ، أن العار لايأتى أو يصيب صاحبه الابسبب الغباء ، ونقص الإدراك العقلي ، وعلى هذا لا يمكن أن يكون هناك عارا" وعجزا" وعيبا" إلا في وجود الغباء، وقد يكون أمرا" منطقيا" أن يكون الغباء والعار متلازمين ، وعلاقتهما معا" طر دية ؛ إن زاد الغباء زاد العار ، وان كان هناك عارا" بمعدل معين ، فلابد وان يلازمه غباء بنفس القدر . وهكذا يمكن القول بيأس المنتحرين ، ووضوح الأرقام التي لا تكذب ، وصفاء الصديقين ، وإرادة الشهداء ، وحمق من لا يقدرون العواقب ، وبأس الفرسان ، وعزيمة من لا يتراجعون خطوة للوراء : أن العرب أغبياء قد جلبوا على أنفسهم العار في تاريخهم الحديث والمعاصر ؛ بسبب قصور رؤيتهم الناتجة عن عقول ليست عاجزة فكريا" ، ولكن لأنها من البداية لا تفكر أو تعمل . فقد لحق العرب العار عندما جعلوا من الحدود بين مدنهم حدودا" سياسية واقتصادية وفكرية وعلمية ، وحدود لهجات ، وحدود أشكال ملابس ، وحدود ثروات ، وحدود أغنياء وفقراء ، وحدود جيوش ولا جيوش ، وحدود نفط ولا نفط ، وحدود جمهوريات وممالك ، وحدود عرب عاربة وعرب مستعربة وشبه عرب ولا عرب. لحق العرب العار بسبب اختلافهم في الدين وتشتتهم فيه وتحزبهم عليه وليس له ؛ فاحتالوا عليه وتفرقوا فيه ، فالبعض منهم اخذ لون الشيعة وآخرين لون السنة ، وآخرين الخوارج ، وأنشاوا مذاهب أربعة ؛ فهذا حنفي وهذا مالكي ، وهذا حنبلي ، وهذا شافعي ، وهذا ... ، ثم اخترعوا الطرق الصوفية ؛ فهذا شاذلي وهذا خلواتي ، وهذا سعدي وهذا رفاعي .... وهلم جرا من اختلافات واختراعات العرب الشكلية . أصاب العرب العار أيضا" عندما عجزوا عن حماية فلسطين ، وعندما عجزوا عن منع نشوب الحرب بين العراق وإيران ، وعندما عجزوا عن منع حدوث الكارثة العربية ؛ فغزا العراق الكويت ، وما نشأ عنه ، وما قد ينشا على المدى الطويل من توابع ، وعندما عجزوا ....... وعندما ..... وعن ........ فالقائمة طويلة من العجز الذي هو نتيجة لعقلهم السىء الذي الحق بهم العار . ولهذا وقفت في حيرة طويلة أمام عنوان هذا الكتاب ؛ هل يكون اسمه مدن العار ، أم مدن الغباء ، ولما كان من المحتم كما ذكرنا سابقا"، أن العار والغباء متلازمين ، فلذلك أُفضل أن يكون عنوان الكتاب ( مدنا غبية مدنا" للعار) حتى وان ظهر لك غير هذا العنوان فوق غلافه ، فهذا هو العنوان الذي ارتضيه ، وأوافق عليه عنوانا" لكتابي . ولهذا وعليه فان العالم العربي ضعفه الحقيقي في عقل أفراد شعوبه ، وليس بسبب قوة الآخرين ، أو إمكانياتهم المادية ، أو العلمية ؛ فلو استطعنا الخروج بالفرد العربي من حالة كونه منعدم الثقافة والفكر ، إلى حالة المثقف المفكر ، لتحرك عقل الفرد العربي من حالة التفكير العملي البدائي ، ولأصبح للعالم العربي شأن أخر . وحتى لا ينسى كاتب هذه السطور تنبيهك إلى كون انك تقرأ هذا الكتاب ؛ فذلك يدل على انك تقرأ ، ومن يقرأوا يخرجون عن الصفات التي قد يوردها المؤلف في ثنايا هذا الكتاب على الشعب العربي ، وعلى هذا فأنت خارج عن دائرة الأحكام والآراء التي قد تجدها هنا وتضايقك . فالمفكر ينتوى وهذه من طباعه في كل أمر أراد دراسته أن يرتد إلى جذوره ، فانه غالبا" ما تكون الأمراض لها أسباب وراثية ؛ فالعقل العربي ظل وما يزال به عادات وسلوكيات مترسبة من العصر الحجري وما قبله ، هذا بالرغم من أن المنطقة العربية ، مرت بها حضارات متعاقبة ، ومرت بها ديانات مختلفة ، لكن هذه الحضارات والديانات ، لم تستطع محو هذه العادات والسلوكيات المتمترسة في وقاحة داخل العقل العربي لتجمده وتثبته حتى يومنا هذا . ولهذا فقد ظل العقل العربي جامدا" حتى جاء جيلنا نحن ، واكتشفنا الحقيقة المرة ؛ وهى أننا نحن العرب جامدون ومتخلفون ، وليس لدينا فكر أو أبداع ، وخاصة على مستوى الإبداع العلمي التطبيقي ، وأننا فقط اسارى الماضي ، وأننا لا نُذكر إلا وذُكر معنا العالم المتخلف ، وأننا لهذا الجمود والتخلف غير قادرين على حماية ثرواتنا أو أرضنا ، وغير قادرين على التعاون فيما بيننا ، أو التحاور مع الأخر ، وأننا ... وأننا ..... وليس من قبيل الصدفة القول : أن الارتداد للجذور أمرا"ليس عبثيا" أو إهانة لبنى العرب ، بقدر ما هو تنبيه وإظهار للمساوىء الثابتة في تكوين العقل العربي ، والتي يأمل المفكر أن يتم التخلص منها حاضرا" ومستقبلا" حتى يكون للأمة العربية شأنا" ووزنا" على المستوى الدولي والإنساني والتاريخي . وفى نهاية هذه الهمسات أيها القارىء لا تفكر أو تظن ، انه قد يوجد عربي يعش على الأرض العربية أو خارجها ، قد يكون أكثر اهتماما بالقومية العربية أكثر من كاتب هذه السطور ، ولهذا فأن ما تقرأه وقد يغضبك ؛ هو ردة فعل مفكر عربي غيور على عروبته ، هزته قراءة التاريخ ومشاهدته للواقع الذي يعيشه العالم العربي ، والذي لم يكن فاعلا ولا دور له ، وإذا كان له دورا فاعل ذات مرة ، فهي الحالة الشاذة التي تؤكد القاعدة العامة جزء من مقدمة كتابى ( العقل العربى امراضه وعلاجه ) - المفكر والأديب / فؤاد سلطان

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل