المحتوى الرئيسى

تعديلات الدستور .. تغيير منقوص ومخاوف مشروعة ! (1)بقلم:علاء الدين حمدى

03/11 20:17

تعديلات الدستور .. تغيير منقوص ومخاوف مشروعة ! (1) ـ كنت أتمنى أن تطرح التعديلات الدستورية للحوار والنقاش قبل أن تصبح نهائية مفروضة تنتظر الاستفتاء عليها جملة واحدة بطريقة "نعم أو لا" ! دون إهتمام ببحث منطق أصحاب الـ "لا" ولو كانوا أقلية أو طرح صياغة بديلة على فرض أنهم كانوا هم الأغلبية ، ربما إرتكاناً الى رغبة الشعب الجارفة فى التغيير ومن ثم ضمان موافقته على أى جديد يُطرَح لتأدية الغرض دون دراسة كنهه وأبعاده ، وبذلك يأتى الاستفتاء المرتقب كأسلافه .. فكرةً علويةً لم تُستَشَر ، وتحصيلاً للحاصل ، وتمعيناً منقوصاً للفظة "التغيير" مدموغاً بخاتم الإرادة الشعبية الظمآنة ولو الى ماء آسن ستنتبه لمرارته بعد الرشفة الأولى ! وليبقى "اللغز" حول بعض ما سنطرحه فى السطور القادمة ، والذى يستحيل أن نلحظه نحن غير المتخصصين بينما نراه قد فات فقهاء اللجنة الموقرة وشيوخها الأجلاء ، أو على الأقل ليس لديهم الرغبة فى حله وشرح مبررات قصوره لسبب أو لآخر !! خاصة وأن اللجنة التى شكلها الرئيس السابق كان مسموحاً لها بتغيير ما تراه من مواد "التأليه" فى الدستور ، فمن غير المقبول إذاً أن تأتى اللجنة المشكلة بعد رحيله بأقل من ذلك ! ـ فالظاهر لنا أن التعديلات أجريت فى عجالة وتسرع رغم أنها ستأتى برئيس يحكم البلاد لـ 4 سنوات على الأقل حتى مع كونها مؤقتة كما أخبرونا ، لذلك كان الأولى أن تأخذ الوقت الكافى لدراستها ومناقشتها مع الجمهور حتى لو استمر ذلك 4 أشهر ! خاصة وأنها لم تنتقص شيئاً من صلاحيات الرئيس الواسعة ولم تضع آلية لمحاسبته سياسياً أمام أى جهة ! وبالتالى ، وكمسألة وقت لا أكثر ، فستحمل إلينا طاغيةً جديداً ولو رغم أنفه ! طالما أبقت فى يده مقاليد كل شىء خاصة المواد "137 ، و 141 الى 152" وغيرها من المواد المغرية بالعبث والإلتفاف على المكتسبات المنشودة التى ، وسط أفراح النصر ، لم تتبلور فى رأيى حتى الآن ولم تظهر تصوراتها للمستقبل ولا آلياتها لمصر وكيف لها أن تكون ، طاغيةً جديداً حتى لو حكم لفترة واحدة بسلطاته المطلقة ، ستكون كافية لترسيخ السطوة والفساد من جديد ، خاصة عندما يتمكن مع من حوله من صنع لوبى أغلبية مشابه للحزب الوطنى المنهار تتبدل من خلاله الأدوار بالتوافق والتفاهم مقابل تمرير المصالح طالما غابت الضمانات ! فذاك حالنا منذ ثرنا على "بيبى الثانى 2278 ق.م" فى أول ثورة اجتماعية يشهدها التاريخ الانسانى ، وما تلاها عبر العصور حتى الأمس القريب ، وما ربما يبدو أيضاً فى الحاضر ! طاغية .. فثورة فعزم فتصميم .. فـ "مهدى منتظر" يضعه الثوار على صهوة جواد الثورة .. فهدوء فتواكل فاستكانة .. ثم طاغية .. فثورة فـ ... وهكذا دواليك ! نكتفى بإزاحة الفرعون ونادراً ما نهتم بتغيير دقائق وخبايا منظومة تفرعنه ! أعنى الكتلة المغمورة التى حملت رأسه أعلى قمة جبل الثلج بشراً كانت أو قوانين ومزايا ! ـ ورغم أننى أعلم يقيناً أنه لا مسئول فى هذا البلد يقرأ أو يناقش أو يهتم بأراء وأفكار البسطاء ممن هم خارج الدائرة الإعلامية المغلقة على نفس الوجوه التى طالعتنا ومازالت تطالعنا اليوم بعد تطعيم خطابها ببعض المصطلحات الثورية ليتلائم مع المرحلة الجديدة ، إلا أن ذلك لن يثنينى عن إبداء رأيى فى ثلاث نقاط فقط أياً كانت سذاجته وتواضعه وربما خطأه أيضاً ! حتى ولو لم يقرأه ، كالعادة ، إلا حضراتكم : أولاً: المادة 76 حول شروط واسلوب الترشح لرئاسة الجمهورية : أجاز التعديل للمستقل الترشح لانتخابات الرئاسة بشرط الحصول على 30 ألف توقيع موزعة على 15 محافظة أو الحصول على موافقة 30 من أعضاء مجلسى الشعب والشورى مع إلغاء دور المجالس الشعبية المحلية . كما أجاز لكل حزب سياسى له تمثيل برلمانى فى أحد مجلسى الشعب والشورى ، ولو بمقعد واحد ، ترشيح أحد أعضائه . كما قصر التعديل تشكيل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية على قضاة فقط ، وحصَّن قراراتها بجعلها نهائية غير قابلة للطعن ! أما وجهة نظرى المتواضعة فأوجزها فى نقاط كالتالى: 1ـ فى ظل انتخابات برلمانية حرة ونزيهة ، كما هو مفترض مستقبلاً ، كان من الأولى الإكتفاء لكل المرشحين بالحصول على موافقة نسبة من مجلسى الشعب أو الشورى مع إضافة نسبة أكبر من المجالس المحلية من عموم المحافظات بعد حلها وإعادة انتخابها قبل إجراء انتخابات الرئاسة أو البرلمان بمجلسيه ، أما الإجازة بالـ 30 ألف توقيع فهو ما سيحصر المنافسة خارج الأحزاب بين أحد مرشحين : الأول : المرشح عن تيار دينى أو أيدولوجى يمكنه توفير الشرط العددى من أتباعه بسهولة خاصة إذا لم يتم الترخيص له بحزب قبل اجراء الانتخابات ( إسلامى سنى أو شيعى ، مسيحى ، أو غير ذلك) مما يهدر مبدأ تكافؤ الفرص الذى نصت عليه المادة 8 من الدستور . الثانى : وهو الأخطر .. المرشح الذى سيمكنه شراء الأصوات "مادياً" ! فالتزوير فى العهد "شبه" البائد كان على نوعين .. تزوير "إرادة" وتزوير بـ "إلإرادة" ! الأول فعله الحزب "الذى سقط" وبهدوء وحرفية عالية حتى داخل لجان فرز الأصوات ، والثانى يفعله "بعض" أبناء الشعب "الذى لم يسقط" والذى كان يلعن النظام فى الوقت الذى يتفاوض فيه مع مرشحه على المقابل المادى لصوته أو بلطجته ! وهو نفس المتوقع اليوم مع ارتفاع المقابل كثيراً لأن الدفع سيكون فورياً فى حالتنا مقابل التوقيع الذى سيمثل يقينية تحقيق الصفقة ، على عكس الدفع قبل التصويت من وراء ستار حجرة الانتخاب "وما فى القلب فى القلب" ! لذلك فالشرط ، أو التسهيل ، سيتيح الفرصة لمن يمكنه إنفاق الملايين لشراء الأصوات دون تحرى مصدرها أو من يقف ورائها !!! ولعلنا نذكر قصة "كامل أمين ثابت" رجل الأعمال الذى تمكن من توطيد علاقاته مع كبار المسئولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس "أمين الحافظ" ، 1963 ـ 1966 ، وتبرعه بالكثير حتى أصبح مرشحاً لشغل منصب رفيع فى الدولة السورية ، والذى كان فى حقيقته "إيلي كوهين" ، سيد عملاء الموساد ، الذى أوقع به عميل المخابرات المصرية "رفعت الجمال ـ رأفت الهجان" ليعدمه السوريون فى 18 مايو 1965 . 2ـ أيضاً كان الأولى ، فى رأيى ، إلغاء التمييز الذى سبق ومنحه النص الأصلى للمرشح الحزبى إستثنائياً حتى 2017 بحثاً عن "ديكور" يزين صورة التوريث ، والذى أبقى عليه التعديل رغم تغير الظروف ، بعد حذف الاستثناء وحذف فقرة مرور 5 سنوات متصلة على تأسيس الحزب التى اشترطها النص الأصلى ، إذ مع توقع إشهار عشرات الأحزاب أغلبها لن يبلغ النضج السياسى من يومه الأول حتى لو حصد أغلبية البرلمان القادم ، فالمتوقع على خلفية 25 يناير أن يحرص كل من بلغ 18 عاماً على الإدلاء بصوته وبكثافة كبيرة مؤثرة وحاسمة وغير مسبوقة ، ورغم أن ذلك هو الأصل والمطلوب ، إلا أن التوقيت الحالى يجعلنا نتشكك فى امتلاك أغلب ذلك الشباب القدرة على الإختيار قبل أن ينال الوعى والإعداد والتثقيف السياسى الذى حرمه منه النظام "شبه" البائد ، وبالتالى ربما يمنح صوته "الآن" حسب ألاعيب المرشح واسلوبه المتوقع فى إقناع شاب فى أواخر سن المراهقة ! طبعاً ذلك على فرض اتجاه النية لتعديل قانون الأحزاب والسماح للجديد منها بالوجود ، مع ملاحظة أن التعديلات لم تتطرق لحق رئيس الدولة فى تعيين نسبة من أعضاء المجلسين ، ولم توضح ما اذا كان من حق العضو الحزبى المعين الترشح للرئاسة أم ان ذلك قاصر على العضو المنتخب فقط كما كان فى النص الأصلى ؟ ـ الشاهد أن رؤيتى المتواضعة حول ما سبق تقترح مساواة المرشح الحزبى بالمرشح المستقل فى الحصول على موافقة نفس النسبة من البرلمانيين ، شعب شورى ومحليات أيضاً ، دون توقيعات من الشارع أو تمييز للأحزاب ، وهنا أظن أنه من المفيد عقد مقارنة مع النظام الفرنسى الأقرب للنظام الادارى المصرى ، والذى يشترط أن يؤيد المتقدم للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية الفرنسية ، 60 مليون نسمة ، ما لا يقل عن 500 شخص لهم صفة برلمانية من بين "أي نائب برلمانى ، أي عضو في مجلس الشيوخ ، أي رئيس بلدية .. الخ" ، موزعين على 30 إقليما من أصل 22 محافظة و100 اقليم ، دون أن يتخطى عددهم في كل إقليم عُشر العدد الإجمالي للأعضاء المنتخبين حتى لو كان المتقدم ينتمى لأحد الأحزاب . 3ـ أما اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فلا أدرى الحكمة من جعل قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن حتى ولو كانت مشكلة من خيرة قضاة مصر وهو سبحانه الذى لا معقب لحكمه ؟! فالمنطقى أن تحصين القرار يستوجب الإلمام بكامل التفاصيل الدقيقة لسير العملية الإنتخابية فى الشارع وداخل اللجان الأمر الذى يستحيل تيقن اللجنة من تمامه بشكل كامل ، وبالتالى لا يمكن لقرارها أن يكون سليماً على إطلاقه ، إضافة الى أن تحصين القرار يغفل هوى النفس ومطامعها المادية فى تولى منصب أو مكانة فى المقابل ، أو حتى التشكيك فى نزاهتها لو نالت بعد ذلك ميزة ولو جاءت فى سياقها الطبيعى ، وقد كان لنا فى "لجنة مرعى 2005" الأسوة السيئة ! ثم أين التعديل المنشود وقد كان النص الأصلى أيضاً مُحَصِّناً لقرارات اللجنة ولا يجيز التعرض لها بالتأويل أو بوقف التنفيذ ؟! ثانياً: المادة 139 بخصوص تعيين نائب الرئيس : رغم إلزام التعديل رئيس الجمهورية بتعيين نائب له أو أكثر خلال ستين يوماً من مباشرته مهام منصبه ، الا أن الأولى فى رأيى تحديد عدد نواب الرئيس حتى لا يتحول المنصب الى مسمى شرفى للمجاملة ، مع ضرورة أن يأتى أولئك النواب بالإنتخاب المباشر أيضاً ضمن قائمة الرئيس ، فالتعديل لم يضع أى شروط لإختيارهم ولم يلزم الرئيس باستطلاع رأى الشعب أو مجلسه فيهم ! وبالتالى قد يأتى وفق هواه بنائب على طريقة "الوريث" أو تحت ضغط من لوبى داخلى أو خارجى ! ثم يُختَلَق ما يمنع الرئيس مؤقتاً من مباشرة اختصاصاته ، أو فلنقل يتنازل عن منصبه دون تنحى ، فيصبح ذلك النائب رئيساً فعلياً غير منتخب بيده كل الصلاحيات حتى دون طلب تعديل الدستور أو حل مجلسى البرلمان أو اقالة الوزارة كما نصت المادة 82 التى لم ينلها التعديل والتى لم تضع سقفاً للمدة الزمنية التى تمنع الرئيس من مباشرة اختصاصاته حتى لو طالت للـ 4 سنوات ! ثالثاً: وأظن لن يختلف معى أحد ، أنه من الخطر الجسيم الابقاء على المادة 134 التى أجازت لرئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم أن يكونوا أعضاء بالبرلمان ، خاصة وجميعهم معين من قبل الرئيس وفقاً للمادة 141 التى لم ينلها التغيير ! وبالتالى فإبقائها ، أى المادة 134، يعود بنا حتماً الى مقدمة الموضوع ومخاوفنا من إعادة هيكلة أغلبية الفساد والمصالح . ونستكمل ، إن كان ثمة جدوى ، فى حديث آخر إذا أراد الله تعالى ثم أذن مضيفونا وكان فى العمر بقية . ـ ضمير مستتر: يقول تعالى : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } الرعد11 علاء الدين حمدى [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل