المحتوى الرئيسى

ساحة التحرير في بغداد .. مزار اسبوعي للمتظاهرين

03/11 18:45

بغداد (رويترز) - رغم ان اعدادهم لا تتجاوز بضع مئات ورغم يقينهم انهم لن يستطيعوا ان يحدثوا ما أحدثه اقرانهم في تونس ومصر فقد أصر المتجمعون في ساحة التحرير بوسط العاصمة بغداد يوم الجمعة على ترديد شعارات تدعو الى الخلاص والحرية وتطالب الحكومة باصلاح النظام السياسي ووضع حد للفساد المستشري وتحسين مستوى الخدمات المتردي.تظاهرات العراق بدأت منذ ثلاثة اسابيع. وربما كانت الاحداث التي شهدتها تونس ومصر في الشهرين الماضيين قد أوحت للعراقيين بحقيقة ان المظاهرات الشعبية والعفوية يمكن ان تحدث ما تعجز عن تحقيقه السياسة والمعارضة المنظمة.وكما فعلوا في الجمعتين الماضيتين تجمع المحتجون يوم الجمعة في ساحة التحرير وتحت نصب الحرية الذي يعتبر احد معالم بغداد البارزة ورفعوا لافتات ورددوا هتافات تنتقد الحكومة ورئيسها وتطالب بمحاربة الفاسدين ومعاقبتهم.كل هذه الممارسات لم يألفها العراقيون.. لا قبل دخول القوات الامريكية للعراق في العام 2003 ولا حتى بعده رغم ان النظام الذي أسس في العراق بعد ذلك العام يستند الى الديمقراطية والى التعددية ويدعو الى احترام التعبير وحرية التظاهر.شعارات المتظاهرين لم تدع الى اسقاط النظام كما هو الحال في عدد من الدول العربية لكنها دعت الى اصلاح النظام.الشعارات كانت تدعو الى تحسين الخدمات وتوفير فرص عمل لاعداد غفيرة من العاطلين جلهم من الشباب وتنتقد بيروقراطية الدولة وتقاعسها عن توفير فرص العيش الكريمة رغم ان ميزانية العراق تفوق ميزانيات العديد من الدول المجاورة مجتمعة. واقر مجلس النواب قبل ايام ميزانية العام الحالي والتي تجاوز حجمها 80 مليار دولار.شارك في الاحتجاجات فئات مختلفة من شباب ومسنين ونساء ورجال. ورفع احد المتظاهرين لافتة كتب عليها "اين حقي من النفط" فيما رفع اخر لافتة قال فيها "اين المساواة يا من احتكرتم السلطة". وكانت بين العبارات الاخرى "نعم لوحدة العراق ولا للتقسيم" و"حظر التجوال وقطع الطرقات باطل" و"تكميم الافواه باطل" و"رحيلكم هو الحل" و"رحيل الاحتلال اولى خطى الخلاص".ووسط المتظاهرين وقف نديم يحيى الذي يبلغ من العمر 53 عاما ويعمل سائق سيارة أجرة وهو يحمل يحمل صورة لابنه سعد ولافتة مكتوب عليها "اين مصير المفقودين في معركة ام الكراسي" في انتقاد للكتل السياسية التي ادت خلافاتها الى تاخير تشكيل الحكومة لتسعة أشهر بعد الانتخابات البرلمانية.قال يحيى ان ابنه اختطف من منزله في ديسمبر كانون الاول من العام 2007 وهو لا يعرف مصيره الى الان.وأضاف بشيء من الغضب والمرارة والالم وبنبرة حادة "كل هؤلاء الرموز السياسية يجب ان يحاكموا لانهم هم السبب في اختطاف ابني... لولا خلافاتهم لما حصل في العراق ما حصل."وقال حسين عبد الله (25 عاما) "نطالب باجتثاث الفساد ومحاربة المفسدين" فيما قال عامر حسن (50 عاما) وهو موظف حكومي انه اخرج من منزله في منطقة حي العدل غرب بغداد في العام 2006 بسبب العنف الطائفي الذي اجتاح العراق في تلك الفترة وحين عاد اليه وجد انه قد لحقت به اضرار كبيرة. وقال انه يطالب الحكومة بتعويض كل من اخرج من منزله بسبب العنف الطائفي.وقال "اخرجت من بيتي بالقوة في العام 2006 وعندما عدت اليه بعد سنتين وجدته خربا.. الحكومة وعدت بتعويضنا ولحد الان لم يحدث شيء."وقال عدنان حسين (60 عاما) وهو اجير يومي "المسؤولية امانة وحماية المفسدين خيانة لهذه الامانة. هذه الرسالة ارسلها الى رئيس الحكومة وكل من يعمل معه."ووسط المتظاهرين وقف عباس اللامي وزوجته كفاح الخزعلي الطاعنة بالسن والتي لم تتمكن من الوقوف طويلا فجلست على الرصيف. حمل الاثنان صورة لابنيهما هشام وحمدي اللذين قالا انهما قتلا في العام 2006 في حي الدورة جنوبي بغداد في ذورة الاقتتال الطائفي.وقالت كفاح "الارهاب وحكومة الارهاب هم اللي قتلوا اولادي" فيما قال زوجها انه اقام دعوة ضد كل كبار المسؤولين الذي حكموا العراق في العام 2006.وقال "هؤلاء هم المجرمون الحقيقيون لانهم هم الذين قادوا القتل ضد كل شباب العراق من السنة والشيعة والاكراد."واضاف وهو يهتف باعلى صوته فيما تبعه اخرون في ترديد الهتاف "هذا الوطن ما نبيعه .. اخوان سنة وشيعة" في اشارة الى توحدهم ونبذ الطائفية.وقال جواد كاظم وهو ضابط متقاعد يبلغ من العمر 70 سنة انه جاء ليطالب بتعديل قانون التقاعد العسكري بما يسمح بزيادة معاشه هو واقرانه.وقال "هل يكفي راتب متقاعد قدره 250 الف دينار (ما يقارب 200 دولار) لاعالة شخص لديه ثمانية اطفال وخدم بلده اكثر من 20 سنة."اما شعارات المتظاهرين فكانت اكثر قسوة مما كتب على اللافتات. ورددت مجموعة من المتظاهرين شعارات تعكس حالة اليأس والقنوط التي اصابت الشارع العراقي وعدم الثقة بوعود المسؤولين مثل "الخاين شعبه انكص ايده" و" اهنا (نحن) اهل النفط عطالة بطالة (بدون عمل") و"اللي ياكل حقنا ندوس عليه" و"يا حيتان ما تدرون بالجوعان" و"هاي جمعة وبعد جمعة والفاسد لازم نطلعه" مما يعكس اصرارا على مواصلة التظاهر حتى الاستجابة للمطالب ومحاربة الفاسدين.ولم يخل المشهد من الوجود الكثيف لقوات الامن التي كادت اعدادها تضاهي اعداد المتظاهرين. فعلى مقربة من ساحة التحرير وفي شارع الرشيد وفي الشوارع الفرعية القريبة من ساحة التحرير اصطفت اعداد كبيرة جدا من سيارات الهمفي التابعة للجيش العراقي والعربات المزودة بخراطيم المياه فيما وقف العشرات من قوات مكافحة الارهاب على اهبة الاستعداد للتدخل.ورفض العديد من ضباط الجيش والشرطة الحديث لكن ضابطا بالجيش برتبة مقدم كان يقف حوله العديد من الجنود المدججين بالسلاح قال "نحن هنا لحماية المتظاهرين ليس الا."ولدى سؤاله عن سبب نشر هذه الاعداد الكبيرة من القوات الامنية قال " انت تعرف وضعنا.. يجب ان نكون حذرين."وليس ببعيد عن ساحة التحرير كانت ساحة البيع في الباب الشرقي تعج بالحركة لباعة يعرضون منتجاتهم على الارصفة ومتبضعين يبحثون عن مبتغاهم غير ابهين بالمظاهرات التي تجري على مقربة شديدة منهم.وقال محمد قادر (35 عاما) وهو يقف مع عدد من الشبان يتفحصون اقراصا مدمجة (سي.دي) لمجموعة حديثة من الافلام ان الامر لم يعد يعنيه.وقال وهو يشير الى المتظاهرين باصبعه "انا كنت هناك في الجمعتين الماضيتين. هتفنا وصرخنا وتظاهرنا.. وماذا حدث بعد ذلك.."واضاف "هذه الشعارات المكتوبة التي يرددها المتظاهرون هي نفس الطلبات اللي كل الشعب العراقي ينادي بها منذ ثماني سنوات. لا شيء جديد فيها. لكنهم (السياسيين) يصرون على عدم الاستماع."واضاف وهو يشيح بوجهه بعيدا "القناعة التي توصلت لها انه لا فائدة سواء تظاهرنا ام لم نتظاهر. انا ابحث عن شيء ينسيني همومي. والافلام ربما تنسيني همومي."ومضى يقول "بالمناسبة هذا ليس رأيي فقط.. هذا رأي الاف غيري."وكان رئيس الحكومة نوري المالكي قد امهل حكومته في السابع والعشرين من الشهر الماضي 100 يوم للعمل على تلبية مطالب المتظاهرين ووضع خطط عمل لتحسين مستوى الخدمات وتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد. وهدد المالكي بطرد الوزير الذي لا يستجيب لهذه الدعوات.لكن يبدو ان وعود المالكي لم تجد اذانا صاغية او انها لم تعد قادرة على اعطاء العراقيين بارقة أمل جديدة.قال احمد هادي (43 عاما) ويعمل اجيرا يوميا ان المالكي "وعد بمئة يوم وانا اعطيه 100 يوم اخرى. وانا اقسم ان لا المالكي ولا الحكومة سيوفرون حلولا."من وليد ابراهيم

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل