المحتوى الرئيسى

من الواقع - الخيانة العظمي للوطن أهون من خيانة النظام!!

03/11 15:21

عندما تولي الرئيس الراحل أنور السادات الحكم خلفاً للرئيس الأسبق جمال عبدالناصر عام 1970 أراد أن يظهر للمصريين أن حكمه سوف يكون مختلفاً عن حكم سلفه. وأنه سيكون أكثر ديمقراطية وأكثر شفافية وأنه سيضمن حرية كاملة للمواطنين في عهده دون خوف من بطش أو غيره.وأعلن السادات حينئذ أنه لا تنصت بعد اليوم علي المكالمات التليفونية للمصريين. وأمر بإحضار جميع الشرائط المسجل عليها هذه المكالمات من أمن الدولة ثم قام بإحراقها علناً ليعلن بداية عهد جديد.لا شك أن وقع هذه الخطوة علي المصريين كان ايجابياً للغاية واستقبلوها بارتياح شديد ظناً منهم أن هذا هو الأمر الطبيعي للحياة التي تخلو من تهديد ووعيد الحاكم. وأن المواطن المصري يستطيع أن يتكلم في أي تجمع ويقول رأيه بصراحة فضلاً عن حرية التكلم في التليفونات دون وجود رقيب يسجل عليه كل حرف وكلمة ينطقها لتكون بمثابة سيف فوق الرقبة.لكن للأسف لم يدم الحال طويلاً وعادت الأمور سيرتها الأولي بفضل جهاز أمن الدولة الذي تم توجيه مهامه من حماية أمن الدولة إلي حماية أمن النظام حتي توحش هذا الجهاز في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وطال نشاطه كل مواقع العمل والحياة في مصر.. وبدلاً من القول المأثور الذي كان يتردد في عهد الرئيس عبدالناصر بأن "الحيطة لها ودان" أصبح الناس يخشون الحديث في التليفونات. فلا يستطيع أحد أن يفضفض مع صديق أو قريب أو زميل بما يجيش به صدره من أمور لا تعجبه في السياسة الداخلية أو الخارجية.. فكل كلمة محسوبة عليه حتي لو كان يقولها بطريقة "الهزار"!!ولم يقتصر الأمر في عهد الرئيس السابق علي مراقبة التليفونات بل كان للنظام عيون وآذان وأعوان في كل مكان إذا فضفض أحدهم بكلمة تكتب التقارير علي وجه السرعة وترسل لجهاز أمن الدولة الذي يتصرف حسب درجة خطورة الموقف.وما حدث للصحفي رضا هلال الذي اختفي من الوجود منذ ثمانية أعوام لأنه عارض توريث جمال مبارك الحكم شيء يشيب له الولدان.. فكيف يختفي مواطن من الدنيا بهذه البشاعة بسبب رأي أطلقه دون أن يعرف أحد عنه شيئاً وما إذا كان حياً أم ميتاً؟!لقد كانت واقعة رضا هلال درساً قاسياً لكل من تسول له نفسه نقد نظام مبارك أو العيب في الذات الحاكمة أو مساسها بأي كلمة نقد.. فإما أن تسبح بحمد النظام وصاحبه وإما أن تصمت وهذا أضعف الإيمان. وإلا فالمصير معلوم كمصير يوسف عندما ألقاه إخوته في غيابة الجب.السؤال هو: أين رضا هلال؟! أنا لا أعرفه شخصياً.. ولكنه مواطن ينتمي إلي هذا الوطن.. وظني أنه- لا قدر الله- لو كان متهماً بالخيانة العظمي لما حدث له ما حدث. وإنما كانوا سيأخذونه بالرأفة لأن العيب في حق الوطن- عندهم- أهون من العيب في حق النظام والقائمين عليه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل