المحتوى الرئيسى

الثورة على دونكيشوت بقلم: عبد الغفور عويضة

03/11 20:17

بقلم: عبد الغفور عويضة- رئيس التحرير في مجلة خارقة الجدار- رام الله لا شك انني مخطئ عندما اعقد مقارنة في مقالي هذا بين بطل المؤلف "ميجيل دي سرفاتيس ساندرا" الفارس النبيل "دونكيشوت ديلامانشا" و العقيد معمر القذافي، غير ان مقارنتي تعتمد على جزء واحد من شخصية دونكيشوت الا وهو الوهم ، غير انه في شخصية القذافي وهم فاق كل الحدود، هذه الشخصية التي خلت من النبل و الانسانية و حتى السياسة التي يعمل بها ، و هو بشخصيته هذه يمزج بين السادية المودية الى الدكتاتورية و بين النرجسية التي تجعله تدفعه للشعور "بمنصب" الإله، فطوال اثنان و أربعين عاما و القذافي يحكم ليبيا التي تعوم على بحيرة نفطية، و طوال هذه الأربعة عقود و القذافي يعامل ليبيا على انها بيت و منزل يحكمه و يتصرف كما يشاء هو و ابنائه و أصهاره ومن لف لفيفه الى ان اتى اليوم الذي خرج فيه شهب ليبيا الى الشوارع قائلا:لا ... هذه اللا هذه اللا كان لها صدى في اذن الدبلوماسيين الليبيين فبداوا بالاستقالة، و كان لها جرسا في اذن الجيش الليبي فتمرد الكثير منهم، غير ان تلك اللا على ما يبدو انها لم تصل الى اذن القذافي او انه لم يفهمها كما فهمها من قبلة ( زين العابدين التونسي و مبارك المصري) القذافي الذي يعتبر نفسه قائدا ملهما و ملك ملوك افر يقيا و فيلسوف العالم متوهما انه مركز هذا العالم و الكل يدور حوله وهذا ليس وليد هذه الايام بل هو سكر نصر الثورة التي قادها ضد الملك السنوسي فكان ان قاده هذا السكر الى مهاجمة مصر احتجاجا على اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها السادات مع اسرائيل، و كذلك تفجير طائرة بانآم الامريكية فوق قرية لوكربي في اسكتلندا ، ثم الحلول التي لا ترقى الى عقيدة مبنية على فكر سياسي ثوري كالحل" اسراطين" وهو الحل الذي قدمه للقضية الفلسطينية، و غيرها من الفلسفات الخرقاء الذي أجملها في كتاب سيبقى شاهدا على غبائه " الكتاب الاخضر"محاولا فيه ان يقلد فلسفات و مبادئ ماركس وفلسفات لينين، رغم كل هذا الفشل و هذا الوهم فان القذافي يصر _ على الرغم من الازمة الحقيقية التي يمر بها حكمه المهدد بالزوال و المصير المؤلم الذي ينتظره كشخص _ فانه يصر على التشبث بهذا الوهم و الاصرار على هذه السياسة محاولا التملق و التقرب قدر الامكان من امريكيا بعد ان سوى خلافاته معها و ان بدت تسوية لا ترقى الى ما يؤمن به القذافي من وهم ثوري، و هذا الرضا الامريكي عنه زاد من حالة و الغرور الذي تسيطر عليه و هو امر بدا واضحا في خطاباته الاخيرة و خطاب ابه سيف الاسلام الاول و تصريحاته لهذه الليلة و ما شابها من تناقضات تخالف الواقع ولا يوجد لها اساس الا في عقل القذافي و ابنائه، متسلحا بالرضى الامريكي المتفق عليه مسبقا ، و دعم اعلامه الرسمي و " الزحف الاممي" و جنوده الذين قال عنهم انهم يملاون الارض" من الصحرة الى الصحرة"، فأرغى و أزبد وناقض نفسه متحدثا عن ان سبب الاحداث انما هي قوى استعمارية؛ و في هذا عودة الى ايام الاحتلال الإيطالي لليبيا غير ان ايطاليا برلوسكوني اليوم هي اقرب الناس الى ليبيا القذافي اليوم ، كما ان الاستعمار الانجلوسكسوني الحديث بعيد كل البعد عن ليبيا لا سيما بعد تسوية قضية لوكربي و المقرحي بعد ان دفع التعويضات مقابل تعهد من الولايات المتحدة الامريكية بعدم التحريض لانهاء حكم القذافي و هو امر لمسناه بعد ان تمت تسوية قضية لوكربي، و في رسالته الصوتية الاخيرة و الموجهة الى اهالي الزاوية كان واضحا كل الوضوح باتهام القاعدة و ابن لادن بالمسؤولية عما يحدث في ليبيا مدعيا ان القاعدة توزع حبوبا تسبب الهلوسة على الشباب الليبي تدفعه للثورة على نظامه و هذا امر لا يقبله عقل لعدة اعتبارات اولها ان القاعدة لا تتبع هذا الأسلوب في السيطرة على الحكم كما انه بامكان القاعدة الدخول الى ليبيا مستغلة حالة الفوضى القائمة و تطبق اسلوبها في الجهاد المتبع في العراق، كما ان القاعدة و ان كانت تكفر كل الحكام العرب و الانظمة العربية العلمانية الا انه لم تتبع اسلوب مهاجمة هذه الانظمة الا بعد ان تتعاون مع الصليبيين بشكل علني كما هو الحال في العراق و افغانستان والا فانها تعتمد على مهاجمة المصالح الصليبية في البلاد كالهجوم على المدمرة الامريكية في اليمن ( يو اس اس كول) و ان كانت القاعدة قد تخطت هذا كله فانها تهاجم شخصيات معينة تهدد وجود القاعدة كمهاجمتها لفندق الرويال في العاصمة الاردنية عمان وهو هجوم استهدف رجال في المخابرات و كان من بين ضحاياه مدنيين كثر، و ايدولوجية القاعدة في تعتمد على انتقائية اعضائها و ليس على العشوائية و الامر يستلزم الاعداد الديني قبل الاعداد الجهادي و هو امر لم يصل الى هذا المستوى في ليبيا، و ليس كما هو الحال في نظام القذافي الذي يعتمد على المرتزقة في قمع الشعب بعد ان رفض الجيش اوامره ؟ انها سياسة الوهم التي ميجيل دي سيرفاتيس لبطل روايته دونكيشوت دي لامانشاه الذي كان يخيل اليه ان طواحين الهواء و اكياس السكر و الملح و الدقيق اعداءا جاؤوا لقتاله و محاربته محاولا بذلك ان يظهر الولاء و النبل لسيدته و محبوبته الخيالية الاميرة دولثنيا التي يعجبها كثيرا نبل وشجاعة الفرسان و هذا هو حال القذافي الذي يخلق اعداءا وهميين له لكنهم حقيقيين بالنسبة للولايات المتحدة_ دولثنيا في او اية سيرفاتيس_ولا باس ان يضحي بابناء شعبه و يتهمهم بانهم من القاعدة او ان القاعدة تنتشر بينهم ليحظى بالدعم الانجلوسكسوني و يصفق له ابناء العم سام وبذلك يدخل الحلف العالمي المضاد للإرهاب من أوسع ابوابه و لا باس بان يضحي في سبيل ذلك بعشرات الالاف من ابناء شعبه محققا بذلك هدفا اخر وهو ما تحدث عنه المفكر" مارفوس" . لم تكن الثورة على نظام القذافي ثورة مدعومة من الخارج لا سيما بعد العشق الذي حدث بين القذافي ومن كانوا يعتبرونه عدو البيت الابيض الاول، ولا علاقة للقاعدة بما يحدث في ليبيا سواء اكان ذلك من الناحية الايدولوجية او السياسة العامة للقاعدة التي تتبعها لانشاء خلايا و قواعد لها في دول العالم على الرغم من مجود القاعدة في منطقة بلاد المغرب الاسلامي, ان ما يحدث في ليبيا و ما استدعى من ممثلين ووزراء للنظام الليبي الاستقاله ، و ما استدعى من الجيش التمرد على الاوامر هو نفسه ما دعى الشعب الى التظاهر ومن ثم الثورة، هي نفسها رياح التغيير التي هبت من تونس و مصر على المنطقة العربية ، و هي نفسها الاسباب ، و هي نفسها المؤيدات، فهي ليست اليمن يمكن التحدث فيها عن تاثير القاعدة فيها حتى ان تاثير القاعدة في الاحتجاجات و المظاهرات اليمنية لم يظهر على الرغم من ان وجودها مؤكد في اليمن، انما هي الثورة يا سيادة العقيد للمطالبة بالحقوق التي طالما سلبتها من هذا الشعب، فأما آن لك ان تستعير خطاب زين العابدين و تقول " انا فهمت... انا فهمت".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل