مبارك في القفص
بدأت في باريس يوم الاثنين الماضي أولي جلسات محاكمة الرئيس جاك شيراك بتهمة اساءة استخدام المال العام, ويواجه عقوبة السجن لمدة10 سنوات. تلك هي المرة الأولي التي توجه فيها تهم جنائية إلي رئيس فرنسي, وربما تشهد مصر ـ في وقت لاحق ـ محاكمة مماثلة للرئيس المخلوع, وعدد من افراد اسرته وكبار معاونيه, لاتهامهم ـ جميعا ـ بارتكاب جرائم مروعة في حق الإنسانية, لعل اقلها وصفا ووطأة هو اساءة استخدام المال العام. إذن.. لا أحد فوق القانون, مبدأ يجري تطبيقه, بكل شفافية وحزم ـ في فرنسا وغيرها من بلدان العالم, كنا ـ في الحقيقة ـ لانتصور أنه سيأتي اليوم لكي نراه في بلدنا لولا قيام ثورة25 يناير المجيدة. الفارق بين أول محاكمة تجري لرئيس فرنسي سابق, والمصير المحتوم للرئيس المخلوع وعدد من افراد اسرته وكبار معاونيه, هو ان جاك شيراك يخضع للمحاكمة بعد ان انهي فترة حكمه بكل سلاسة ويسر, وذهب ليستريح من اعباء العمل العام, دون ان يكون مصدر خطر علي الأمن القومي لبلاده, او متربصا لتطلعات شعبها في الحرية والعدل والكرامة, أو متنمرا للالتفاف علي مكاسبها, أو متحينا الفرصة للانقضاض علي كرسي الحكم فيها مرة أخري كما هو حال الطاغية المخلوع وعدد من افراد اسرته وكبار معاونيه. هنا.. ولأننا شعب عاطفي, لايجب بأي حال من الاحوال ان ينظر احد منا بعين الشفقة والرأفة, او يقول في نفسه ارحموا عزيز قول ذل تجاه أي من المتهمين المعروضين الآن امام القضاء, أو من هم في طريقهم إلي ساحة العدالة مهما كانت مواقعهم وألقابهم, لارتكابهم جرائم مروعة ولتهديدهم المستمر للثورة. ما اريد التأكيد عليه هو ان محاكمة القتلة والفاسدين والمستبدين, وكل من اساء استخدام المال العام, مسألة لاتتوقف عند كونها قصاصا عادلا يشفي غليل أهالي الشهداء والضحايا والابرياء, ولاتستهدف ـ فقط ـ اعادة الاموال العامة المنهوبة, لكنها أيضا يجب ان تصبح ـ من الآن فصاعدا ـ عبرة للأجيال, ولكل حاكم تسول له نفسه العبث بمقدرات الأمة والالتفاف علي مكتسباتها. نحن لسنا استثناء بين الأمم عندما نحاكم رأس النظام الفاسد وعددا من افراد اسرته وكبار معاونيه, بل تكفي نظرة علي محاكمات مماثلة جرت في شرق العالم وغربه, حيث حوكم ـ مثلا ـ الرئيس سوهارتو, ويحاكم حاليا بيرلسكوني ومن قبله رئيس الكيان الصهيوني كاتساف, الذي ينفذ حكما فعليا بالسجن, فضلا عن محاكمة الرئيس الأسبق كلينتون, ورئيس كوريا الجنوبية روه مو هيون الذي شعر بالخزي والعار عند اتهامه بالفساد ولم يتحمل مواجهة شعبه وقرر الانتحار!![email protected] المزيد من أعمدة كمال جاب الله
Comments