المحتوى الرئيسى

إلى الأخ "العقيد"..!

03/09 11:00

بقلم: شعبان عبد الرحمن (*) المقصود بـ"العقيد" هنا "عقيدان": العقيد "القذافي" والعقيد "علي عبد الله صالح"، وما أكثر "العقداء" الذين تحكموا في رقاب الشعب العربي، ونهبوا ثرواته، وألحقوا به الهزائم تلو الهزائم؛ حتى حوَّلوه إلى شبه جثة هامدة يتلاعبون بها كيف يشاءون!!. تاريخ "العقداء" مع شعوبهم في عهد الثورات خلال أكثر من نصف قرن شاهدٌ حيٌّ على ذلك، منذ ثورة اليوزباشي "جمال عبد الناصر"، ومرورًا بثورة الفريق "حافظ الأسد"، وثورة المهيب الركن "صدام حسين"، وثورة الجنرالات في الجزائر وتونس، حتى ثورة العقيدين "القذافي" و"علي صالح". لقد سقط معظم بلدان العالم العربي في قبضة الثورات العسكرية، ونالها ما نالها، وتبيَّن أن هؤلاء الثوار جاءوا ليخرجوا الاستعمار من بلادنا، حتى يُخلوا الجوَّ لهم ليستعبدوا شعوبهم، وتحوَّلت الشعوب إلى قطيع "مأسور" يُسام الظلم والعنت والفقر والهزائم، ومراجعة بسيطة لسجلِّ حكم الرؤساء: جمال عبدالناصر، وحافظ الأسد، وصدام حسين، وهواري بومدين، وزين العابدين بن علي، ومبارك، وكلهم جنرالات بامتياز، تشهد سجلاَّت تاريخهم بإذلال الشعوب. والحمد لله، فقد ذهب كل هؤلاء إلى غير رجعة، لكن بقي لنا "عقيدان"؛ "عقيد" في ليبيا، و"عقيد" في اليمن.. أما عقيد ليبيا فقد استلم أمانة الزعامة من الزعيم جمال عبد الناصر منذ اثنين وأربعين عامًا (الفاتح من سبتمبر 1969م)، وبالفعل رعى الأمانة حقَّ رعايتها، ومشى على الخط ولم يحُد قيد أنملة، بل كان أكثر إخلاصًا ودقةً في إذلال شعبه وإذاقة من يرفع رأسه أهوالاً من العذاب، لم يتكلم بلسانه طوال اثنين وأربعين عامًا إلا للمتجمهرين تأييدًا له، والذين يدبجون هتافات الولاء والتقديس، أما معارضوه أو مخالفوه في الرأي، فلم يتكلم معهم يومًا إلا بالرصاص الحي والإبادة الجماعية كما حدث في سجن "أبو سليم" من قبل، وكما يحدث اليوم على الأرض الليبية؛ لأن هؤلاء في رأيه "جرذان" و"فئران" و"مقملون"، حسبما ردَّد في خُطبه الأخيرة، وليس لهم عنده إلا الإبادة "بيت بيت.. شارع شارع.. زنقة زنقة.. فرد فرد". أمَّم ثروة الشعب الليبي.. فقد أمَّمها لنفسه بعد أن أمَّم الشعب نفسه لصالحه، وخرج بين الحين والآخر بتصريحات عن رصد مليارات لتنمية ليبيا، وتحسين أوضاع الشعب الليبي، الذي يعوم على بحيرة من النفط والغاز، لكنه رغم قلة عدده (8 ملايين نسمة) فإن نسبة الفقر والبطالة تتزايد بين أبنائه؛ حيث بلغت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر 29% من الشعب، وفق دراسة اقتصادية اجتماعية بثتها وكالة "ليبيا برس" ومركزها لندن، وقد أكد التقرير الاقتصادي العربي الموحَّد الصادر في 12/5/2009م، المخاوف من تفاقم معدلات البطالة إلى أرقام غير متوقعة؛ حيث بلغت نسبة البطالة 20.63% بعدما كانت 18.7% عام 2006م، و19.64% عام 2007م. ويبدو أن سيادة العقيد لن يترك ليبيا ولن يتخلَّى عن حكمها إلا بعد تحويلها- لا قدر الله- إلى أرض خراب.. إما أن يستعبدهم أو يبيدهم عن آخرهم..!! ولا حول ولا قوة إلا بالله!. أما العقيد "علي عبد الله صالح" فهو الآخر لا يبدو مستعدًّا للرحيل عن السلطة حتى آخر نفس، ويتَّهم معارضيه- مثل "القذافي"- بأن تحريكهم يأتي من واشنطن، وأن غرفة العمليات موجودة في تل أبيب!. نعم.. إن كانت قبضة العقيد "علي" أخفَّ على شعبه من قبضة العقيد "القذافي"؛ فقد شهد اليمن تعدديةً حزبيةً معقولةً وحريةً إعلاميةً نسبيةً، ولكن العقيد "علي" عزم- مقابل ذلك- على تأميم السلطة العليا في البلاد لنفسه، ورتب الوراثة لمن يأتي من بعده من عائلته، وواجه كل معارضيه في الشارع- وما زال- بالرصاص والبلطجة والقهر، بينما يغرق شعبه في فقر مدقع؛ حيث بلغت نسبة الفقر 40% ويعاني ثلث الشباب من البطالة. نقول: حتى لو أن "القذافي" و"علي صالح" وغيرهما من الجنرالات حوَّلوا بلادهما إلى جنَّات وارفة، لكنَّ الشعوب تطالبهم بالرحيل بعد أن "أُبِّدُوا" في السلطة طوال هذه السنوات الطوال؛ فما العيب أن يرحلوا؟.. ولماذا يكون الردُّ بالرصاص هكذا؟ ليتحوَّل اليمن إلى نزيف دموي، وليبيا إلى بحار من الدماء.. إنها عقلية الدم والرصاص التي تستعبد العباد وتخرِّب البلاد. ----------* كاتب مصري- مدير تحرير مجلة "المجتمع" الكويتية[email protected]  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل