المحتوى الرئيسى

من المثالية إلى الواقعية

03/09 10:33

بقلم: معتز بالله عبد الفتاح 9 مارس 2011 10:16:36 ص بتوقيت القاهرة تعليقات: 0 var addthis_pub = "mohamedtanna"; من المثالية إلى الواقعية  جاء فى هذا العمود من قبل أن الثورات عادة تمر بمراحل يمكن إجمالها فى خمس: هدم نظام الحكم القديم، ثم المثالية الثورية، ثم تصميم مؤسسات النظام الجديد، والواقعية الثورية، والانضباط المؤسسى. هذه هى معضلتنا الآن. لقد نجحنا فى التخلص من أشخاص النظام القديم تباعا والكثير من قواعد الحكم السابقة، ثم دخلنا مرحلة «المثالية الثورية» والتى لها خاصيتان: أولا هناك شعور سائد بحتمية التخلص من كل رموز وأشخاص الماضى واستبدالهم بأسماء معارضة تماما أو جديدة تماما. ثانيا حالة المثالية الثورية تجعلنا نشهد ظاهرة الراغبين فى اللحاق بالثورة قبل أن تنتهى من خلال التعبير عن مطالب فئوية أو قطاعية (قد تكون مشروعة ولكنها ليست جزءا من مطالب الثائرين الأصلية). المهم كيف نخرج من هذه الحالة؟ عدم الاستقرار السياسى هو ناتج عن زيادة فى المطالب السياسية دون قدرة مؤسسات الدولة عن الاستجابة لها أو قمعها. والمطالب إما تكون كلية (مثل تعديل الدستور وحل البرلمان) أو جزئية (مثل مظاهرات من أجل تعديل أجور مجموعة من المواطنين أو لبناء كنيسة). ومؤسسات الدولة المعنية هى المؤسسات التمثيلية (البرلمان، والأحزاب تحديدا)، والمؤسسات الأمنية (الشرطة والجيش)، والمؤسسات الخدمية (الصحية والتعليمية والاقتصادية). فى حالة الثورة، وبحكم التعريف، تتزايد المطالب الكلية وتكون فرصة لزيادة المطالب الجزئية، مع انهيار شبه تام لمؤسسات الدولة. إذن نحن بحاجة لأن نتحرك على مستويين: أولا تقليل المطالب المتعارضة وتبنى منطق التغيير بالتدريج لأننا لن نستطيع أن نحقق كل المطالب الكلية والجزئية فى نفس الوقت لأنه ببساطة لا توجد مؤسسات قادرة على تنظيم وتصعيد والتعبير والتوفيق بين هذه المصالح. ثانيا نحن بحاجة لأن نتحرك، وفقا للخطة الموضوعة، فى طريق بناء مؤسساتنا بما فى ذلك الموافقة على التعديلات الدستورية المؤقتة المطروحة للاستفتاء فى 19 مارس. وهى ليست الأمثل ولكنها جيدة فى طريق بناء المؤسسات التمثيلية والتنفيذية (مجلس الشعب والحكومة)، ويمكن خلالها أن يتم وضع دستور جديد للبلاد. وهذا ليس بدعا من التجارب، فمثلا ثورة بولندا فى عام 1989 لم تؤد إلى إصلاحيات دستورية فورية، وإنما بدأت عملية الإصلاحات الدستورى والسياسية الأولية فى عام 1992 وأتت بليخ فاونسا إلى السلطة فى ذلك العام ثم إقرار الدستور الجديد فى عام 1997. لابد أن ننتقل فى أسرع وقت إلى مرحلة الواقعة الثورية بخفض سقف مطالبنا. وأن تبدأ الحكومة الجديدة فى التصرف بشىء من الاستقلال النسبى عن المتظاهرين. وكلمة «النسبى» هى الكلمة المفتاح، فلا تكون الحكومة مجرد أداة طيعة فى يد كل من يتظاهر فى أى اتجاه دون أن يعنى ذلك تخليها عن أن تنصت وأن تضع خطة واضحة بالاستجابة للوعود فى مواعيد محددة. مصر بحاجة لشىء من العقلانية والتروى حتى لا نفقد كل ما حققناه ونعود لنقول «يا ريت اللى جرى ما كان».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل