المحتوى الرئيسى

> حدود الشرطة

03/08 22:06

لا تكتمل ملامح المجتمع الديمقراطي بمعزل عن وجود مؤثر فعال لمؤسسة الشرطة، شريطة أن تخضع للقانون وتنفذه، وتتحرك وفق آلياته وقواعده، الجريمة ظاهرة قائمة في مراحل التاريخ الإنساني كافة، ومقاومتها ضرورة لحماية أبناء المجتمع وتأمين سلامتهم. من ناحية أخري، فإن الاختلاف الشاسع بين الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي مرت بها رحلة الحضارة، لا ينفي أن الشرطة مشترك راسخ لا يغيب عن الأنظمة جميعا، ولا ينبغي أن تغيب عن الأذهان حقيقة أن المؤسسة الأمنية تعبير مباشر عن طبيعة السلطة وايديولوجيتها، فهي لا تصنع سلوكا خاصا بها، ولا تبتكر منهجا يعارض السائد المعمول به. أزمة الثقة بين الشعب والشرطة لا يمكن انكارها أو التقليل من شأن آثارها السلبية المدمرة، وتجاوز الأزمة ضرورة ملحة ينبغي العمل من أجلها، فالضابط الذي ينظم حركة المرور، ويساعد في استخراج البطاقة وجواز السفر، ويطارد اللصوص والمزورين والمهربين وتجار المخدرات، لا يمكن أن يكون عدوا للشعب، ولا يليق أن تدفع الأغلبية العظمي من الشرفاء الملتزمين ثمنا لجرائم وخطايا القلة المنحرفة الفاسدة. التطرف المرذول يضع الجميع في سلة واحدة، وقد يكون الأمر مفهوما ومبررا لفترة وجيزة يسود فيها الانفعال المتراكم من مرارات الماضي، لكن الاستمرار في هذا المنهج سيخلق فراغا مرعبا، يرتع فيه البلطجية وقطاع الطرق، فلا يأمن المواطن العادي البسيط علي حياته ورزقه وأمان أفراد أسرته. مما يؤخذ علي الشرطة في عهود القهر والتسلط أنها تمارس الاضطهاد والبطش، وتغيب عنها معايير العدل والانصاف، فأي فارق بين هذا الخلل الجسيم وما تشهده الآن في إطار عكس، حيث يتحول كل ضابط إلي متهم بلا تهمة محددة، فكأنه ليس واحدا من أبناء الشعب، يعمل أخوه طبيبا، وابن عمه ممن يفلحون الأرض أو يقفون أمام ساحة القضاء. الفوضي تدق الأبواب، ولابد من التأمل الدقيق بحثا عن أصحاب المصلحة في شيوعها واستمرارها، علي عقلاء هذا الوطن أن يعيدوا بناء جسور الثقة، وعلي الجميع واجب صياغة عقد جديد، تعلو فيه حقوق الإنسان، ويحترم القانون، ويعرف كل موظف عام واجباته وحقوقه، أما الاستمرار في حالة الغليان غير الرشيد فيقود إلي الكارثة، ولن نعرف أبعادها الحقيقية إلا بعد فوات الأوان. فليت أنه لا يفوت

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل