المحتوى الرئيسى

> تأثيرات البيئة علي الشخصية

03/08 22:05

تؤثر البيئة تأثيرا واضحا علي نمط الشخصية التي يكتسبها الفرد، ولقد بين الأنثروبولوجيون بوضوح آثار الثقافة علي الاتجاهات والمثل وأنماط السلوك في العديد من دراساتهم للقبائل البدائية كقبيلة الأرباش في غنيا الجديدة حيث ينشأ الأطفال مسالمين ، لا يغشون ولا يسرقون ولا يكذبون ولا يتعرضون للثورات الغضبية - في حين أن قبيلة المندجمور يتميز أفرادها بالشك في الآخرين والعدوانية والقسوة - وكذلك وجدوا أن قبيلة التشامبولي وهي قبيلة أخري في غينيا الجديدة أيضا تعكس دور المرأة والرجل عما نعرفه نحن- فالمرأة هي التي تقوم بفلاحة الأرض والصيد وغير ذلك من الأعمال الشاقة ، في حين يقوم الرجل بالبقاء في المنزل ورعاية الأطفال والاهتمام بالنواحي الفنية - ويمكن إرجاع كل هذه الفروق بدرجة من الثقة إلي آثار التطبيع الاجتماعي وطرق تنشئة الأطفال. كذلك تعتبر البيئة المنزلية مهمة في نمط الشخصية الذي يكتسبه الفرد -فالطفل الذي يحصل علي الحب والأمن والقبول لا يعاني غالبا من مشكلة خطيرة في تكيفه فيما بعد ، وذلك بعكس الأطفال الذين يجابهون رفض آبائهم ولا يحصلون علي الحب اللازم ، حيث يصبحون عدوانيين ومشاكسين ويتعرضون للعديد من الإعاقات الانفعالية ، بل إن الأطفال الذين ينعمون بالحماية المفرطة قد يكونون في كبرهم معتمدين علي الآخرين ولا يستطيعون تصريف أمورهم بأنفسهم ، ويصابون بالكثير من حالات القلق. ويقول لفين في مقالته (السلوك والنمو كدالة للموقف الكلي): (يستطيع الفرد أن يذكر أن السلوك والنمو يعتمدان علي حالة الفرد وبيئته والسلوك = د (ش،ب) حيث ش في هذه المعادلة تدل علي الشخص، ب علي بيئته ، وينظر إليهما علي أنهما متغيران يعتمد كل منهما علي الآخر . وبمعني آخر فلكي نفهم السلوك أو نتنبأ به ، يجب أن نأخذ في اعتبارنا كلا من الفرد وبيئته ، كمجموعة واحدة أو عوامل متداخلة. لقد أثارت هذه المشكلة -الفروق الفردية- اهتمام كثير من الباحثين وأجروا فيها الأبحاث والدراسات التي يحاول بعضها إظهار أهمية عامل البيئة -والبعض الآخر يحاول إظهار أهمية الوراثة - غير ان الاتجاه القائم الآن بين إنسانية تحيل هذا الاستعداد الفطري إلي قدرة فعلية . وبعبارة أخري فنحن أبناء الوراثة والبيئة في آن واحد . وكل قدرة لدي الفرد موروثة ومكتسبة في آن واحد ، ومن المحال أن نفصل أثر الوراثة عن أثر البيئة إلا إذا استطعنا فصل مياه رافدين يصبان في نهر واحد. ويؤكد علماء البيئة مبدأ المساواة بين الناس فيما لديهم من إمكانيات لا حدود لتنميتها. وأصحاب هذا الاتجاه يؤكدون أن الفروق الفردية الواسعة التي تلاحظها بين الأفراد وإنما تدل علي أن فرص تنمية هذه الإمكانات متكافئة للجميع . أما علماء الوراثة فيؤكدون أن الفروق بين الناس إنما هي حقائق بيولوجية أساسية لا يمكن تجاهلها ، ويسعي هذا الرأي إلي تحقيق مبدأ الانتفاع بالمواهب المتنوعة الموجودة بالفعل. وهذان الافتراضان قد يؤديان إلي استنتاجات لا مبرر لها . فالرأي القائل بأن الفروق الفردية أساسية قد يؤدي إلي تبرير وجود الامتيازات الطبقية والاستبداد والتسلط والاستعمار والتفوق العنصري ، أما فلسفة المساواة بين الناس في الإمكانات فعلي حين تتجنب هذه المزالق الخطرة إلا أنها تؤدي إلي صعوبات أخري . فإذا كان المرء يعتقد أن جميع الأفراد الأسوياء لديهم إمكانات غير محدودة فإنه قد يفاجأ حين يجد أن إنجازات الكثيرين منهم لا تتكافأ مع الفرص المتاحة لهم. * باحث إسلامى يقيم فى أسيوط

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل