المحتوى الرئيسى

رأس الجبل الضاحك الباكي .. بقلم:شوقية عروق منصور

03/08 20:22

من قال إننا نعشق الفضائيات ونسجن أنفسنا أمام نشرات الأخبار وملاحقة السطور العاجلة والسطور الراكضة أسفل الشاشة ؟! من قال إننا نهيم حباً في التحليلات ورؤية الضيوف الذين ينتقدون الأوضاع السياسية ويحاولون الدخول في تفاصيل التفاصيل لدرجة الملل والسئم ؟ من قال إننا نفرح حين نكتشف أن أعداد المختصين في عالم السياسية يفوق التصوّر العربي ، حيث نراهم فوق الشاشات فرساناً وفوارس وأشاوس يصولون ويجولون في حلبات النقاش ، فمع هؤلاء نطمئن أن الشعوب العربية بخير ، لكن في الساحة الخلفية للوجود العربي لابد أن نسأل : أين تأثير هذه النخب على مواطنيهم وشعوبهم ؟! اين هم من الصمت الذي هرول إلى حالات التردي في البلدان العربية ؟! نحن لا نفرح ، بل الواقع الآن يجرنا إلى الشاشات لنعرف اين نقف ؟ مطر من الوجوه ، مطر من التصريحات والعبارات والتحليلات والأرقام ..! نعترف إننا عالقون أمام شاشات الفضائيات ، أسرى لوجوه قارئي نشرات الأخبار وضيوفهم . في حالات الانتظار التي تتمخض عن حالات الانتصار. وكما جاء في المثل الهولندي (الفندق الذي ينزل فيه تجار المواشي ينزل فيه اللحامون ) فهكذا هو حال الفضائيات العربية التي تحشد اللقاءات والصور والمقابلات و تصر ان تحمل شعار (الرأي والرأي الآخر) تستضيف من كافة التيارات ، كأن الرأي الآخر في الوطن العربي مساحة مضيئة فعلينا استغلال الضوء للتعبير عن انفسنا بحرية ، وهم يعرفون أن الرأي الآخر الطريق الى المقصلة والزنزانة والنفى ، و يعلمون أن الأنظمة السياسية العربية تتعامل مع الذين يسيرون ضد التيار بأساليبها المتعددة . تطل الآن رؤوس جبال الجليد ، نرى هذه الرؤوس ضاحكة ، باكية ، وما خفي كان أعظم ، والمستقبل سيكشف المزيد من هذه الجبال . دخلنا أنفاق الفضائح والنكات والحكايات والقصص العجيبة الغريبة ، الشعوب التي ثارت ووزعت الأمل على باقي الشعوب العربية تكشف أوراق حكامها على الملأ ، أوراق متسخة بالفساد والنهش والاستخفاف والتجاهل ، وأنظمة سياسية تمادت في طغيانها حتى النخاع وكونت طبقة في النخاع وظيفتها تراقب مقدرات الشعب وما أن تلوح بارقة مصلحة حتى تسرع في الانقضاض . لكن من بين جبال الفساد العالية ، الواقفة بين الطبقة والطبقة والوزير والوزير والمسؤول والابن والزوجة والحفيد ووو .. يتسلل الضحك ، لم يستول الثوار على الميدان وقرروا التغير فقط ، بل استولوا على مدن الضحك والسخرية ، ففتحوا الأبواب والنوافذ والفضاء . لأول مرة في تاريخ الشعوب تزين الدماء ببريق النكات ، وترافق التمرد والرفض والمظاهرات ، النكات العابرة ، لكنها مؤلمة تسجل التاريخ بلهجة جديدة . التاريخ مليء بصور الثورات والتي غالباً ما تكون مغلفة بالحزن والدم والضحايا لكن الثورات العربية 2011 حملت النكات بدون حدود ، وكسرت الحواجز ، وتحولت النكات الى مسابقات بين الشعوب ، من نكته أفضل الشعب التونسي ام الشعب المصري ؟ أم نكات الرئيس الليبي معمر القذافي تفوقت على الجميع ، والتي كانت رمية بلا رام ، خطب مرتجلة تحولت الى عناوين تهز الثقة وتسخر من هذه القيادة التي لا نعرف كيف ستنتهي ... فتمسك الرئيس الليبي بمنصبه رغم أعداد القتلى والدماء النازفة وظهور ابنه - الجنرال الوريث - سيف الاسلام بشكل دائم ، في الوقت الذي اختفت فيه الوجوه القريبة من النظام ، وضع العنوان الذي لطالما رفضه التاريخ : قرون في رؤوس في وجوه صلاب في صلاب في صلاب هذه هي الصورة الليبية التي ترفع الأدرينالين في الدم ، خطابته التي تحولت الى نكات و أغان وحكايات نخجل من سردها . وكأن الرئيس اصبح مسخاً او كراكوزاً ، وايضاً لم يرتدع عن كذبه الإعلامي وعمل حسب شعار جوبلز وزير الاعلام في حكومة هتلر ( اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون ، وواصل المزيد من الكذب حتى تصدق نفسك ) . إن رؤوس الجبال الجليدية تكشف عن الكثير منها :- فنون الرشوة ، النظريات والتطبيق في حكم مبارك وزين العابدين والقذافي ، فن الحكم في التضيق والكتم والخنق ، فوائد اللصوص واحكام الكابوس ، العهر والسياسة في الحكم والرئاسة ، بلوغ الأرب في طأطأة العرب . كانت الشعوب قديماً تحتفظ بالمخطوطات التي تسجل تاريخها من الانتصارات الى الانكسارات والانجازات والبطولات والاختراعات ..الخ لكن نحن في هذا العصر سنحتفظ بالنكات الساخرة عن الأنظمة المارقة للأجيال القادمة ، فالنكات ستعطي الصورة الواضحة للحالة الصعبة التي كان يعيش فيها المواطن العربي ، والعلاقة بين الراكب والمركوب ، بين الضحية والسكين ، إنها النكات التي كشفت عن حقيقة الوضع السياسي الذي كان أوهى من بيوت العناكب ...!!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل