المحتوى الرئيسى

الفلسطينيون والمعسل العربي المغشوش بقلم فرج العكلوك

03/08 17:02

بقلم فرج العكلوك وقعت مصر في عهد عبد الناصر على بروتوكول معاملة اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية معاملة المواطن في بلد اللجوء وهو عبارة عن قرار صادر عن جامعة الدول العربية رقم 462 بتاريخ 23/9/1952 والذي أقر حق اللاجئين الفلسطينيين في جميع الدول العربية بحق العمل والاستخدام أسوة بمواطني هذه الأقطار. وفي مصر على وجه الخصوص أصدرت الجهات الرسمية المصرية القانون المصري رقم 66 لسنة 1962 والذي صدر عام 1962 والقاضي بتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في مصر في وظائف الدولة والمؤسسات العامة وتبع هذا القرار قرار آخر لوزير العمل المصري في عام 1963 والذي أعفى بموجبه اللاجئ الفلسطيني في مصر من الحصول على ترخيص عمل. وكنتيجة لهذه التشريعات اندفع الآلاف من الطلبة الفلسطينيين للدراسة في الجامعات المصرية والتي خرجت الآلاف منهم في عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين حيث درست الأغلبية العظمى منهم الطب والهندسة ولم يقتصر الأمر على اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة فقط حيث التحق بجامعات مصر كثير من اللاجئين المقيمين في سوريا ولبنان والضفة الغربية. كان اصطلاح الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين حينها يشمل كل من مصر وسوريا والأردن ولبنان. وفي سياق البحث في قرار جامعة الدول العربية رقم 462 بتاريخ 23/9/ 1952 نجد أن دولاً عربية منتجة للنفط وقليلة السكان نسبياً في ذلك الوقت أبدت موقفاً متحفظاً إزاء الدعوة إلى معاملة اللاجئين الفلسطينيين معاملة مواطنيها من الناحية الوظيفية ومن ناحية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية فنجد مثلاً أن ليبيا الملكية قد صادقت على بروتوكول الدار البيضاء لكنها تحفظت على مادته الأولى والتي رأت أنها لا تستطيع من خلاله إعطاء الفلسطينيين المقيمين فيها نفس حقوق الليبيين. أما المملكة العربية السعودية فقد رفضت وبشكل كلي التوقيع على بروتوكول الدار البيضاء معتبرة أن العمالة الفلسطينية لديها ستبقى كغيرها من العمالة الأجنبية التي سيكون لزاماً عليها العودة إلى بلد اللجوء بمجرد الاستغناء عن خدماتها. لكن ومع ذلك فإنه جدير بالقول أن المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج العربي كانوا قد وفروا كثيراً من القوانين التي ساعدت اللاجئين الفلسطينيين للاستقرار في تلك الدول حتى نهاية فترة السبعينيات وهي الفترة التي بدأ فيه النضال الفلسطيني يأخذ منحناً جديداً وما شاب فترة الثمانينيات والتسعينيات من خلافات سياسية عديدة بين كثير من الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية. لعبت حركة التحرر الوطني الفلسطيني والتي قادتها في البداية حركة فتح ومن ثم منظمة التحرير الفلسطينية بأعضائها دوراً هاماً في توفير الإطار القانوني والسياسي للشعب الفلسطيني وعزز ذلك من إحساسه بهويته الوطنية واستقلالية قراره الوطني. وكنتيجة لهذه التطورات قامت منظمة التحرير الفلسطينية بطرح مشروع إصدار جواز سفر فلسطيني وطرحت المشروع على الجامعة العربية سنة 1977 إلا أن المشروع لم ير النور بسبب عدم موافقة الدول العربية عليه. وفي نهاية السبعينيات لم يكن الأمر بحاجة إلى أكثر من أن يقوم فصيل فلسطيني منشق عن منظمة التحرير بقتل الكاتب المصري يوسف السباعي في قبرص حتى يصدر السادات أوامره بتغيير وضع الفلسطينيين في مصر من أفراد يتمتعون بجميع المزايا التي يتمتع بها المواطن المصري إلى لاجئين مغضوب عليهم ومنبوذين، وهكذا عاش عشرات الآلاف من الفلسطينيين منذ ذلك الوقت وحتى ما قبل خلع الرئيس المصري حسني مبارك في ظل قوانين مجحفة فلا كان الفلسطيني يستطيع العودة إلى أرضه ولا كانت الدولة المصرية بقيادة الحزب الوطني راغبة في إيقاف مسلسل القتل البطيء للاجئ الفلسطيني المقيم في مصر. وجاء غزو العراق للكويت وموقف منظمة التحرير الفلسطينية ليفتح جحيماً من التضييق السياسي والأمني والاقتصادي على ملايين اللاجئين في مصر ولبنان والأردن وبعض دول الخليج. لكن أكثر المواقف العربية تطرفاً حيال اللاجئين الفلسطينيين كانت قد سجلت من خلال طرد الديكتاتور الليبي معمر القذافي للاجئين الفلسطينيين المقيمين في ليبيا في صيف عام 1995 كتعبير عن عدم رضاه عن توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقات أوسلو فمات العشرات من الأطفال والرضع على الحدود المصرية الليبية وقذف العقيد بمجموعة أخرى من هؤلاء اللاجئين في سفن في عرض البحر المتوسط ظلت لا تجد لها مرسى لأيام وليال. ومع اتضاح نوايا الديكتاتور الليبي بطرد جميع الفلسطينيين تملك الخوف الحكومة اللبنانية أكثر من أي حكومة عربية أخرى فقررت وعلى وجه السرعة منع أي سفن تنقل مطرودين فلسطينيين من ليبيا ممن يحملون وثائق سفر لبنانية من دخول المرافىء اللبنانية وتم إيقاف الخط البحري بين لبنان وليبيا وأعلنت الحكومة اللبنانية عن إجراءات تحظر على جميع الفلسطينيين من حملة وثائق السفر اللبنانية دخول لبنان بدون تأشيرة مسبقة وظل المئات من الفلسطينيين ممن يحملون وثائق سفر لبنانية عالقين بعيداً عن أهلهم في لبنان حيث تصادف وجودهم خارج لبنان غداة اتخاذ الحكومة اللبنانية قرارها ومن بين هؤلاء أطفال كانوا يقومون برحلة مدرسية ونساء فلسطينيات كن يشاركن في مؤتمر المرأة العالمي والذي كان منعقداً في برلين ورجال أعمال ولم يتمكن كل هؤلاء من العودة إلى لبنان حيث ذويهم وحيث يعيشون لأسابيع عديدة ونتيجة لذلك عمت الإضرابات المخيمات الفلسطينية في لبنان وأخيراً أعلنت الحكومة اللبنانية في مطلع أكتوبر سماحها فقط للفلسطينيين الذين غادروا لبنان بعد يونيو 1995 بالعودة مسقطةً بذلك حق أولئك الذين ولدوا في لبنان وحيث ممتلكاتهم وذويهم ممن خرجوا بعد هذا التاريخ من العودة إليها وممن لم يكن لهم أي دخل بالمشكلة الليبية ولم يكونوا قادمين من ليبيا عند اندلاع الأزمة. وعند النظر إلى بروتوكول معاملة الفلسطينيين في الدول العربية والموقع استناداً إلى قرار رقم : 1946/ د 41 تاريــــــخ : 31/3/1964 فإننا نجد أن البروتوكول يحدد أنه "استناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية وملحقه الخاص بفلسطين و إلى قرار مجلس جامعة الدول العربية بشأن القضية الفلسطينية وعلى الخصوص إلى القرار الخاص بالمحافظة على الكيان الفلسطيني، فقد وافق مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في اجتماعه بالدار البيضاء يوم 10 سبتمبر ( أيلول ) لعام 1965 على الأحكام الآتية، ودعا الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ: (1) مع الاحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية يكون للفلسطينيين المقيمين حاليا في أراضي ................. الحق في العمل والاستخدام أسوة بالمواطنين. (2) يكون للفلسطينيين المقيمين حاليا في أراضي .................... ومتى اقتضت مصلحتهم ذلك، الحق في الخروج منها والعودة إليها. (3) يكون للفلسطينيين المقيمين في أراضي الدول العربية الأخرى الحق في الدخول إلى أراضي ........................... والخروج منها متى اقتضت مصلحتهم ذلك . ولا يترتب على حقهم في الدخول الحق في الإقامة إلا للمدة المرخص لهم بها وللغرض الذي دخلوا من أجله ما لم توافق السلطات المختصة على غير ذلك. (4) يمنح الفلسطينيون حالياً في أراضي ................... وكذلك من كانوا يقيمون فيها وسافروا إلى المهاجر متى رغبوا في ذلك وثائق صالحة لسفرهم، وعلى السلطات المختصة أينما وجدت صرف هذه الوثائق أو تجديدها بغير تأخير. (5) يعامل حاصلون هذه الوثيقة في أراضي دول الجامعة العربية معاملة رعايا دول الجامعة بشأن التأشيرات والإقامة. عن الأمين العام لجامعة الدول العربية تحريراً في الدار البيضاء يوم 11 سبتمبر لعام 1965 ختاماً يبدو أن العرب كانوا دوماً يصدرون قراراتهم في جلسة سمر على مقهى شعبي رئاسي أو غرزة رئاسية فلا يمكن لأي مراقب أن يفهم الأسباب الكامنة وراء تلذذ حكومات العرب منذ وفاة عبد الناصر بالتضييق على الفلسطيني في كل مكان وجعل حياته جحيماً. لكن يبدو أن المعسل العربي كان دوماً مغشوشاً فكدر أمزجة المسؤلين ولعله قدر الفلسطيني أن يدفع ثمن أخطاء مصانع المعسل العربية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل