المحتوى الرئيسى

حمى بناء دور العرض السينمائي تستشري في الصين

03/08 14:53

قبل فترة ليست بالبعيدة، عندما كان جانغ غومايو يرغب في مشاهدة فيلم، كان عليه التوجه إلى ساحة القرية. هناك كان مشغلو آلات العرض المتجولون يقيمون شاشة من القماش وتشغيل مكبرات صوت مليئة بالتشويش، وعرض فيلم رديء الصورة في الهواء الطلق. ويقول زهانغ، 47 عاما، الذي يتذكر كيف كان الدجاج يلتقط الحبوب بجوار رجله والجالسون إلى جواره يتحدثون بصوت عال: «كان علينا أن نحضر معنا مقاعدنا إذا أردنا الجلوس». لكن جانغ يرتاد، في الوقت الحاضر، مجمعا سينمائيا جديدا يضم سبع شاشات عرض، ومزودا بمقاعد فاخرة وشاشات ثلاثية الأبعاد، و«الفشار» المستورد من الولايات المتحدة. وقد ذهب مزارع الأرز مع أصدقائه لمشاهدة فيلم «إنسبشن» المرشح لجائزة الأوسكار عن أحسن تصوير، مبديا إعجابه بالمؤثرات الخاصة بأفلام الخيال العلمي، والموسيقى القوية، وأرضيات السينما النظيفة. وقال زهانغ: «كان الفيلم صعبا على الفهم، لكن السينما كانت مريحة. وكمزارع أعتقد أن دار السينما كانت بالغة الترف». هناك ملايين الأفراد عبر الصين، مثل جانغ، يخوضون تجربة دور العرض السينمائي الحديثة للمرة الأولى، حيث تحولت دور السينما المتهالكة القديمة إلى دور عرض تحتوي على أحدث التقنيات في مجال العرض السينمائي، لا في المراكز الحضرية الثرية، مثل بكين وشنغهاي، بل في مدن بعيدة أخرى، مثل شنغزهو الواقعة في وسط إقليم جانغ، التي تحولت إلى مدينة مزدحمة يقطن فيها ما يقرب من 800 ألف شخص. وقد تضاعف عدد شاشات العرض السينمائي في الصين خلال السنوات الأربع الماضية إلى أكثر من 6200 شاشة عرض، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2015. وقد سجل مبيعات التذاكر رقما قياسيا، وصل إلى 1.5 مليار دولار خلال العام الماضي، بحسب إدارة الدولة للراديو والفيلم والتلفزيون. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الصين متأخرة عن أميركا الشمالية، حيث يوجد أكثر من 40 ألف شاشة عرض، وبلغت إيرادات شباك التذاكر 10.6 مليار دولار في عام 2010. لكن على الرغم من ذلك، تأتي الصين في المرتبة الرابعة في سوق الأفلام خلف أميركا الشمالية والاتحاد الأوروبي واليابان، ومع وجود شاشة عرض واحدة لكل 220.000 مواطن، فسيكون لدى أصحاب دور العرض مساحة كبيرة للنمو. ويقول رنس بو، رئيس شركة «آرتيسان غيتواي»، للاستشارات الفنية: «صناعة السينما الصينية تنتقل من الحالة البدائية من علبتي القصدير والخيط الذي يشدهما، إلى الجيل الرابع من هواتف (آي فون) في قفزة واحدة». من بين الدوافع لبناء دور السينما جزئيا الآيديولوجية، فالحكومة الشيوعية مستثمر رئيسي في إنتاج الأفلام وتوزيعها ودور العرض السينمائي. والفيلم إحدى السبل لتعزيز تأثير الدولة على الداخل، وتصدير الثقافة الصينية للخارج. ويقول سانبينغ، مدير شركة «تشينا فيلم غروب» المملوكة للدولة: «القوة الناعمة جزء من سياسة بلادي». بيد أن المحرك الرئيسي وراء ذلك عملي، فعلى عكس الولايات المتحدة؛ حيث يمكن أن تغطي أقراص الفيديو ما يوازي 40 في المائة من عائدات الأفلام، أجبرت القرصنة شركات الإنتاج السينمائي الصينية على الاعتماد بشكل تام على عائدات شباك التذاكر. لكن تمويل المزيد من الأفلام وتحقيق المزيد من الأرباح يتطلب المزيد من شاشات العرض. أضف إلى ذلك عامل السأم، فمع ارتفاع مستوى المعيشة بالنسبة للعمال الصينيين، وازدياد وقت الفراغ لديهم، أصبحوا يبحثون عن شيء يقومون به. تتكلف تذكرة السينما العادية ما يقرب من خمسة دولارات، وهو أقل قليلا مما يتقاضاه خريجو الجامعات في اليوم الواحد. بيد أن جمهور السينما الصينية أظهروا رغبة كبيرة في دفع سعر أعلى من العادي من أجل صوت وصورة أفضل وأماكن فاخرة للخروج مع الأصدقاء. ويقول وانغ جنيجين، 24 عاما، الموظف في شركة صناعة أدوية محلية، ويجني 400 دولار شهريا، عن زيارته للمسرح ثلاث مرات خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث يشتري لصديقته تذكرة السينما والفشار وزجاجة المياه كل مرة: «لا يوجد الكثير مما يمكن القيام به هنا»، لكنه يحب المؤثرات الخاصة في سلسلة أفلام الرعب «رزيدنت إيفل: أفترلايف» من إنتاج شركة «سوني بيكتشرز». وتجتذب أفلام هوليوود الكثير من مرتادي السينما في الصين، وتستحوذ على 40 في المائة من إيرادات شباك التذاكر. وقد حقق فيلم «آفاتار» من إنتاج شركة «وارنر بروس» أعلى عائدات حققها فيلم في تاريخ الصين، حيث تجاوزت عائداته 200 مليون دولار. لكن على الرغم من ذلك، شكت شركة «موشن بيكتشرز أسوسيشن أوف أميركا» لسنوات من القيود الحكومية على عدد الأفلام الأجنبية التي تعرض في صالات العرض الصينية، والتي شجعت في المقابل على القرصنة. كما تخلت «وارنر بروس» عن مبنى المجمع السينمائي في عام 2006 عندما منعت بكين الملكية المشتركة لدور العرض من قبل الشركات الأجنبية. وقد سجلت الولايات المتحدة انتصارا عندما حكمت منظمة التجارة العالمية بأن على الصين إنهاء احتكارها في توزيع الكتب والأفلام المستوردة بحلول 19 مارس (آذار). لكن الحكم لم يأتِ على حصة استيراد الأفلام التي لا تزال كما هي حتى الآن. في هذه الأثناء، تزيد شركات الإنتاج السينمائي الصينية من بنية السينما، وتحاول تعزيز مكانة وجودة الأفلام المحلية، من أجل أن تملأ هذه المقاعد بالزبائن. يعد هذا طلبا كبيرا بالنسبة إلى صناعة إخفاقاتها تتعدى بكثير ما حققته من نجاحات. لكن حققت بعض الأفلام الصينية نجاحا محدودا العام الماضي في شباك التذاكر، مثل «دع الفراشات تطير» الذي يجمع بين الحركة والكوميديا، و«توابع الزلزال» الذي يتناول زلزال عام 1976 المدمر في تانغشان، و«إذا كنت رقم 2» وهو من أفلام الكوميديا الرومانسية. وعلى الرغم من انسحاب شركة «وارنر بروزارز» من الصين، ترى بعض شركات دور العرض الأجنبية فرصة في السوق الصينية، حيث تخطط شركة «إيماكس كوربوريشين» الكندية لزيادة تواجدها في الصين بمقدار ثلاثة أمثال، من خلال زيادة عدد دور السينما التابعة لها إلى 300 بحلول عام 2016. وتخطط شركة «لوت» الكورية الجنوبية لزيادة عدد دور العرض السينمائي التابعة لها في الصين إلى 70 دارا بحلول نهاية العام الحالي. وعلى الرغم من مساهمة الحكومة الصينية بطريقة أو أخرى في ملكية نصف دور العرض السينمائي في البلاد، فإن أكبر شركة لدور العرض السينمائي في الصين هي شركة «واندا غروب»، وهي شركة خاصة، التي ضاعفت دور العرض السينمائي التي تملكها العرض بحيث وصلت إلى 600 دار عرض منذ عام 2008. ومع تزايد المنافسة في كبرى المدن الصينية، يسعى أصحاب دور العرض السينمائي إلى السيطرة على أسواق جديدة في داخل البلاد بعيدا عن المدن الكبرى. وفي شينغزو، التي كانت مركزا للزراعة في السابق قبل أن تتحول إلى مركز صناعي، رأت السلطات المحلية أن المدينة مستعدة لأن تضم دور سينما ذات شاشات متعددة، وبعيدا عن السير في المساء والكاريوكا وألعاب الورق، لم يكن لدى العمال الكثير ليفعلوه في المدينة التي تُعرف بأنها عاصمة رابطات العنق في الصين. لذا توجهت شركة «زيجانغ فيلم»، التي يمتلكها المجلس المحلي عام 2009 إلى بان زيامينغ، أحد المديرين الشباب العاملين لديها، وكلفته بالبحث عن موقع لبناء الدار والإشراف على عملية البناء. وبدأ بان، ابن مزارعي الشاي وقصب السكر البالغ من العمر 28 عاما، حياته المهنية بالعمل كموظف عرض أفلام في خامس أكبر دار عرض سينمائي في الصين. ولدى بان، الذي تعود جذوره إلى شينغزو، شغف كبير بالأفلام حتى إنه قطع 80 ميلا ليصل إلى مدينة هانغزو السياحية لمشاهدة فيلم «أفاتار» في دار عرض سينمائي ثلاثية الأبعاد. وقال «كنت في دار العرض طوال الوقت وظللت أتخيل كم سيكون وجود دار عرض سينمائي، مثل هذه الدار في مسقط رأسي، رائعا». لقد حققت دار العرض ذات الشاشات المتعددة «شينغزو تايم موفي ورلد»، التي توجد في مركز تسوق مزدحم بالقرب من أرقى المنازل في المدينة، نجاحا كبيرا. وتم عرض أفلام، منها «قصة لعبة - الجزء الثالث» من إنتاج شركة «ديزني - بيكسار»، و«توابع الزلزال»، وكانت التذاكر تنفد في عطلات نهاية الأسبوع، بعد افتتاح الدار في الصيف. وقال وانغ جيايا، موظف بمتجر أدوات رياضية قام بزيارة دار العرض السينمائي ست مرات: «إنه أفضل من مشاهدة الأفلام على شبكة الإنترنت. لا يمكنك الاندماج في الفيلم عند مشاهدته على شاشة الكومبيوتر». * خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل