المحتوى الرئيسى

هل يعيد حل البوليس السياسي حقوق فلّة؟ بقلم:د.محجوب أحمد قاهري

03/08 14:24

مسكينة فلّة, كانت مطاردة في كل مكان, في المدارس في المكتبات, في المؤسسات في محفظات الأطفال, عند الباعة المتجولين.. ممنوعة في كل مكان.. فلّة كانت فتاة صغيرة.. صغيرة جدا.. لا تعرف الكلام.. كانت تنظر بعين موغلة في الأمل.. فلّة لم تكن مشاغبة و لا مسيّسة ولا تنتمي للقاعدة, ولا لحركات التحرر بأمريكا اللاتينية, ولا ناشطة في حركة طالبان. فلّة كانت فتاة صغيرة.. ملامحها تدل على براءة طفلة لا تفوق الخمس سنوات.. ومع ذلك فقد جيش النظام السابق بوليه السياسي لمطاردتها في كل مكان.. فلّة... لم تكن سوى صورة فتاة مرسومة على كراس وترتدي الحجاب.. لذلك أهدرت الدولة الملايين في سبيل الإيقاع بفتاة صورة.. إنها الرعب من صورة.. حقق البوليس السياسي انجازا عظيما وطارد هذا الكراس وهذه الصورة في كل مكان.. وكان شراء مثلها جريمة يعاقب عليها القانون.. بعد مداهمات ومراقبة متواصلة لمن اشترى هذا الكراس.. انه إرهابي بالضرورة ولا بد من الدليل.. والدليل حاصل لا محالة... وهذا خال صورة على كراس, فما بالك من بامرأة حقيقية ترتدي الحجاب, بالطبع إنها إرهابية ومدعمة من دول أجنبية لذلك تحدت النظام وتجاهرت بلبس هذا الممنوع المحرم.. وعلى البوليس السياسي التنكيل بها.. في بلاغ وزارة الداخلية الصادر يوم 07/03/2001 الذي يعلن عن حل إدارة الأمن الخاص والبوليس السياسي, وكان البلاغ جامدا جمود الورق.. خبر بلا معنى.. لأن المعنى الحقيقي هو محاسبة كل الذين أجرموا في حق الوطن وفي حق أبناء الوطن.. وفي المؤتمر الصحفي في نفس اليوم للوزير الأول الباجي قائد السبسي, عندما طرح عليه السؤال من طرف مراسل قناة الجزيرة, هل ستحاسبون المسئولين عن قمع الإنسان وقتله في تونس, أجاب بكل برود " سيجيبكم وزير الداخلية على هذا السؤال " ثم أردف " من ارتكب خطأ سنؤاخذه حسب القانون وبصفة فردية" وقال بأنهم أناس يقومون بعملهم وأعرف منهم الكثير.. و لا أحد يعلم هل إن السيد الوزير سيقوم بالمحاسبة لهؤلاء ردا لحقوق المضطهدين والمقموعين على طول سنوات طوال من الجمر.. أم إنها لغة الرأفة والتسامح مع مثل هؤلاء ستكون لغة الثورة التي قال "بأنه خير من يحميها".. الآلاف عذبوا وسجنوا وهجروا وقتلوا... ووقعت مطاردتهم في كل مكان.. في المساجد, في المدارس, في الكليات, في الجامعات, في المؤسسات, في الطرقات, في البيوت وحتى في غرف النوم.. السيد الوزير لم يلحقه ما لحق بهؤلاء, صحيح بأنه كان يعرف ما كان يفعل البوليس السياسي في واقع الشعب, في أجسادهم وفي عقولهم, ولكنه كان لا يدرك حجم المعاناة وحجم الألم, لا هو ولا أعضاء حكومته.. لذلك فهم لا يقدرون أهمية المطالبة بالعدالة والمحاسبة ورد الاعتبار.. صورة في كراس لم تسلم منهم.. فلّة قمعوها بأشد أنواع القمع, والتقرير السري الممضى في 04/09/2008 والصادر عن الإدارة العامة للأمن العمومي والذي يحمل عنوان " إجراء رقابة على الأدوات المدرسية الحاملة لعلامة فلة"... خير دليل على وحشية نظام مستبد قامع قاهر.. لقد طاردوا حتى الكراس فما بالك بالبشر... صحيح بان الحكومات الساقطة بعد الثورة أعطت الفرصة لرموز البوليس السياسي بتنظيف مكاتبهم وأوراقهم ومؤسساتهم.. ولكن الضحايا لا يزالون في البلد.. يبحثون عن يد رحيمة تلقي الغبار على ملفاتهم ليستردون حقوقهم من كل من أجرم في حق الشعب والوطن.. حل البوليس السياسي.. وبقى أزلامهم في أماكنهم وقد يتحولون إلى مؤسسات أخرى.. ومثلما تربوا على القمع سيخترعون قمعا من نوع آخر.. وستبقى فلّة تنظر برمق الأمل لمن نصبوا أنفسهم حماة للثورة ولم يذوقوا طعم الألم.. الدكتور محجوب أحمد قاهري

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل