المحتوى الرئيسى

نادية عمارة تكتب :بين الواجب.....والواقع

03/07 23:22

من مظاهر آيات الله-تعالى- وفضله على خلقه وعباده قوله: (......وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ –البقرة251)أي ولولا أن الله-تعالى-يدفع أهل الباطل بأهل الحق، لفسدت الأرض، و عمها الخراب،لأن أهل الفساد إذا تُركُوا من غير أن يقاوموا استطارت شرورهم،وتغلبوا على أهل الصلاح والاستقامة فما كانت لهم قامة،وتعطلت مصالح الناس،وانتشر الفساد في الأرض."فلولا" في الآية الكريمة (..وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ..)؛حرف امتناع لوجود. أي:امتناع فساد الأرض لأجل وجود دفع الناس بعضهم ببعض....فلقد كان ثوارنا الأبطال...آية الله-تعالى-لنا في دفع الشر بقوى الخير التي امتلكوها في أنفسهم وصابروا  وصبروا حتى نُصِرُوا ...وأدى الشهداء الأبرار ضريبة دفع قوى الشر بأرواحهم الزكية الخيّرة،حتى أضحى فداؤهم آية حية نابضة في كل زمان ومكان..لا يعتريها فناء...أحياء عند ربهم يرزقون....فأمسى مشهد الثوار وشهداؤهم تجلياً من تجليات الحق- سبحانه وتعالى- في إعلاء  كلمة الحق...و دَحْرِ قوى الباطل...ولكن ....من الفقه الدقيق في الحياة أن يُزَواج المرء بين الواجب والواقع،فالواجب: هو إرادة الخير عن طريق المطالب المشروعة والمحسوبة،مع القيام في ذات الوقت بما يجب للنفس والوطن.والواقع: هو كل ما يحيط بنا في هذه الحياة ويؤثر فينا؛إيجابا أو سلباً،وسواء أكان واقعا عالميا،أم إقليميا،أم محلياً،أم شخصياً...فعلى المرء أن يزاوج بين ما يجب أن يكون،مع العمل في ذات اللحظة بما ينبغي عليه القيام به،حتى لا تضييع البلاد،وينفرط العقد،وتزيغ الأبصار...فمصرنا تنزف الملايين اليومية خسائر اقتصادية،لا ينبغي حيالها أن يلهينا الأمل والواجب ،عن واقعها الذي كاد أن يكون مراً...لقد أملت علينا الثورة ضرورة استعادة الحضارة الحقيقة لمصرنا الحبيبة،ولن يتأتى هذا إلا عن طريق الارتكاز على أحد أهم ركائز الفقه الحضاري و هو؛ التحلي بالروح الإيجابية البناءة،و التي أكدتها نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة،تلك الروح التي يجب أن تسيطر على قلوب وعقول المصريين،و تُوجه التفكير والسلوك،والتي تتضح معالمها وتتمثل خطاها في الاهتمام بالعمل لا بالكلام،وبالبناء لا الهدم،وبإضاءة الشموع لا لعن الظلام.إن الذي يبحر في كتب السنة النبوية المطهرة، ليَرَى هذا التوجه واضحا برّاقاً في الأحاديث التي تُطالب بالعمل إلى آخر رمق في الحياة، ولو كانت السّاعة قائمة أو توشك أن تقوم.يقول معلم البشرية سيدنا محمد-صلى الله عليه وسلم-: { إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فَسِيلة، فإن استطاع ألا تقوم(يعنى الساعة) حتى يغرسها،فليغرسها}ما أروع الروح الإيجابية التي تتملك حروف هذا الحديث الشريف، حتى لكأنك تكاد أن تشعر في نفسك بخجل التقصير عن الواجب ،أو لوم نفسك عن كسل القيام به...،والسؤال الذي يطرح نفسه...:لماذا يغرس هذه (الشتلة) أو النخلة الصغيرة،و الساعة قائمة أو تكاد،ولن يأكل منها هو و لا أحد بعده؟؟؟فهي لا تثمر إلا بعد سنوات، والساعة قائمة!!!!إنما هذا رمز لمعنى كبير: هو قيمة العمل، و أننا نتعبد لله-تعالى- بالعمل لعمارة الأرض فالله-تعالى- يقول (...هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ..هود-61)،و أننا مستمرون في عملنا،حتى تتلفظ الحياة آخر أنفاسها.فإذا كان هذا هو المنظور الحقيقي لقيمة العمل حتى مع قيام الساعة،و لا شئ أخطر منها،فهل ستظل عجلة الحياة في مصر متوقفة حتى يهدأ أبناؤها الغاضبون ؟؟؟؟!!!!اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، يا رب العالمين....آميننادية عمارة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل