المحتوى الرئيسى

في عين الشمسحكامنا‮ .. ‬من»الكراسي‮ « ‬إلي‮ »‬المقابر‮« ‬مباشرة‮ ‬

03/07 23:19

لماذا تهتز ثوابت الدولة والمجتمع كلما انتهت فترة‮ ‬من الحكم؟‮ .. ‬ولماذا تنتهي الرئاسات العربية نهايات درامية دامية؟ولماذا يؤخذ حكامنا العرب،‮ ‬أخذ عزيز مقتدر،‮ ‬من‮ »‬الكراسي‮ « ‬إلي‮ »‬المقابر‮« ‬مباشرة‮.. ‬الخطأ في من ؟إن الشعب الذي يترك حاكمه يحكم مدي الحياة هو شعب يبدو قاصرا‮  ‬ومقصرا ويستحق ما يجري له،‮ ‬نتيجة تصديق الموروث السلبي الذي ترسخ في وجدان الأمة عبر التاريخ من قبيل‮: »‬يزع الله بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن‮« ‬و»تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع‮« ‬و»سلطان تخافه الرعية خير للرعية من سلطان يخافها‮« ‬و»من تعرض للسلطان أرداه،‮ ‬ومن تطامن له تخطاه،‮ ‬وإئا زادك السلطان إكراما فزده إعظاما،‮ ‬وإذا جعلك عبدا فاجعله ربا‮« ‬و»إذا كان الحاكم عادلا فله الأجر وعليك الشكر،‮ ‬وإذا كان جائرا فعليه الوزر وعليك الشكر‮« ‬وعلي الطريقة الحديثة يأتي توصيف الشاعر نزار قباني في إحدي قصائده السياسية المتوحشة‮:»‬فنحن شعوب من الجاهلية‮... ‬نبايع أربابنا في الصباح‮...‬ونأكلهم حين تأتي العشية‮«‬والحاكم يسكره كأس السلطة بعد دورة أو دورتين،‮ ‬فيتوهم البقاء والخلود والدوام بدون أن يدري أولا يدري فيعيث في الناس فسادا وإفسادا،‮ ‬من خلال الظواهر الثلاث‮: »‬الفرعونية‮« ‬و»الهامانية‮« ‬و»القارونية‮« ‬وحين تتحالف هذه السلطات الثلاث‮ :‬فرعون رأس السلطة السياسية،‮ ‬وهامان رأس السلطة الدينية وقارون ممثل الأغنياء بل أغني واحد فيهم،‮ ‬تتسبب في هلاك الأمم والحضارات،‮ ‬وإبادتها إما عبر التآكل الذاتي أوالقوة القاهرة،‮ ‬أوالنقمة الإلهية‮  ‬فالفرعونية نسبة الي الحاكم الفرعون وفرعون ليس اسما،‮ ‬لكنه معني مطلق يطلق عي كل حاكم مستبد يتصور أنه‮ »‬إله‮« ‬فيزعم‮ »‬أنا ربكم الأعلي«و»ما علمت لكم من إله‮ ‬غيري‮«  ‬و»ما أريكم الا ما أري،‮ ‬وما أهديكم إلا سبيل الرشاد‮« ‬غافر‮: ٩٢‬،‮ ‬والهامانية نسبة الي‮ »‬هامان«وهو رمز الكهنة الذين يزينون للحاكم‮  ‬سوء عمله،‮ ‬وهم رأس البطانة الشريرة‮ ‬،‮ ‬وهو الذي يصوغ‮ ‬نظرية المؤامرة بقلب نظام الحكم،‮ ‬والقارونية التي تشير الي ظاهرة الاستبداد الاقتصادي(وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة‮)... ‬ولا يزال بيننا في هذا العالم‮  ‬ألوف مؤلفة من‮ »‬الفراعنة والهامانات والقوارين‮« ‬ينتشرون في الأرض‮  ‬ويأخذهم الله‮  ‬بالحرب الربانية المباشرة ذلك أن المستضعفين في الأرض حين يكونون عاجزين عن أخذ حقوقهم بأيديهم فتأتيهم المساعدة من السماء بإهلاك القوم الظالمين لكن شريطة أن نساعد أنفسنا ليساعدنا الله‮.. ‬ولايزال بيننا أبو جهل وأبو لهب‮  ‬وغيرهم ممن يتزعمون العشائر والقبائل العصرية ولايبالون بالقنابل المسيلة لكبرياء النفوس الأبية،‮ ‬لكنهم لا يفقهون‮.. ‬ولايزال بيننا‮  »‬الحجاج‮« ‬الذي‮  ‬يظن‮  ‬أيضا أنه يري رؤوسا قد أينعت وحان قطافها‮ ‬،‮ ‬ويرتدي العمامة حتي نعرفه لأنه ابن جلا وطلاع الثنايا‮.‬ولا يزال فينا خلفاء القصور وما يجري في دهاليزها وأقبيتها من فتن وصراعات وقتل وتقتيل وسفك دماء ومحارم‮..  ‬ولا يزال فينا عبدة الأوثان،‮ ‬وخدام الأصنام‮ .. ‬ولا يزال صوت وصمت القبور يحكمنا‮ ..‬ومع ذلك فلا تزال شعوبنا العربية فيها النار تحت الرماد،‮ ‬وخذ المصريين مثلا أعلي فلم نتعب كمصريين،‮ ‬لكن الطريق هو الذي تعب،‮ ‬صبرنا وصابرنا ونحن في صبرنا كالجمال نشهد ونسمع ونقاسي حتي تحين اللحظة،‮ ‬وقد حانت‮ ( ‬مع‮  ‬التحفظ علي كلمة‮ »‬الجمال‮« ‬بما أثارته في مناخ ميدان التحرير من ظلال بغيضة‮) ‬فقط استعنا بالصبر الذي يبدو وكأنه‮  ‬فاق صبر أيوب،‮ ‬لكننا لم نقنط إلا قليلا،‮ ‬حتي إذا استيأسنا وظننا أننا قد‮ ‬غلبنا‮  ‬انفجر منا الهاتف الداخلي‮ ‬،‮ ‬فجاءنا نصر الله،‮ ‬وانطلق المارد في كل أرجاء مصر،‮ ‬ليخترق الحدود بشظاياه وستفعل فعلها‮..  ‬إنه الفعل‮.. ‬الفعل‮..‬الفعل‮. ‬وهو ما فعله الشعب المصري بالضبط،‮ ‬مجرد شرارة للإرادة،‮ ‬فلا‮ ‬غطاء من أسلحة ولا طائرات ولا صواريخ ولا دبابات،‮ ‬فقط كان علينا أن نهز بجذع المنظومة العتيقة المتهالكة رغم جبروتها العيني والمادي،‮ ‬وقد تحولت الهزة الي بشارة أسقطت النظام المتآكل ذاتيا،‮ ‬فكان لا بد من إشارة التقطتها جماهير الشعب،‮ ‬وتعالت الي تباشير النور والحق،‮ ‬فتتحقق مصداقية الخبر القرآني في الآية رقم‮٢٨ ‬من سورة يس‮ (‬إِنَّمَا أَمْرُهُ‮ ‬إِذَا أَرَادَ‮ ‬شَيْئًا أَنْ‮ ‬يَقُولَ‮ ‬لَهُ‮ ‬كُنْ‮ ‬فَيَكُونُ‮) ‬وقد كان‮ ‬،‮ ‬وسيكون‮. ‬وهنا يستدعي السياق تجليات الآية العظيمة‮( ‬يَا أَيُّهَا الَّذِينَ‮ ‬آَمَنُوا لِمَ‮ ‬تَقُولُونَ‮ ‬مَا لَا تَفْعَلُونَ‮ ❊ ‬كَبُرَ‮ ‬مَقْتًا عِندَ‮ ‬اللَّهِ‮ ‬أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ‮) ‬الصف:‮٢‬،‮ ٣‬،‮ ‬الفعل والقول معا ولا انفصام بينهما،‮ ‬فلا أخطر علي المجتمع في مثل هذه الظروف من مغايرة التصورات للتصديقات‮.‬نعم‮ .. ‬إن الأمان في الإيمان‮!‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل