المحتوى الرئيسى

حل أمن الدولة ومحاسبته

03/07 09:19

بقلم: ممدوح إسماعيل كان مطلب الشعب بجميع طوائفه قبل الثورة سرًّا وبعد فجر ثورة 25 يناير- حتى تاريخ كتابة المقال- جهرًا بأعلى صوت هو المطالبة بحل جهاز أمن الدولة، وقد أضيف إليه محاسبة كلِّ مَن شارك من ضباطه كبارًا وصغارًا في قتل الشعب المصري وضرب وتعذيب وقهر. هذا المطلب ليس مطلب شباب الجماعات الإسلامية فقط الذين لم يرتكبوا جريمةً، ورغم ذلك زجَّ بهم الجهاز الرهيب في السجون والمعتقلات ظلمًا وزورًا سنوات وسنوات، منهم مَن مات كمدًا ومنهم من مات مرضًا، ومنهم من مات تحت التعذيب، ومنهم من ماتت أمه أو أبوه وشُرّدت زوجته وأولاده؛ بسبب أنه يقول ربي الله لا ربي حسني مبارك. ولا هو مطلب جماعة الإخوان فقط التي لُفِّقت ضدها تحريات باطلة ظلمًا وزورًا؛ فتمَّ الزج بقياداتها وأعضائها عبر المحاكم العسكرية إلى السجون والمعتقلات. إنما نادى به شباب (الفيس بوك) الذي معظمه يسمع فقط عن جهاز إرهاب الدولة، ويرى بعينيه في الجامعة كيف يسيطر أمن الدولة على الجامعة ومنعوا كلّ كلمة وكل حركة وكل رأي يخالف حكومة الاستبداد والفساد؟ وسمع وشاهد أولئك الشباب عبر الإنترنت والفضائيات الحجم الهائل الفظيع من ممارسات جهاز إرهاب الدولة، فنادوا بحل الجهاز ومحاسبة المجرمين. وأيضًا مطلب المعيدين والمدرسين وأساتذة الجامعات الذين مُنعوا من الترقيات؛ بسبب تقارير جهاز الظلم، ومطلب آلاف المدرسين في التعليم الذين تمَّ تحويلهم إلى عمل إداري؛ بسبب تقارير جهاز رعب الدولة، وحرم التعليم من مجهودهم وإمكانياتهم التعليمية، ومطلب الأطباء والمهندسين الذين شاهدوا ممارسات الجهاز في زملائهم المعتقلين، وقام جهاز الرعب بمنع الانتخابات في نقاباتهم ومنع حريتهم في الكلمة والرأي.  ومطلب الصحفيين الذين عايشوا إملاء جهاز القهر الأخبار الكاذبة، ومنع الحقائق عن الشعب، وتعيين ماسحي أحذية أمن الدولة رؤساء تحرير فوق الأحرار والشرفاء؛ فمنعوا كلمة الحق عن الشعب، وتستَّروا على الفاسدين، وعاونوا الظالمين. وهو مطلب نصف مليون من المحامين الذين يعايشون- بحكم عملهم- ممارسات جهاز الظلم للناس، ولا يستطيعون مع جبروته وطغيانه منع الظلم ورد الحقوق إلى الناس، بل سيطر هذا الجهاز على رئاسة نقابتهم؛ فزوَّر لقلة شاذة مقاعد ومكّنهم من نقابة المحامين رغم أنف الشرفاء الكرام منهم، وهم الغالبية الكاسحة.  وهو مطلب ملايين العمال الذين ظلمهم الجهاز بتعيين اتحادات عمال خاضعة لأمره، فلم تحصل لهم على حقوقهم، بل ضيعت حقوقهم، وهدَّدتهم بالويل والثبور، إذا ما طالبوا بحقوقهم. وهو مطلب ملايين الموظفين الذين يشاهدون ما يجري من فساد في وزاراتهم وأعمالهم، ولا يستطيعون التكلم بكلمة واحدة لفضح المفسدين وكشف أوراقهم؛ بسبب الخوف من معتقلات وتعذيب أمن الدولة. وهو مطلب الفلاحين الذين ضُيِّعت حقوقهم وازدادوا فقرًا على فقر، والرعب من أمن الدولة والتعذيب في المعتقلات جعلهم خاضعين للظلم.  وهو مطلب ملايين من طلاب المدارس الذين خوَّفهم مديرو المدارس من كلمة حقٍّ على مجلة حائط؛ بسبب رعب وظلم أمن الدولة فجعلوهم بدون انتماء للوطن.  وهو مطلب السياسيين الشرفاء الذين اضطهدهم جهاز القهر، وجعل السفلة من منافقي السياسة يتصدرون المشهد السياسي كأن مصر عقمت أن تلد سياسيين أحرارًا.  صحيح أن أكثر الناس تعرضًا للظلم المباشر هم الإسلاميون الذين ذاقوا ما تقشعر منه الأبدان من التعذيب والتنكيل، وخلال الثلاثين عامًا الماضية جعلهم أمن الدولة عبرةً وقصةً يتحدث بها الناس سرًّا في قصص رعب وقهر كمثل دراكولا وفرانكشتاين. فقد قتل الكثير في الظلام بدمٍ باردٍ بالتعذيب وبالرصاص ولم يستطع أحد أن يتكلم، وأذكر أن أحد الضباط لم يستحمل هذا الظلم الواقع على الشباب المسلم، فكتب كتابه يوميات ضابط فى الأرياف رصد فيه كيف يقوم جهاز أمن الدولة بالتحكم في الضباط الأكثر رتبة وقتل الشباب المسلم بدم بارد؟ فحاكمته وزارة الداخلية بتهمة إفشاء أسرار وعزلته؟!. الحقيقة أنه رغم كلِّ ذلك فهو مطلب شعبي لا يختلف عليه إلا الكلاب الضالة.. تلك الضباع المستفيدة من القهر لغيرهم بأكل لحوم الشرفاء.  إن حلَّ الجهاز لن يؤخِّر مصر بل ستتقدم، وسيجعل الناس يشعرون أنهم أحرار في وطنهم؛ فيعملون وينتجون ويدافعون عن وطنهم، ولا يكفرون بالوطن ويهربون للخارج يلعنون اليوم الذي وُلدوا فيه في مصر بسبب أمن الدولة.  ولا يفوتنا أنه قد حدثت مظالم من ضباط في الجهاز ومن حق كلِّ مظلوم أن يعفو أو يأخذ حقه، خاصة أهل القتلى الشهداء والجرحى الذين تسبب الظلم في عاهة لهم، مَن يعوضهم؟ لذلك لا بدَّ من محاكمة عاجلة لِمَن ظلم منهم.  ويبقى أن هذا الجهاز حارب التدين والمتدينين، حارب المساجد والدعوة والدروس وحلقات القرآن والنقاب والحجاب واللحية وآخره المسلمات، فحبسهم في الأديرة فكان عاقبته ما يرى الناس الآن هم المحبوسون والشعب حر والمتدينين أحرار.  وأخيرًا لقد استطاع جهاز قهر الشعب أن يقهر الكثيرين من الناس واليوم فتحت نوافذ الحرية، واستنشق الشعب لأول مرة هواءً نظيفًا لا يوجد فيه ميكروبات أمن الدولة، فوجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي قام بدور عظيم للوطن حتى الآن أن يكمل دوره بحلّ جهاز رعب الشعب والرسالة موصولة للدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الجديد الذي أتمنى له التوفيق.  ومصر أعظم وأجمل بدون أمن دولة قهر الشعب.------------* محامٍ [email protected]   

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل