المحتوى الرئيسى

> أساليب التضليل لتشويه الثورة الشعبية

03/06 22:02

من المعروف أن الزعماء العرب ووسائل إعلامهم يعتمدون علي التضليل والأكاذيب للسيطرة علي شعوبهم، الغريب أن الأنظمة البائدة مازالت متمسكة بذات الأساليب والوسائل التي تسببت في نكبة الأوطان العربية التي عاشت دهورا ودهورا تحت نير الاستبداد والظلم وتحملت ويلات التعذيب وامتهان الكرامة. أذكر أنني كنت تلميذا في الابتدائية في حقبة الستينيات عندما قامت إسرائيل بالاعتداء علي أراضي عدة دول عربية، المثير للدهشة أن المعلومة كنا نستقيها من مصدر واحد هو صوت العرب في الإذاعة المصرية وكنا نهلل كلما استمعنا إلي البيانات التي تشير إلي انتصار المصريين في أرض المعركة التي تبين أن جيشنا علي أبواب تل أبيب بعد أن اسقطت مدفعيتنا الطائرات الإسرائيلية ولم يكن بالإمكان التأكد من صدق المعلومات التي تتساقط علي آذاننا إذ لم تكن هنالك قنوات فضائية كالسي إن إن أو الجزيرة وغيرهما لذلك أصبنا بصدمة شديدة بعد أن اكتشفنا أننا هزمنا في المعركة وفقدنا سيناء والجولان والضفة الغربية وما زاد من وطأة الصدمة هو أننا شعرنا بالخديعة. الغريب أن قنوات التليفزيون المصري وبعض الفضائيات الخاصة وحتي الصحف القومية اتبعت نفس أسلوب الستينيات في الخداع وتسفيه العقول، لقد فوجئنا بصحفية شابة جاء صوتها عبر برنامج 48 ساعة الذي يقدمه سيد علي وهناء السمري تؤكد أن ميدان مصطفي محمود بات مكتظا بمؤيدي مبارك وأن شباب 25 يناير ومجموعة «كلنا خالد سعيد» موجودون الآن معهم. وأضافت المتحدثة أن جماهير ميدان التحرير من عناصر حركة حماس وعناصر الإخوان الذين فشلوا في انتخابات مجلس الشعب 2010م وهؤلاء جميعا يهدفون إلي قلب نظام الحكم، الأخطر في حديث الفتاة أنها كانت من أعضاء تلك المجموعات الشبابية التي تلقت مساعدات أمريكية وإسرائيلية وتدريبات عسكرية علي يد الموساد لقلب نظام الحكم. من الواضح أن أرباب النظام كانوا علي ثقة أن أصابع أجنبية هي التي حركت الجماهير أو اندست وسطها لإثارة القلاقل، ما يدعو إلي الغرابة أن أحد الصحفيين أجري مداخلة تليفزيونية عبر قناة أون تي في، حيث أشار إلي أن إسرائيل وقطر تتآمران لإسقاط النظام في مصر، لعل القارئ استمع إلي حديث وزير الداخلية الجديد، حيث يؤكد أن بعض الأجانب كانوا مندسين ضمن المتظاهرين وبادروا بإطلاق النار علي الشرطة، وهذا الحديث يذكرنا بالإجابة التي أتي بها الزعيم الليبي لسؤال طرحته مراسلة الايه بي سي كريستيان امانبور حول المظاهرات التي اندلعت في بنغازي ومصراتة والمدن الليبية الأخري، لقد نفي القذافي جملة وتفصيلا جدية هذه المظاهرات قائلا: إن المتظاهرين هم عناصر من القاعدة ومن مناصري بن لادن، وكذلك تذكرنا حديث علي عبدالله صالح حين قال إن أمريكا وإسرائيل لهما دور في هذه المظاهرات. من الملاحظ أن الزعماء العرب اعتمدوا ويعتمدون علي تكنيك الإزاحة وهو أسلوب يتبع لإراحة النفس والهروب من المسئولية وتضليل الجماهير، فالرؤساء والمسئولون لا يريدون الاعتراف بالأسباب والظروف والسياسات التي أدت إلي الكوارث التي لحقت بالبلاد، لا شك أن هؤلاء المدافعين عن النظام القائم يسعون إلي خداع الشعب واللعب علي أوتار الوطنية معتقدين أن شعوبهم لا تفهم ولا تستوعب مجريات الأمور، كلنا يعرف أن الزعماء الذين يتهمون العناصر الأجنبية كانوا أكثر الزعماء التصاقا بالدول الأجنبية، فإسرائيل مثلا عبرت عن تخوفها من تغيير النظام المصري، حيث أجري رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصالات مع واشنطن لمساندة الرئيس المصري وكذلك استمعنا إلي حديث الرئيس الأمريكي في بداية الثورة، حيث أشار إلي أن النظام المصري بخير وأن الأمور مازالت مستقرة وليس هنالك ما يدعو إلي القلق، لم تغير الإدارة الأمريكية من موقفها إلا بعد أن أدركت أن الجماهير الرافضة للنظام باتت مسيطرة علي الشارع وأنها مصممة علي عدم التراجع والعودة إلي منازلهم إلا بعد اسقاط النظام. لقد اطلعت علي مستندات في موقع ويكيليكس توضح أن الأمريكيين لم يكن لديهم دراية بالنهاية المحتومة لأنظمة تعاونت معهم وحققت لهم كل أهدافهم ورعت مصالحهم في المنطقة، ففي رسالة سرية موجهة من السفارة الأمريكية في القاهرة إلي وزارة الخارجية في واشنطن أوضحت السفيرة سكوبي أن أحد قادة 6 أبريل أكد أن النظام المصري سوف يتغير تماما قبل الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2011م لكنه لم يبن كيف سيتحقق ذلك وأوضحت السفيرة أن النظام المصري مازال متماسكا، وهذه البرقية السرية تؤكد أن الأمريكيين فوجئوا بهذه الثورة الشعبية العارمة ولم يكن لهم خيار سوي الانحياز لها في النهاية. أستاذ جامعي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل