المحتوى الرئيسى

من ماليزيا بقلم:محمود زكي

03/06 16:35

كتابات من ماليزيا ....كلمات مجرد كلمات ... تحت سماء نجومها لامعة ,متألقة ,تراها عين المغترب فيستأنس برؤيتها ,كونها بمنطق عفوي فهي نفس السماء التي تري في فلسطين ... أتذكر هنا مقولة :المستأنس بالله ,يجعل الله له أنس في كل ما يحس وما يري ويسمع من محيط الطبيعة التي خلقها الله له ... والأنس دافع الاطمئنان . من وسط غابة صغيرة ,أشجارها عالية ,أوراقها جميلة خضراء ملساء, كتلك النجوم التي في السماء ,أكتب ... أضع حروفي بقلم مجروح ما زال ينزف ,ليروي صفحات دفتري المتعطشة , أجلس في وسط الغابة ,على مقعد من الأسمنت المسلح ,واضعا دفتر كلماتي على طاولة من الأسمنت أيضا ,ويا عجبا !!! كأن الطاولة بشكلها المربع ,كمكعب أسمنتي من هذا الذي يضعه المحتل لتقسيم المدن والبلدات ,والذي برؤيته نصرخ نحن الفلسطينيون ونقول هنا حاجز ! لكنني هنا لأكسر الحاجز ,حاجز الخوف والتردد ,حاجز القهر والتعنت , يخترق هدوء المكان بعض أوراق الأشجار المتساقطة وبعض أصوات الضفادع , بالقرب من مقعدي ,طريق يشق وسط الغابة ,مرصوف بطريقة متناسقة ,محاط بعشب أخضر,وكأني داخل فلم كرتون للأطفال . أنا هنا في ماليزيا ,في مدينة سايبر جايا ,رائعة ,حديثة ,وما يجمعني في لحظتي هذه بفلسطين سوا نجوم الليل والتي مازالت متألقة بدفء تحت سماء الله ,سابحة ,سائحة في فلكه ... تمر الآن الدنيا بأجناسها من الجانب الأيسر حيث الطريق المرصوف وحيث أجلس وأكتب ... فالإيرانيين والهنود والصينيين والأفارقة ,والبنغال , وأبناء البلد الأصلي من الماليه وهم معروفون باللغة المحلية ب orang asly أي شخص أصلي, هذا للدلالة على التمييز وأنهم من علية القوم ,أما الهنود الذين هنا فينقسمون لأعراق وأجناس متعددة فمنهم البنجاب وهم يتبعون ديانة السيخ , أناس قذرون لست عنصريا لقول هذا فأنا أحترم كل الأعراق , إنما اقصد بالقذارة كونهم لا يعرفون الطهارة, فهم عفنون لا يستحمون تعرفهم من عمامة الرأس المستطيلة والتي منها أيضا تعرف أنهم لا يحلقون شعورهم ,وعرق آخر هو التاميل أو تاميل لادوك , في الهند يقطنون الجنوب وهم هنا يميزون أنفسهم لأن أغلب من التقيت منهم من المسلمين وعرق آخر اسمه التلغو اصولهم في حيدر أباد والباتان في الشمال الهندي بالقرب من باكستان وأهل السند يسمون كرلا , إذا أردت الذهاب لمطعم هندي فاحذر فأى شئ تطلبه فالبهار الحارق لا يفارقه . ناهيك عن الأزبك والتركمان والطاجيك ,فجميع هؤلاء يعبرون هذا الطريق ,إنني لمست أنها مدينة فاضلة ,فالمدينة تكاد تخلو من رجال الشرطة ,لا تعرف العنف ,خالية من الانفعالات ,هنا أتوقف عند مشكلة بسيطة وقعت ما بين شاب صديق من الأزبك وما بين آخر عربي هكذا بدا المشهد... سيارة الأوزبكي ويدعي تيمور وبرفقته شابين من فلسطين ,السيارة لها الحق في السير في الشارع ,تفاجأ من يزاحمه الطريق ,أسرع بتوجيه دفة القيادة وتوقف أمام السيارة الأخري ونزل من سيارته ,وفي نيته أن يضرب صاحبها ,من خلال ملامح سائق السيارة تبين انه عربي ,فقال له تيمور بأنغليزية متينة: لو أنك لست مسلما لضربتك ,وانصرف لكن شاب آخر بجانب السائق جادله وكادت أن تقع المشكلة ,لكن الشباب الفلسطيني بادروا بنزع فتيل الأزمة ,وانحلت ,وتفرقا كل في طريقه ,وعلى باب البيت توقفت السيارة وكانت الآخري خلفها ,نزلو جميعا ,صاحب السيارة العربي المزاحم في الطريق من الكويت ,والشاب صديق الكويتي كان ايراني ... تجاوب الجميع للاعتذار والعفو ,وسعد تيمور لمعرفتي أصل الاسم الذي يحمله ,وبادرت بتحيته بالروسيه : كاك دو وا ...عندها تفاجئ وضحك أكثر ... حقا أستأنس بالعرب كالسعوديين والكويتيين واليمنيين والسودانيين والعراقيين والأردنيين ,وارتاح اكثر عندما أري فلسطيني من الضفة يمشي برفقة ابن غزة مكونا اتحادا في الهواء بعيدا عن أرض النزاعات . أرتدي في سهرتي الخاصة هذه بنطلون طويلا ,لأتجنب لدغات الحشرات ,لكن لا فائدة هنا انتشار كثيف للحشرات على الرغم من استعمال أدوات الإبادة , يدي تأخذني وتعبر بي نحو حقل من الكلمات لكن عقلي يصدر أوامره لحك قدمي نتيجة تكرار اللدغات المتزايدة . لذلك وجب الرحيل فكثرة اللدغات تجبرك على أمرين ,أحدها المواجهة ,باستخدام وسائل فتاكة ,وإلا فاختيار الأمر الآخر أفضل وهو الرحيل ومغادرة المكان سأدع المكان ,وأمضي . [email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل