المحتوى الرئيسى

إلى الشباب

03/05 22:51

بقلم: أ.د. رشاد محمد البيوميكانت رسالة إلى الشباب من أول ما قرأت من تراث الإمام الشهيد حسن البنا.. ولقد كان- ولا يزال- للشباب المكانة السامية المتميزة في الجماعة فهم الأمل وهم المستقبل وهم حملة اللواء في السراء والضراء، ولقد قالها إمامنا الشهيد: "إن أول ما ندعوكم إليه أن تؤمنوا بأنفسكم، وأن تعلموا منزلتكم، وأن توقنوا أنكم سادة الدنيا (وإن أراد بكم الخصوم الذلة) وأساتذة للعالمين (وإن ظهر عليكم غيركم بظاهرٍ من الحياة الدنيا). فجددوا- أيها الشباب- إيمانكم وجددوا غايتكم وأهدافكم، وأول القوة الإيمان وبه تتم الوحدة.. وعاقبة الوحدة النصر المؤزر المبين. يا شبابنا لقد أثبتم أنكم أشد الناس إخلاصًا لأوطانكم وتفانيًا في خدمة هذه الأوطان، واحترامًا لكل مَن يعمل لها مخلصًا، وأنكم دعاة وحدة دون تفريق عنصري بين طبقات الأمة فدينكم يحرص بدقة وعناية على احترام الرابطة الإنسانية العامة لبني الإنسان امتثالاً لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾ (الحجرات)، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (الإسراء: من الآية70)، كما وأنه قد جاء لخير الناس جميعًا ورحمةً من الله للعالمين لقد عرفتم العالم أجمع أنكم لا تعملون لحساب أحد إلا لله ، تُنكرون ذواتكم ولكن ترفعون هويتكم وتعتزون بها ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ (فصلت: من الآية 33). ويدعوني هذا أن أستعرض معكم تاريخًا ناصعًا تفتخرون به، وأحس أنكم امتداد لمَن سبقوكم بجهادهم والتزامهم. شباب الإخوان كتبوا بدمائهم الزكية تاريخًا مضيئًا لكم ولجماعتكم. أذكر لكم طرفًا من هذا التاريخ.. ففي أوائل الخمسينيات (وكان الإنجليز يحتلون وطننا الغالي) كان لا بد من مواجهة هذا الغاصب.. (وبعد أن فشل الساسة في إنهاء الاحتلال.. والذي نادى العدو بتمديده)، ونادى منادي الجهاد.. وكالعادة كان إخوانكم شباب جماعتكم أول مَن لبَّى، وتوقفت الجامعات الثلاث عن العمل (جامعة فؤاد "القاهرة"- جامعة إبراهيم "عين شمس"- جامعة فاروق "الإسكندرية"). ورصدت ميزانيات الجامعات الثلاث لمعسكرات الجهاد, وغادرت الكتائب الجهادية إلى القتال فأبلوا بلاءً حسنًا ساميًا على أثره تم جلاء الإنجليز عن مصر. وما زلتُ أذكر عمر شاهين (23 عامًا) طالبًا كلية الآداب جامعة فؤاد قسم الجغرافيا، والذي كان يقود أحد المعسكرات.. فتراه طوال الليل قائمًا بين يدي الله، داعيًا متبتلاً متوسلاً، طالبًا من الله النصر.. وطوال النهار يُرتِّب ويُنظِّم ويوجه، كان يرنو إلى الشهادة وقد نالها هو والإخوة أحمد المنيسي (24 عامًا) طالب الطب بالسنة الرابعة جامعة فؤاد، والأخ عادل غانم (18 عامًا) طالب إعدادي طب جامعة إبراهيم، وعباس الأعصر (تجارة فاروق) بعد أن توقفوا ليحموا ظهور إخوانكم وهم ينسحبون بعد أن قاموا بنسف أحد المعسكرات الإنجليزية وعادوا إلى جامعاتهم. وكان المشهد مهيبًا في جامعة (فؤاد)، وقد حمل الجثمان المرشد الأستاذ حسن الهضيبي ورئيس الجامعة عبد الوهاب مورو باشا. ويقف وائل شاهين (طالب الطب 25 عامًا حينئذٍ) شقيق الشهيد عمر شاهين ليقول لقد قدمنا في سبيل الله عُمرَ.. وسنقدم في سبيل الله عمر وعمر. وفي جامعة إبراهيم حمل الجثمان رئيس الجامعة (كامل حسين باشا) وإخوانكم، وتكرر الأمر في جامعة فاروق. أما مَن بقي في الأسر فهم إخوانكم محمد عبد الوهاب حبيب والأخ علي إبراهيم.. وقد أُفرج عنهم بعد أيام ليعودوا ويعملوا حتى آخر أيام حياتهم. وإنْ أنسَ لا أنسى الفتى المجاهد عبد الرحمن البنان الذي كان طالبًا بالجامعة، وهو الذى قام بنسف كوبري الفردان الذي كان طريقًا للإنجليز ثم قام بنسف قطار محمل بالجنود والضباط الإنجليز، وبقي عبد الرحمن؛ حيث تُوفي بعد أن قامت ثورة 25 يناير المباركة. أكملوا كتابة تاريخكم وتاريخ جماعتكم بأعمالكم السامية التي شهد لها الجميع، وكونوا عند حسن الظن بكم عند ربكم أولاً وعند إخوانكم وعند وطنكم ثانيًا، ورددوا دعاء الأجيال المسلمة على مدار التاريخ ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (الحشر: من الآية 10)، وثقوا أن الله يسدد خطاكم ولن يتركم أعمالكم.------------* نائب المرشد العام للإخوان المسلمين

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل