المحتوى الرئيسى

مختار نوح :الاخوان يجب أن يخرجوا من فقه التنظيمات السرية و '' الغلبة '' لمن سيدعمه الجيش

03/05 15:16

أجرى الحوار إمام أحمد :   مختار نوح.. قيادي بالإخوان المسلمين تم تجميد عضويته بالجماعة منذ عدة أعوام، أسس ''جبهة المعارضة'' كما يسميها الإعلام أو''تيار الإصلاح بالإخوان'' كما يحب هو أن يسميه. لديه العديد من الرؤى والأفكار والآراء بعضها وضعه في صدام مع مكتب إرشاد الجماعة، ولكن في المجمل لابد من الوقوف عندها لأنها تعكس ثقافة وخبرة سياسية امتدت عبر تاريخ طويل.تنبأ في وقتٍ سابق أن مصر تذوب شوقاً إلى ثورة شعبية، وبعد أن صدقت نبوءته يرى أن الثورة لم يكتمل نجاحها بعد، حيث وإن رحل مبارك فلايزال نظامه موجوداً، ويرى أنه لا بديل كفء حتى هذه اللحظة يستطيع أن يتولى حكم البلاد في سبتمبر المقبل، وأنه على الإخوان تطوير برنامجها والخروج من فقه التنظيمات السرية، كما شدد على ضرورة ظهور قيادات جديدة على الساحة السياسية، وكذلك عبّر عن قلقه لكيفية إدارة القوات المسلحة شئون الحكم مشيراً إلى أن التغيير لا ينبع عن عقيدة داخل الجيش وإنما غاية منه في التهدئة، فإلى نص الحوار.   قلت أنك ''غير مستريح لسير الأمور'' بعد الثورة ، ففي رأيك كيف تدار المرحلة الانتقالية بالشكل الأمثل تمهيداً لتولي نظام حكم جديد؟أعترض على مصطلح ''المرحلة الانتقالية''، فليس هناك مرحلة انتقالية حتى الآن، يجب أن نُسمّى الأشياء بمسمياتها، الموجود الآن فترة تهدئة، ولا أستبعد أن القوات المسلحة إذا لم تُرشح رئيساً فسوف تشجع رئيساً، لأنه سيصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة.   ولكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعهد بنقل السلطة لحكومة مدنية؟من يستقيل من القوات المسلحة ويترشح للرئاسة؛ أصبح رئيساً مدنياً !   أشعر أن لديك تخوف وتوقع بأن الرئيس القادم سيخرج من عباءة النظام رغم كل ما حدث؟ليس لدي توقع، ولكني غير مطمأن، لأنني دائماً تعود أن أثق في لأشياء التي ألمسها بيدي. الشعور الموجود بالشارع والشعارات التي تُردد شئ جميل، ولكن للأسف مازال نظام الرئيس مبارك باقياً رغم رحيل الرأس.هل أنت معترض على الاتجاه الذي تسير فيه البلاد، والتغيير الذي تجريه القوات المسلحة؟هناك فرق بين أن يكون التغيير الذي تجريه القوات المسلحة المصرية من أجل التهدئة، وبين أن يكون منطلقاً من عقيدة، فالتغيير المنطلق من عقيدة يلزم تضمنه إجراءات جامعة وشاملة وسريعة وفق منهج تغيير شامل.فالذي أرصده وأحلله حتى الآن يقول أن القوات المسلحة ترغب في التهدئة، فتقوم بتلبية مطالب الجماهير (عمّال على بطّال) فالذي يطلب شيئاً يأخذه، صحيح أن كل المطالب المطروحة حق، ولكن إعطائها بتلك الطريقة يدل على أن التغيير ليس عقيدة.ورب قائل يقول أن القوات المسلحة تنتظر المؤسسات الرسمية هي التي تقوم بالتغيير وتأخذ وقتها الكافي، هذا كلام خاطئ لأن التغيير لا يحتاج إلى توقيت، التغيير الذي ينبع من عقيدة يمكن أن يتم في 24 ساعة، يبدأ بتشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة تضم مائة أو خمسين شخصية من المحققين والمستشارين والخبراء بإدارة الكسب الغير مشروع، ويكون لها كل الصلاحيات، على أن تنتهى من عملها في فترة ستة أشهر مثلا، بعيداً عن إعطاء الناس قطرات، مثل منع الوزير فلان من الحركة وتقديمه إلى النيابة وحبسه على ذمة التحقيق قبل أي مظاهرة، لأن مثل هذه الأمور تدل على غياب عقيدة التغيير، وهذه مسألة تثير تخوفي كرقيب سياسي، فقد يتم التغيير فعلاً وننعم بمناخ الحريات؛ ولكنه المناخ الذي يقدموه ليهدأ الأمر ونسكت، تختلف المسألة بين الذي يصلي أمامك كي يظهر نفسه متعبداً وبين الذي يصلي عن حق، فالذي يصلي بحق لا ينتظر أن تعطيه خريطة الطريق للتطهير، بل هو الذي يأخذ البادرة.الجيش يستطيع أن يُجري تغييراً شاملاً لو قصد الإصلاح الجذري دون مخاطبة الجماهير ومحاولات تهدئتهم، فالتعديلات الوزارية تجد أنها تقوم على اختيار أسماء ترضى عنها الجماهير دون الاهتمام بمعيار الكفاءة، وكذلك اللجنة التي شُكلت لتعديل الدستور تم فيها اختيار الشخصيات لمخاطبة الجماهير من خلالها وتحديداً الإخوان المسلمين، ولكن الاختيار لم يأت بالشخصيات التي تخاطب حقيقة التعديلات الدستورية، فلم يأت بفقهاء القانون الدستوري أمثال ثروت بدوي وإبراهيم درويش، واعتمد في اللجنة على خلط بعض المتخصصين الأكفاء ببعض من يخاطب من خلالهم الجماهير.وعلى جانب آخر فيما يخص التحقيقات التي تتم، فلم تجرى تحقيقات حتى اللحظة بخصوص دماء الشهداء ولو جريمة قتل واحدة، الأمر الذي يشعرك بأن التحقيقات تتم بالطلب، وأن التغيير يأتي بالرغبة في التهدئة وليس بهدف تحقيق إصلاح شامل جذري.، ولذا فأنا غير مستريح لسير الأمور.والنقطة الأهم من ذلك أنه لا يزال هناك أشخاص ممن كانوا ينافقون الرئيس مبارك موجودون على الساحة، ويتلونون الآن وينافقون الثورة ويركبون الموجه، ويمهدون لتحويل هذه الثورة عن طريقها كأن كل الأمور أصبحت جميلة، ويكثرون من النقاش حتى تضيع القضايا، فالقضية الأساسية محددة؛ إما أن هناك عقيدة تغيير وإما أنه لا يوجد ذلك، وعقيدة التغيير تعني أن يتم التحقيق في كل شئ بداية من ثروة الرئيس السابق وأسرته وثروة وزرائه والمسؤلين، وصولاً إلى جرائم القتل، وذلك بمنهاج أولوية حتى تهدأ الناس في بيوتهم، أعطني شعوراً بأنك تغير بعقيدة؛ أعطيك هدوءاً وثقة، لكن دون ذلك أعتقد أن المسألة عبارة عن تكتيك لإراحة الناس.   إذن أنت تؤيد فكرة ''الثورة المضادة'' وأن هناك محاولات لتفتيت نتائج ثورة الشعب ؟نتائج الثورة الحالية لم تتحقق حتى نتكلم عن الثورة المضادة، الذي تحقق هو خروج الرئيس من الحكم لكن النظام ذاته لازال حياً، جهات تحقيقه مازالت كما هى، طريقة تعيين القضاء مازالت كما هى، إذا كان البعض يقول أن هذه الأمور تحتاج إلى وقت، فأنا أقول أنها لا تحتاج لأي وقت. فأن تعهد بالتحقيقات لنفس الجهات القضائية التي كانت تحفظها من قبل وتعمل بطلب النظام، فهي الآن تعمل بطلب نظام آخر لا يختلف كثيراً عن النظام السابق.فليس هناك ثورة مضادة لأنه ليس هناك ثورة من الأساس قد تحققت مطالبها، الذي تحقق مطالب كانت من الممكن أن تتحقق بدون الثورة، فالرئيس مبارك نفسه أخلى مسئوليته قبل نجاح الثورة، وكان على استعداد أن يترك الحكم بعد ستة أشهر، لكن ماذا كان يفيد أن يترك مبارك الحكم ليتولاه رئيس آخر هو صديق له يشبهه؟ الذي أجدى من ذلك هو أن الرئيس مبارك كان يبقى في الحكم مع تغيير النظام ليصبح الجميع تحت سيادة القانون.   وبعيداً عن إدارة القوات المسلحة للبلاد.. هل ترى أن الإخوان لديهم القدرة على الوصول للسلطة عبر صندوق انتخابات نزيه سواء في الانتخابات القادمة أو التي تليها؟ أعتقد أن الإخوان هي الجماعة الوحيدة التي عملت عندما أوقف النظام الآخرين، رغم أن النظام كان يتتبعهم بالسجن والتشريد إلا أنهم كانوا يعملون بصورةٍ أو أخرى، أما الأحزاب فلأنها لم تؤمن بثورة الشارع أبداً، فقد خلدت إلى الاتفاق الفوقي مع السلطات: ''أعطني قطعة وأعطيك حبي''.   وحول تأكيد الجماعة المستمر على عدم خوضها الانتخابات الرئاسية، ما تعقيبك؟هذا الأمر لا أحب الحديث فيه حتى لا أسيئ الظن بأحد، إنما أتمنى أن تكون الإخوان لديها دراسة جيدة للواقع والمستقبل قبل اتخاذ أي تصرف.   ماذا عن رأيك في بعض الأسماء المطروحة للرئاسة وعلى رأسهم الدكتور البرادعي وعمرو موسى؟فرصة البرادعي في النجاح بالانتخابات الرئاسية - إذا قرر خوضها- ستكون ضعيفة جدا في ظل وجود شخص مثل عمرو موسى والذي تذاع شعبيته بالميكرفونات، وللأسف فإن الأخير جزء من النظام السابق رغم حبي له واحترامي، ولكن النظام هو الذي عينه وزيراً للخارجية وهو الذي قدمه رئيساً للجامعة العربية وهو الذي كان يحدد له جدول الأعمال، فأنا لا أحب أن يكون الرئيس القادم جزء من النظام السابق، وكذلك البرادعي فهو جزء من النظام الدولي، ولكنه رجل أكثر قرباً إلى الاستقلالية.  وعلى كل الأحوال فمن سترشحه القوات المسلحة أو تدعمه سيكون له حظ كبير من ''القبول'' لأنها تقيم علاقة الآن مع كل التيارات وعند التصويت يظهر ذلك.   وحول شخصية كالدكتور زويل ودعم البعض له لأن يصبح رئيساً لمصر؟الذي يجيد في العلوم ليس بالشرط أن يجيد في السياسة، وعموماً المسألة سيحكمها في النهاية رأي الجماهير، والاختيار ربما لا يكون رشيداً مائة في المائة في الفترة الأولى، ولكن إذا استمر مناخ الحرية دون تدخل السلطات بصورة أو بأخرى ووسائل الإعلام، فأعتقد أن المسألة سترشد مع الوقت.فبعد رحيل مبارك أصبح الجميع يطمح في المشاركة السياسية، حتى أن كل مجموعة من الأصدقاء تقريباً يفكرون الآن في إنشاء حزب، ومناخ الحرية يجعلك تسير كما الرجل الذي يسير لأول مرة بعد أن ظل جالساً مائة سنة، هذا حال الشعب المصري الآن وطبيعي جداً أن يتعثر ويتخبط ويتلاعب به الإعلام يميناً ويسار.   وفي ظل هذه الحالة، كيف يختار الناس نظامهم القادم، خاصة مع عدم وجود البديل الجيد حسب رأيك؟أرى أن الأمر يحتاج إلى فترة تظهر فيها قيادات حقيقية للشعب غير عن تلك القيادات البعيدة عن الجماهير والتي لا تمثل ثقلاً عندهم أو محلاً للثقة، وبشرط ألا يتم تضليل الشارع من خلال وسائل الإعلام بنفس الطريقة التي كانوا يضللون بها الناس في الماضي، مع اختلاف أنهم في السابق كانوا مع مبارك والآن أصبحوا ضد مبارك، حتى أن الجماهير صارت تشاهد تسابقاً بين راكبي الموجة الذين يتنافسون في الحديث بالكلمات الذي يطرب الناس بها ولكنها لا تربي لديهم رشدا.كما أنه على النخبة دور مهم، كما الحال بالنسبة للبرلمان الشعبي، دون تسابق على حجز المقاعد، فالساحة ستكون خالية من القيادات بعد ثلاثة شهور على الأكثر، ويستطيع أي شخص الحصول على مقعد إذا اختارته الجماهير، ولكن الآن مرحلة الترشيد ونشر الوعي.   وهل تؤيد الرأي الذي ينادي بمد الفترة الحالية الانتقالية أو التي تسميها بـ''مرحلة الترشيد''، على أن يتم تأجيل الانتخابات الرئاسية لمدة عامين على سبيل المثال؟لا، لست مع تأجيل الانتخابات الرئاسية، ولكن أن تقوم النخبة ووسائل الإعلام بترشيد الأمر دون تلاعب ولا تضليل، فعلى سبيل المثال يتم الآن تقديم أحد نواب الشعب السابقين على أنه من أبطال وأنصار ثورة يناير وأنه قاهر الفساد، وتعطي له إحدى الصحف مساحة واسعة، دون أن يسأل أحد من هو هذا الرجل؟ هذا الرجل هو المسئول عن تزوير كل الانتخابات الماضية وهو الذي وقف ضد الإشراف القضائي على الانتخابات، ومشروع القانون الخاص بإلغاء الإشراف القضائي على المحليات كان مقدماً باسمه.فالحل أن تقوم النخبة بواجبها، وطالما أنها لم تقم بدورها في صناعة الثورة وإطلاقها، تقوم الآن بدور الحفاظ عليها وعدم ضياع نتائجها، أو ما يسمى بـ''ترشيد الثورة''، ولابد من الإعلان عن كل الأسماء التي أثرت في ظل هذا النظام واستغلت نفوذ، ويتم إنشاء لجان تقصي حقائق مستقلة، أو نطلبها دولياً والأمم المتحدة ترحب بذلك، فإذا كان الجيش ليس لديه الرغبة في فتح أبواب الفساد كاملة، فمن خلال منظمات مدنية وقضائية وطنية ودولية يمكننا فتح جميع الملفات والأبواب.   أخيراً.. تتوقع أن يمهد التحول الديمقراطي الطريق أمام الإخوان للوصول إلى السلطة، أم أن الديمقراطية ستجعل من الجماعة مجرد ''أقلية'' بالشارع بعد أن تدفع بالأغلبية الصامتة - التي ليس لها ميلاً للإخوان- للمشاركة في الحياة السياسية؟أميل للرأي الثاني ولكن لا أميل لأسبابه، فالانفتاح خطر على الإخوان جداً، لأن قطار الإخوان مربوط ومضبوط ومبرمج على الفقه الصيني ''فقه التنظيمات''، فالإخوان عاشت طوال عمرها تنظيماً سرياً، ولم تتوقع ثورة 25 يناير ولم تشارك فيها منذ بدايتها، وفوجئت كما فوجئ الآخرون لأنها لم تقرأ التفاصيل التي قولناه ولم تتوقع المشهد الثوري، وفجأة بعد نجاح الثورة يريدون أن يكونون حزباً، فعليهم أن يغيّروا تفاصيل ''الكتالوج'' برنامجهم الفكري، فيتقبلوا مثلاً اختلاف شاب صغير مع قادة الجماعة يقول لهم أنتم على خطأ، فيقيموا ديمقراطية داخلية بالجماعة ويعيدوا بناء آلية اتخاذ القرار.فإما أن تعيد الإخوان كتابة برنامجها الفكري وآلية اتخاذ القرار بداخلها الذي يجب أن يخرج من القاع إلى القمة، وإما أن تبقى على فقه التنظيم التي هي عليه وآلية السمع والطاعة، وهى أمور لا تناسب مناخ الحريات الديمقراطي الانفتاحي، فالإخوان إذا لم يغيرون ''الكتالوج'' الخاص بالجماعة فسوف يتعرضون لمأزق في المرحلة القادمة.   وماذا عن رأيك في الدعوة التي تخاطب الإخوان بعكس ذلك تماماً، فتقول لهم: ''التغيير قد حدث، ومن ثم عليكم أن تعودوا لنشاطكم الدعوي بعيداً عن الانخراط في الحياة السياسية''؟نحن نعرف الإخوان كسياسيين لا كرجال دعوة، حتى أنهم عندما بحثوا عن إمام في ''جمعة النصر'' لم يجدوا واحداً بينهم، وقام الشيخ القرضاوي بإمامة الجماهير، فالجماعة سياسياً لا تريد ولاتستطيع صناعة قائداً دينياً، رغم وجود بعض الأسماء الدعوية الجيدة بالجماعة.كما لا أتصور أنه بعد مشاركتهم في الثورة بشكل جيد، وعملهم السياسي على مدار أعوام، أقول لهم أدخلوا في مساكنكم وعودوا لجحوركم، فهذا أمر غير مقبول الآن خاصة بعد نجاح الثورة، ولكن مقبول أن نقول لهم رشدوا أمر الدعوة ولا تساهموا في السياسة إلا بالقدر المطلوب والقليل الذي يكفي للمارسة والمشاركة، بعيداً عن شهوة الاستحواذ التي لا نعرف تبعيتها.   وأخيراً أكد القيادي الإخواني والمفكر مختار نوح أن جماعة الإخوان المسلمين تحتاج إلى جلسات دراسة طويلة لاستيعاب هذه المرحلة، وإعادة صياغة برنامجها وإعادة توزيع النسب بين الدعوة والسياسة، والأهم من كل ذلك إعادة دراسة المستقبل.اقرأ أيضا:مقتل شخصين وحرق كنيسة ''الشهيدين'' فى خلافات عائلية بأطفيح

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل