المحتوى الرئيسى

ليبيا ثورة من نمط مختلف بقلم : محمد السودي

03/03 18:02

ليبيا ثورة من نمط مختلف !!!.. بقلم : محمد السودي يبدو ان مسألة حسم الثورة الشعبية في ليبيا لصالح الجماهير الغاضبة سيكون لها اثمان باهظة التكاليف من الضحايا الابرياء ستترك أثاراً كارثية خلال فترة طويلة من الزمن على المستوى الداخلي والإنساني بحكم التركيبة القبلية للواقع الاجتماعي في ليبيا، حيث يختلف نمط القوى المحركة للثورة الليبية كل الاختلاف عن ثورتي الشعب في تونس ومصر ليس من حيث الاهداف والمطالبات بسقوط النظام وارساء دعائم الديمقراطية الشعبية التي هي حق من حقوق الشعوب ، وإنما بالخصائص المحليّة لهذه الدول ، فقد ظهر جليا أوجـــه التشابه بين دوري الجيش التونسي والجيش المصري اللذان يلقيان الإحترام الواسع من كافة أوساط الشعب و أخذا على عاتقهما حماية الثورة ولم يتدخلا بشكل مباشر او غير مباشر في استخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين والدفاع عن النظام ، بل شكّلا عاملا مهما باتجاه التعجيل بازاحة رأس النظام باقل الخسائر الممكنة وان كان الامر غير مرئي للعيان ، وتمثل دورهما بالحفاظ على مسار الثورتين حتى تحقيق اهدافهما بالتغيير والتقليل من عمليات التخريب والتدمير للمؤسسات العامة والخاصة واحداث حالة الفوضى العامة بالرغم من حصول عمليات من هذا النوع وصفت بانها من صنع البلطجية واصحاب المصالح الخاصة اللذين تضرروا بشكل او باخر من ثورات التغيير العارمة التي لم تكن في حسبان الانظمة المتسلطة بالطريقة الشمولية التي حصلت بها ، حيث تدحرجت بشكل سريع غير مسبوق لم تترك للنظام فرصة التقاط الأنفاس وإعادة السيطرة على زمام الامور ، من خلال استبدال الحكومات وبعض الاصلاحات الدستورية وغيرها من الاجراءات الاخرى ، الامر الذي ادى الى فارق زمني كبير بين خطوات السلطة وارتفاع سقف المطالب الشعبية التي اخذت ترتفع باضطراد حتى ما بعد سقوط النظامين في تونس ومصر ، والامر مفتوح على المزيد من المطالب التي تتغير كلما تمت تلبية عدد منها ومن هذه المطالب ما يتعلق بمفردات وظيفية ومظالم وقعت على أشخاص في المؤسسات العاملين فيها ، التي لاتراعي في كثير من الاحيان العامل الزمني من اجل تنفيذ الخطوات الواجب اتخاذها ، وربما هذا ما يثير بعض التساؤلات حول وجود سقف لهذه المطالب ام انها لا تنتهي عند حدود معينة ؟ ان الثورة الشعبية الليبية التي وصلت الى مرحلة الشمولية في السابع عشر من فبراير واجهت معضلات منذ البداية تتمثل بعدم امكانية تخلي رأس النظام عن الحكم ولازال يؤكــد بأن مايجري هي مؤامرة استعمارية تستهدف ثروات ليبيا وأن الشعب يحبه ومستعد للتضحية من أجله، وهذا يعني استحالة نجاح الثورة دون حسم عسكري اي بمعنى اخر تحوّل الثورة الشعبية السلمية الى انتفاضة مسلحة تكون مستعدّة لعمليات كـرّ وفـرّ وفي هذه الحال تحتاج الثورة إلى النفس الطويل بالإضافة للعوامل اللوجستية الأخرى التي تساعدها على الصمود والإستمرار، المفارقة هنا تكمن بأن الجيش انقسم على نفسه لاسباب عديدة يدخل العامل القبلي والجهوي عاملا هاما فيها ، الأمر الذي يزيد من صعوبة الوضع المعقّد ويجعل مسار الأمور عرضة للتطورات الميدانية ! كثير من الوحدات العسكرية النظامية التحقت بصفوف الثورة مع كامل اسلحتها ومعداتها بل أصبح السلاح بأيدي المواطنين العاديين بما فيها الدبابات والعربات المدرعة والأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة ، ركيزتها الأساسية مدينة بنغازي التي تبعد عن العاصمة طرابلس حوالي الف كيلو متر ، الامر الذي يجعل الزحف الى العاصمة بعيد المنال من الناحية العملية ، ولاشك بأن النظام الليبي لديه نخبة من الوحدات تسمى بالكتائب الامنية ومجهزة بالاسلحة الحديثة والطائرات العامودية والحربية وتأتمر مباشرة من النظام وكثير من هذه الوحدات يشرف عليها ابناء القذافي ، وهناك تشكيلات اخرى من المرتزقة غير المنظمة بالإضافة إلى العصابات ومافيات الحروب التي تنهض من جحورها وتنشط بشكل كبير في مثل هذه الظروف لاحداث حالة من الرعب والفوضى بين صفوف المواطنين ، ومن اجل تأزيم الأمور باتجاه الحرب الأهلية الداخلية أقدم النظام على تسليح القبائل الموالية له بالاضافة الى اللجان الثورية التي اتخمت طيلة ألفترة الماضية من الكسب غير المشروع على حساب الغالبية العظمى من أبناء الشعب الليبي، وهو ما يوازي اصحاب النفوذ اللذين لا مصلحة لهم بالتغيير . ان اكثر ما يثير القلق في الايام القادمة تلك المحاولات الحثيثة من قبل اللذين ينفذون اجندات متعددة مرتبطة باكثر من جهة، والتي تريد اختطاف نتائج الثورات نحو الفوضى العامة وإظهارها بمظهر العصابات المنفلتة الخارجة عن القانون ،الأمر الذي يدفع باتجاه التدخل الخارجي الأمريكي والغربي على وجه الخصوص وهناك مؤشرات ودلائل على ذلك من خلال تحريك الأساطيل الحربيــة إلى البحر المتوسط بالقرب من السواحل الليبية ورسم الخطط العسكرية لغزو الأراضي الليبية تحت ذريعة إجلاء الرعايا الأجانب وإنشاء منطقة جوية محظورة على الطيران ، إن النفاق الأمريكي والغربي يثير السخط والاستياء ، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك ازدواجية المعايير لهذه الدول عند تعلق الامر بالقضايا العربية ، ولا يستطيع عاقل في الدنيا ان يفهم كيف اجتمع مجلس الامن الدولي مرتين خلال اسبوع واحد واتخذ العديد من العقوبات والإجراءات ضدّ ليبيا جاءت تحت بند الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يتيح استخدام القوة العسكرية ، يضاف اليها رزمة من العقوبات اتخذتها العديد من الدول الأوروبية بشكل منفرد ، بينما استخدمت الولايات المتحدة الامريكية حق الفيتو ضد قرار يدين الاستيطان الاسرائيلي ، مجرد إدانة، بالرغم من الاجماع الدولي الذي تحقق في مجلس الأمن للدول دائمة العضوية وحظي بإجماع أكثر من 137 دولة ايدت القرار واعتبرت ان الاستيطان بكافة اشكاله يتناقض مع القانون الدولي وفاقد للشرعية لابد من ازالته . ثمة فارق كبير بين الدعوة الى احترام ارادة الشعوب وحقها في التغيير والحرية من اجل حياة تسودها العدالة والمساواة والعيش الكريم ، وبين سلوك الغطرسة الذي تمارسه أمريكا والدول الغربية من خلال اصدار الاوامر والاملاءات التي من شأنها تشويه الصورة الناصعة لثورات الشعوب بل الاساءة الى نقائها ، واظهار الحرص المفرط على حقوق الشعوب بالحرية والديمقراطية ، يستثنى من ذلك بالطبع الحقوق الوطنية والسياســــية للشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلات العدوان منذ ما يزيد على ثلاث وستين عاما يوم وقع الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني ولازال الى يومنا هذا... إن الشعوب العربية تدرك بشكل واعي مسعى هذه الدول التي تضع قلوبها في جيوبها ولازالت تستحضر ماضيها الاستعماري للشعوب ، وتعلم أن القوى المهيمنة لا يهمها الحاكم هنا او هناك ، وإلا لماذا صمتت عقود من الزمن عن هؤلاء اللذين كانوا أقرب المقربين أليها ويحظون بكل الدعم والرعاية وتخلت عنهم غير أسفة على خدماتهم الجليلة طيلة عقود من الحكم الفاسد ؟ . ثمة اعتقاد سائد لدى بعض الزعماء العرب بكونه بعيد عما يحصل في المنطقة من متغيرات ويعتبر أنه محصن بالشعارات الثورية الممانعة ، ولكن الأمر يختلف هذه المرّة فعندما ينفرط عقد النظام القديم لن توقفة موانع اللغة البراقّــــــــة وسياسات الهروب إلى الأمام ، الثورة الوطنية الديمقراطية تستحق التضحيات من أجل غد أفضل ومستقبل واعد ...................... عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل