المحتوى الرئيسى

الراقص على الأشلاء

03/03 14:02

بقلم: خالد إبراهيميستحق المدمر القذافي لقبًا جديدًا يضاف إلى قائمة ألقابه العنترية الاستهبالية العظمى، كالقائد الأممي، وعميد الحكام العرب، وملك ملوك إفريقيا، وإمام المسلمين، وإن كان أحد يستطيع أن يشكِّك في جميع الألقاب السابقة، فإنه لا يستطيع التشكيك في اللقب الجديد الذي استحقه القذافي عن جدارة، ألا وهو لقب "الراقص على الأشلاء". أما القصة الدامية لحصوله على هذا اللقب، فتبدأ من إطلالته الهمجية لا البهية على بقية من المغفلين المأجورين المجموعين في الساحة الخضراء، وطلبه منهم أن يرقصوا وأن يغنوا. متى يرقصون؟! يرقصون في الوقت الذي يشاهد العالم كلُّه في ليبيا الجثث المتفحمة، والدماء الجارية، والحرائق المنتشرة، والبيوت المدمرة؛ نتيجة القصف بالطائرات والدبابات والمدافع، ضدَّ شعب أعزل، ثم يطلب المجرم السفاح من جنوده أن يرقصوا!. إن هذا الفعل الشنيع ليفوق ما حكى القبائل الهمجية من آكلي لحوم البشر التي سمعنا عنها من قصص الرحالة الذين جابوا المجاهل، وطالما شكك فيها كثير من العقلاء. ومع شعوري بالحزن العميق والأسى الشديد على ما يحدث لإخواننا على يدي هذا الفرعون وجنوده، فإنني لا أتمالك نفسي من شدة الضحك حين أرى هذا السفيه في أي حديث يُذاع له، أو مجرد رؤية وجهه أو ملابسه، فلا يسعني أن أقول إلا كما قال المتنبي مستهزئًا بأحد الحكام في عصره:وما طربي لما رأيتك بدعة               فقد كنت أرجو أن أراك فأطرب إن هذا الشخص المصاب بجنون العظمة، وحب الظهور، والذي بدد ثروات الشعب الليبي وأجياله القادمة، وقتل الشرفاء من أبنائه في مذابح وحشية كسجن "أبو سليم" الذي ذبح فيه بدم بارد 1200 سجين سياسي إسلامي، والذي أقدم على إعدام العشرات من جنود الجيش الشرفاء الذين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين، سيظل يذكره أبناء ليبيا والعالم أجمع، لكنهم لن يذكروه كما يذكرون الليبي عمر المختار الذي أجبر أعداءه الذين أعدموه على احترامه، بل سيذكرونه كما يذكر نيرون الذي أحرق مدينة روما. لقد عرفنا الآن كيف حكم الديكتاتور المخبول هذا الشعب الطيب، فإذا صح قول الشاعر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم      وتأتي على قدر الكرام المكارمفإنه يصح القول: على قدر الشعب الحر الأبي الذي استعصى على الاستعمار الإيطالي الغاشم، يكون الديكتاتور الدموي العميل الذي يحاول كسر إرادة هذا الشعب البطل وتحطيم عزيمته طوال أكثر من أربعين سنةً. لكن الشعب الليبي العظيم الذي طرد المحتلين الأجانب، يأبى أن يخضع لعملاء الاستعمار الجدد، ويسعى لاسترداد حريته وكرامته، والمطالبة بحقِّه في الحياة العزيزة. إن الشعوب العربية والإسلامية مطالبة بألا تنخدع مرة أخرى بالكلمات المدغدغة للمشاعر عن محاربة الإمبريالية والاستعمار ومقاومة الصهيونية، وخاصة إذا صدرت هذه الكلمات عن الذين جثموا على صدور الأوطان، ونهبوا ثرواتها، وأذاقوها من الهوان ألوانًا، وجعلوها في الدرك الأسفل من ركب الحضارة والتقدُّم. في هذه اللحظات العصيبة التي يتعرض فيها الثوار الأحرار العُزَّل المطالبين بالحرية والكرامة لأبشع المجازر الدموية بلا شفقة أو رحمة، نتوجه بالدعاء لله تعالى أن يدرك برحمته عباده في ليبيا فنقول: اللهم يا قهَّار يا جبَّار.. انصر أحفاد عمر المختار.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل