المحتوى الرئيسى

انتباهحاگموا‮ »‬أس البلاء‮«‬

03/03 09:04

لا‮ ‬يستطيع الانسان ان ينجح في القبض علي الحقيقة،‮ ‬إلا إذا وضع يده علي جوهر القضية أو المشكلة التي عليه أن يواجهها،‮ ‬بهدف تجاوزها أو عدم الوقوع في حبائلها مرة أخري‮.‬لاشك ان ثورة ‮٥٢ ‬يناير كشفت حجما من الفساد يفوق تصور أكثر الروائيين خيالاً،‮ ‬لكن التركيز يتواصل حول الوجه الاقتصادي والمالي لهذا الفساد،‮ ‬واظن ان ذلك يبعدنا عن جوهر المسألة التي نحن بصددها،‮ ‬بعد ان عانينا عقودا من الاثار المدمرة للفساد في تجلياته الاقتصادية،‮ ‬حتي تحول إلي كونه الأصل،‮ ‬وما عداه فروع سهلة الكسر،‮ ‬فمن يصمد أمام هذا الطوفان الجارف من فساد يطاول اعتي الجبال حتي يهزمها،‮ ‬فما بالنا بالشريف الذي يلتزم الاصول والقواعد والمعايير،‮ ‬ويعاني من وخز الضمير،‮ ‬ولا يقبل ما يأباه من يتمسك بلا خلاف فاذا به يقبض علي الجمر‮!‬حجر الزاوية فيما حدث،‮ ‬ليس تقصير الجهات الرقابية‮ - ‬رغم تعددها‮ - ‬ولم يكن الامر متعلقا بتعتيم اعلامي،‮ ‬فهناك صحف مستقلة وأخري معارضة جفت اقلام كتابها،‮ ‬وبعضهم كان مداد اقلامه من دمه،‮ ‬كما ان المسألة لم تكن مرهونة بقضية أمنية وحشية فثمة رجال ونساء وشباب لم يبخلوا بأحلي سنوات العمر فقضوها في السجون،‮ ‬بل ان بعضهم دفع حياته رخيصة في مواجهة من لا يرحم ولا يخشي الله‮! ‬قد يكون لكل ذلك اثره الذي يصعب إنكاره،‮ ‬لكن العقدة الرئيسية في التراجيديا التي عاشتها مصر وعاني خلالها المصريون كل الويلات حتي فقدوا الامل والقدرة علي الحلم،‮ ‬كانت تتمثل في‮ ‬غياب السياسة،‮ ‬ويرتبط بهذا الغياب الجهود الحثيثة والدؤوبة لافساد الحياة السياسية حتي النخاع‮.‬جوهر القضية التي جعلت ثلاثة عقود تضيع من حياة مصر،‮ ‬تم خلالها تجريف كل شيء من الارض الخصبة إلي الصناعة الوطنية،‮ ‬ومن الاخلاق الي الضمير،‮ ‬ومن الطاقات البشرية الي الميراث الاثري و‮...‬و‮....‬عملية التجريف تلك لم تكن لتتم لو لم ينجح الذين خطفوا مصر في وأد كل ما هو سياسي بالتغييب او الافساد‮!‬البرلمان يطبل ويزمر ولا يحاسب الحزب الحاكم،‮ ‬تحالف مافياوي بين رجال عمال وبيروقراطية وجهاز أمن القاسم المشترك بينهم الفساد والنهم والجشع والظلم،‮ ‬الاحزاب المعارضة ديكور،‮ ‬المجتمع المدني يحاول ان يكون جزءا من اللعبة بالقوانين التي حددها الفاسدون المفسدون و‮....‬و‮.... ‬ومن يقاوم فإن عليه ان يدفع الثمن ومن يرضخ فلا بأس بالقاء بعض الفتات له أسفل قدميه‮!!‬غابت السياسة وما تبقي من هياكل فارغة تم افساده وتسميمه‮!‬حرية الرأي والتعبير تحولت إلي مجرد‮ »‬هوهوة‮« ‬وحرية التنظيم باتت مهزلة في ظل ما يسمي بلجنة الاحزاب وقانونها الذي حاكه الترزية،‮ ‬حتي النقابات حاصروها،‮ ‬وكل المناصب بالتعيين من عمدة القرية الي عميد الكلية،‮ ‬ولم تنج انتخابات الاتحادات والروابط من التزوير،‮ ‬اما حق التجمع السلمي فكان مستهدفا بالقمع والاستخدام المفرط للقوة،‮ ‬فانتهي الحال الي‮ ‬غياب مشاركة المواطنين في الشئون العامة،‮ ‬وخلا الجو للقائمين علي افساد الحياة السياسية وتوالت الكوارث علي الوطن‮.‬اذا كان لمصر ان تشهد عهدا جديدا،‮ ‬ونظاما مغايرا لذلك الذي جثم علي صدرها طويلا،‮ ‬فالبداية بمحاكمة من افسدوا الحياة السياسية لانهم بمنتهي البساطة‮ ‬‮»‬أس البلاء‮«. ‬‮ ‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل